مقر السفارة الأميركية في طهران تجسيد لعقود من العداء

أ ف ب-الامة برس
2023-11-02

   ماجد علي زاده عند مقر السفارة الأميركية السابقة في طهران بتاريخ 25 تشرين الاول/أكتوبر 2023 (ا ف ب)   طهران: يمكن بسهولة التعرّف على مقر السفارة الأميركية السابق في وسط طهران بسبب الرسوم المناهضة للولايات المتحدة التي تغظي جدرانه.

ويجسّد المبنى الذي بات بعرف بمتحف "وكر الجواسيس" العداء المتجذر في العلاقات الإيرانية الأميركية التي شابتها أزمات انعدام ثقة على مدى عقود، وتشكّل الحرب الدائرة حاليا بين إسرائيل وحماس أحد تجلياتها.

يُستقبل زوار الموقع بعلم أميركي ممزّق ورسم جداري لتمثال الحرية وهي تحمّل في يدها شعلة حرية متآكلة بينما يصوّر رسم آخر وجهها على شكل جمجمة.

في الداخل، يعودالزائر بالزمن إلى لحظة سيطرة طلاب إيرانيين عليه يوم الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1979.

فالأشياء لا تزال على حالها تقريبا من أثاث ومعدات مكتبية تشمل آلات تمزيق ورق وحواسيب، ووثائق تم بذل جهود كبيرة لإعادة تشكيلها بعدما حاول موظفو السفارة على عجل التخلص منها في الساعات التي سبقت اقتحام المجمّع.

ولا تزال صورة للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر معلّقة على جدار ما كان في الماضي مكتب السفير.

احتجز الطلبة 52 موظفا في السفارة رهائن على مدى 444 يوما مطالبين واشنطن بتسليم إيران الشاه الذي كان يخضع للعلاج من مرض السرطان في الولايات المتحدة.

جاءت الأزمة بعد أقل من تسعة أشهر على إطاحة الشاه المدعوم من الولايات المتحدة وكانت "حدثا مؤسسا للجمهورية الإسلامية"، وفق ما أفاد طالب الماجستير حسين وكالة فرانس برس من أمام المتحف.

قطعت واشنطن العلاقات رسميا مع طهران في العام 1980 وهي لا تزال مجمّدة مذاك.

وقال مدير المجمّع ماجد علي زاده إن المتحف يستقبل اليوم "100 إلى 200 زائر يوميا، 70 في المئة منهم سياح".

وأضاف أن "الأجانب، خصوصا الروس والصينيون يبدون اهتماما أكبر من الإيرانيين".

وأفاد أن بعض السياح "يأتون لرؤية المكان حيث تعرّض الأميركيون للإهانة".

- توتر وعقوبات -

ولم تتعاف العلاقات بين واشنطن وطهران إطلاقا جراء هذه الأزمة.

وقال حسين "كان الثمن باهظا جدا" نظرا إلى أن "الأميركيين لم يغفروا إطلاقا ما حصل ونعيش مذاك في أجواء من التوتر والعقوبات".

ومنذ ثورة العام 1979، اعتمدت إيران على الدوام خطابا شديد اللهجة مناهضا للولايات المتحدة يشكل صلب سياستها الخارجية.

والأربعاء، أشاد المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي باقتحام السفارة قبيل حلول ذكرى مرور 44 عاما على العملية.

وقال أمام تجمّع للطلبة "دخل الطلاب إلى السفارة الأميركية واستولوا عليها وفضحوا أسرارها ووثائق سريّة. خسرت أميركا سمعتها".

وأضاف "كانت تلك ضربة سددتها الأمّة الإيرانية لأميركا".

يحتشد الإيرانيون كل عام في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر أمام المبنى للتنديد بـ"غطرسة" الولايات المتحدة التي تشير إليها الجمهورية الإسلامية باسم "الشيطان الأكبر".

وتضمن قوات البسيج التابعة للحرس الثوري أمن مقر السفارة السابقة منذ سنوات.

وتمثّل البعثة السويسرية مصالح الولايات المتحدة في إيران وقد سهّلت مؤخرا عملية تبادل سجناء تمّت بعد مفاوضات مضنية بين طهران وواشنطن.

أما في واشنطن، فتمثّل السفارة الباكستانية المصالح الإيرانية.

تخضع الجمهورية الإسلامية لعقوبات أميركية قاسية منذ انسحبت واشنطن عام 2018 من اتفاق تاريخي خفف العقوبات عن طهران في مقابل قيود على برنامجها النووي.

وزادت التوترات بين إيران والولايات المتحدة منذ هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي شنّتها حماس على إسرائيل ويقول مسؤولون إسرائيليون إنها أسفرت عن مقتل 1400 شخص. وتم احتجاز 242 آخرين رهائن في الهجوم ذاته.

أشادت إيران بهجمات حماس ووصفت القصف الإسرائيلي المكثّف على غزة بأنه "إبادة جماعية". وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس أن أكثر من 9000 شخص قتلوا في قطاع غزة.

ونددت طهران بواشنطن لدعمها إسرائيل فيما اتّهم خامنئي في 25 تشرين الأول/أكتوبر الولايات المتحدة بالتواطؤ مع "المجرمين".

بدورها، اتهمت واشنطن طهران "بتسهيل" الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية في الشرق الأوسط.

رغم العداء المتواصل منذ 50 عاما تقريبا، رأى مدير المتحف علي زاده أن إعادة فتح السفارة أمر ممكن "إذا قبلت الولايات المتحدة واحترمت موقع إيران في المنطقة".

وأضاف أنه عموما، "لم تكن لدى الإيرانيين يوما أي مشاكل شخصية مع الأميركيين".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي