واشنطن بوست: زيلينسكي يخسر أصدقاء في العالم العربي لخطابه المقارب بين "حماس" وروسيا وتجاهله المدنيين

2023-10-30

الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي (ا ف ب)نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً أعدّته إيسوبل كوشيو حول الموقف الأوكراني الداعم للجانب الإسرائيلي في الحرب ضد “حماس” وغزة. وقالت إن رد الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي المباشر والقوي الداعم لإسرائيل في الحرب ضد “حماس” عرّضَ للخطر جهود عام تقريباً من كييف كي تحشد دعم الدول العربية والمسلمة في حربها ضد روسيا.

وأضافت الصحيفة أن بيانات زيلينسكي الأولى، بعد الهجوم المفاجئ لـ “حماس”، والذي قتل فيه أكثر من 1.400 إسرائيلي، ساعدً أوكرانيا على البقاء في مركز الصورة الدولية، وإلى جانب الولايات المتحدة. وأثار موقف زيلينسكي الانتباه للعلاقة المتزايدة بين روسيا وإيران، والتي تعتبر أهم راع لحركة “حماس”، والمزوّد المهم للمسيّرات إلى موسكو.

وفي خطاب ألقاه زيلينسكي أمام الجمعية البرلمانية لحلف الناتو، قال فيه إن “حماس” وروسيا “هما نفس الشر، والفرق الوحيد بينهما أن هناك منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، وهنا دولة إرهابية هاجمت أوكرانيا”.

 ومع دخول العملية العسكرية أسبوعها الرابع وزيادة القتلى المدنيين الفلسطينيين، فإن الحرب في غزة باتت تمثل واحدة من أكثر الامتحانات الدبلوماسية لأوكرانيا، منذ الغزو الروسي، في شباط/فبراير 2022.

فدول كتركيا والسعودية وقطر، والتي قدمت في مرحلة، دعماً مهماً لأوكرانيا، اتهمت الغرب بالمعايير المزدوجة في غزة، وألمحت إلى شجبه الواسع للقتلى المدنيين في أوكرانيا مقارنةً مع صمته عن انتقاد إسرائيل.

وتقول الصحيفة إن التوتر مع الدول العربية والمسلمة هو واحد من المخاطر التي تواجه أوكرانيا، ويجب عليها القبول بانحراف انتباه العالم عنها، والتركيز على الحرب في الشرق الأوسط.

وكذا التنافس في الحصول على الدعم العسكري الأمريكي، في وقت انتخب فيه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون مايك جونسون، الذي يعارض إرسال مزيد من الأسلحة لأوكرانيا.

وقال بعض الخبراء إن إسرائيل كانت واضحة في أنها لن تقابل الدعم الأوكراني لها بدعم عسكري كبير. وقالت رندا سليم، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن إسرائيل لا خيار لها إلا الحفاظ على علاقات مع موسكو، وذلك لأن روسيا تسيطر على سوريا، وأشارت إلى أن إسرائيل رفضت زيارة زيلينسكي بعد هجمات “حماس”. وقالت سليم إن الموقف الداعم من زيلنيسكي لإسرائيل “لا معنى له”، مضيفة أن الكثير من الدول العربية والمسلمة يرى تشابهاً بين إسرائيل وروسيا من ناحية القسوة العسكرية، أكثر مما يرى تشابهاً بين إسرائيل وأوكرانيا.

وقالت: “هذا هو موقف المنطقة العربية، فلن يقبلوا مقارنة بايدن بين روسيا و”حماس”، بل هم يقارنون روسيا مع إسرائيل في ما يتعلق بحصيلة القتلى واستهداف المدنيين”.

 وربما حصل زيلينسكي على أصدقاء، كما تقول، لو “كان مستعداً  للقول إن ما تقوم به روسيا بأوكرانيا يشبه ما تفعله إسرائيل في غزة” و “لا أرى أن أوكرانيا مستعدة لقول هذا أو لديها الإرادة لعمله”.

وفي الوقت الذي لم يسارع فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في البداية، بتقديم التعازي لإسرائيل والشجب لـ “حماس”، فإن زيلينسكي كان بطيئاً في الحديث عن الحاجة لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة، في الوقت الذي زادت فيه إسرائيل من هجماتها الانتقامية على القطاع.

وعندما وصلت أخبار هجوم “حماس”، قارَنَ زيلينسكي وفريقه هجوم “حماس” بروسيا، وقالوا إن الأوكرانيين لديهم “فهم خاص بما يحدث” للإسرائيليين. ولم يلمح زيلينسكي، إلا بعد عشرة أيام، إلى القصف الجوي، وقال إن هناك حاجة لحماية المدنيين وخفض التوتر. لكن زيلينسكي ابتعد بوضوح عن نقد الغارات الإسرائيلية، رغم مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، و21 أوكرانياً على الأقل.

وأصدر وزيرا الخارجية التركي والقطري بياناً مشتركاً حول ازدواجية الغرب المزعومة، مع أن تركيا وقطر لعبتا دوراً مهماً في المفاوضات لتبادل الأسرى الأوكرانيين، ورفع الحظر عن تصدير القمح الأوكراني. وقال الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر: “ليس مقبولاً شجب مقتل المدنيين في سياق، وتبريره في سياق  آخر”.

وتحدث وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، عن فشل الغرب في شجب القتل بغزة، وأنه يمثل معايير مزدوجة.

وفي مقابلة مع شبكة “سي أن أن”، وجّهت ملكة الأردن، رانيا، نقداً حاداً: “هل قيل لنا إن من الخطأ قتل عائلة، كل العائلة، تحت تهديد السلاح، ولكن من المسموح قصفهم حتى الموت؟”.

وقال خبراء آخرون إن جهود زيلينسكي للمقارنة لن يتردد صداها في الدول العربية. وقال كريستين أولرتشن، من جامعة رايس: “لم تكن أوكرانيا أبداً في المقدمة” من اهتمامات العالم العربي. وهو “نزاع لا يهمهم”. وأضاف أن “إسرائيل تستهلك نطاق اهتمامهم لدرجة أنني لا أعتقد أن أحداً في الشرق الأوسط يفكر حقيقة بأوكرانيا الآن”.

وستعقد أوكرانيا، هذا الأسبوع، الجولة الثالثة من المحادثات الهادفة إلى تقوية الدعم الدولي لـ “خطة السلام” الداعية للخروج الروسي من طرف واحد من الأراضي الأوكرانية المحتلة، وإعادة السيادة الكاملة للأراضي الأوكرانية.

وعلى خلاف الجولة التي استضافتها السعودية، في جدة بآب/أغسطس، وشارك فيها معظم الدول الكبرى، فليس من الواضح إن كانت ستحضر الجولة الثالثة بمالطا. واتصل زيلينسكي مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وفي البيان الرسمي لم تذكر جولة مالطا، أو أي دعم جديد لأوكرانيا. ولن تحضر الصين التي دعت، مثل روسيا، إلى إحياء خيار حل الدولتين، مؤتمر مالطا، رغم ما أوردته بلومبيرغ.

وكانت تركيا تخطط لإرسال وفد إلى مالطا، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدثَ، في الأيام الأخيرة، وبقوة ضد إسرائيل، ووَصَفَ “حماس” بحركة المقاومة، في تناقض تام مع موقف زيلينسكي.

 ومع زيادة الهجمات الروسية، لا تستطيع أوكرانيا خسارة أي صديق، وبخاصة أن الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي يعارضون زيادة الدعم لكييف. واقترح بايدن ميزانية بـ 60 مليار دولار لأوكرانيا، ولكنه رَبَطَ الحرب في أوكرانيا بحملة إسرائيل ضد غزة وحماية الحدود الأمريكية. ولكن على البيت الأبيض التعامل مع جونسون، رئيس الكونغرس الجديد الذي صوّتَ، وبشكل مستمر، ضد مساعدات إضافية، وأخبرَ “فوكس نيوز” أنه ينوي الفصل بين الدعم لأوكرانيا عن الدعم لإسرائيل. وقال جونسون إنه لن يتخلى عن أوكرانيا، لكنه تساءل عن الهدف النهائي لأمريكا.

وفي الوقت نفسه، يحاول فيكتور أوربان، رئيس وزراء هنغاريا، الذي التقى مع بوتين على هامش مؤتمر في الصين، إفشال مقترح مساعدة بـ 50 مليار دولار لأوكرانيا من الاتحاد الأوروبي. وسيتم طرح المشروع للتصويت، في كانون الأول/ديسمبر، كجزء من ميزانية الاتحاد من 2023- 2027، وتحتاج لموافقة كل الأعضاء الـ 27 في الاتحاد.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي