اسرائيل تشبه حماس ب"داعش" في إطار حملة دولية واسعة لإدانة الحركة

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-28

صورة ملتقطة في 15 حزيران/يونيو 2023 تظهر ظلال زائرين بجوار شعار شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة غوغل (ا ف ب)

إلى جانب قصفها المكثف على قطاع غزة، تشن اسرائيل حملة دولية شرسة وواسعة لإدانة هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مستخدمة كل الوسائل الممكنة من شاشة التلفزيون إلى ألعاب الفيديو وصفحات الانترنت.

وعبر هذه الوسائل التكنولوجية، تظهر حينا جدة تبكي أو حينا آخر رجل إنقاذ يصف الأهوال أو جثة رجل..

وفي مقطع الفيديو الذي حصل على أكبر عدد من التعليقات، لجأت إسرائيل إلى تقنيات الرسوم المتحركة إذ يقفز حصان وحيد قرن وسط أقواس قزح ثم تغزو الشاشة أحرف كبيرة سوداء تقول "كما تقومون بكل شيء لحماية طفلك، سنقوم كل شيء لحماية أطفالنا".

على صفحة وزارة الخارجية الإسرائيلية على يوتيوب، نُشر حوالى أربعين مقطع فيديو قصيرًا منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر. 

وقُتل 1400 شخص على الجانب الإسرائيلي معظمهم من المدنيين في الهجوم غير المسبوق الذين شنته حماس داخل أراضي الدولة العبرية على ما تفيد السلطات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين شنت إسرائيل حملة قصف مكثفة على قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من سبعة آلاف شخص بينهم نحو ثلاثة آلاف طفل، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس. 

ويبث عدد من هذه المقاطع الاسرائيلية المترجمة إلى اللغة الإنكليزية، كإعلانات تقطع المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي أو المواقع التقليدية أو حتى تطبيقات الألعاب.

وفي ختام كل تسجيل يظهر وسم  من قبيل "حماس=داعش" (HamasIsIsis#) (أو حماس هي تنظيم الدولة الاسلامية)، و"أعيدوهم إلى ديارهم" (BringThemHome#) في إشارة إلى أكثر من مئتي رهينة تحتجزهم حماس، أو "قفوا مع إسرائيل، قفوا مع الإنسانية".

ويصعب تحمل بعض هذه المقاطع. ففي واحد منها يظهر طبيب شرعي منهارا وهو يتحدث عن جثث إسرائيليين عثر عليها "موحدة، تعانق بعضها البعض، بينما كان يجري إحراقهم". ويتضمن مقطع آخر تعليقات على صور لجثة طفل متفحمة. 

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن هذه الصورة بالتحديد، قالت مجموعة غوغل إنها حجبتها الأربعاء عن القاصرين. وأوضحت أنه بات المستخدم يُنبه مسبقا عن "المحتوى التالي الذي قد يتضمن صورا عنيفة".

مع ذلك، ما زال تسجيل الطبيب الشرعي أمام جذع شخص بالغ محترق صور وجهه المشوه عن قرب متاحا للجميع على الرغم من قواعد المجموعة الرقمية العملاقة التي تحظر "الصور القاسية (أو) تلك التي تحوي مشاهد صادمة لإصابات جسدية".

1,1 مليار مشاهدة

قال الدبلوماسي الاسرائيلي إيمانويل نحشون ردا على سؤال لوكالة فرانس برس "في جميع أنحاء العالم، نريد أن نوضح أن الأعمال التي ارتكبها إرهابيو حماس تعادل الأعمال التي يرتكبها  الدولة الإسلامية (...) وأن مصير حماس سيكون مصير داعش، أي تدميرها بشكل كامل وشامل".

وكان تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي سيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق في 2014، ومني بهزائم متتالية في مواجهة تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، إلى أن خسر كل أراضيه في 2019. 

وقال نحشون "هذه هي طريقة التواصل في 2023". ونحشون هو مساعد مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية التي يتلخص "عملها الأساسي" منذ سنوات بالتركيز "بدرجة أقل على وسائل الإعلام التقليدية وبدرجة أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي".

وأكد المسؤول الاسرائيلي أنه بفضل بهذه الحملة "تجاوزنا المليار مشاهدة"، في مقابل استثمار متواضع، على حد تعبيره يبلغ "بضع مئات الآلاف من الدولارات". 

وهذه الأرقام أكدتها جزئيًا شركة التسويق الرقمي "سيمروش" (Semrush)، التي رصدت خوارزمياتها 1,1 مليار مشاهدة في حوالى ثلاثين دولة، لكن في مقابل 8,5 ملايين دولار دفعتها إسرائيل. 

وتوزع أكثر من 95 بالمئة من الجهد الإسرائيلي الدولي على ثلاث دول هي فرنسا حيث تعيش أكبر جاليتين يهودية وعربية مسلمة في أوروبا (4,6 ملايين دولار) ثم ألمانيا (2,4 مليون دولار) والمملكة المتحدة (1,2 مليون دولار)، بحسب "سيمروش".

وسجلت في الدول الثلاث 96 بالمئة من المشاهدات في الفترة الممتدة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر إلى 23 منه، على ما ذكر المصدر نفسه. 

لكن الكثير من الباحثين يرفضون المقارنة بين حماس وتنظيم الدولة الإسلامية.

ويرى أيمن التميمي الخبير في شؤون الجماعات الجهادية في مركز "ميدل إيست فوروم فيلادلفيا"، أن "هذا خطأ"، مذكرا بأن تنظيم الدولة الإسلامية يعتبر حماس "مرتدة" لأنها "لا تطبق الشريعة الإسلامية بشكل صحيح" ولا تريد إقامة "خلافة عالمية".

كذلك، يشير إلى أن حماس قمعت مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في غزة.

صور لا تحتمل

وترى ستيفاني لامي المتخصصة في استراتيجيات الاتصال في زمن الحرب أن حملة التاثير الإسرائيلية، المبتكرة على مستوى دولة بشكلها ومضمونها، تندرج في إطار "هدف واحد" هو تبرير "حق إسرائيل في الرد" في غزة "لا بل ضمان إفلاتها من العقاب في حال انتهاكها القانون الدولي". 

وأضافت أنه خلافا للنزاع الأوكراني حيث تم الكشف تدريجاً عن فظائع المجازر الروسية في بوتشا في ربيع 2022 "بواسطة الصحافة"، تخوض إسرائيل وحماس الآن "صراعهما السياسي" عبر الإنترنت و"بشكل شبه متزامن".

وتبقى إمكانات التواصل المباشر المتاحة لحماس محدودة مقارنة بتلك التي تملكها إسرائيل، إذ إن هذه الحركة مصنفة "منظمة إرهابية" من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتم حظرها على فيسبوك وإنستغرام وتيك توك ويوتيوب وإكس (تويتر سابقا). 

حتى الأسبوع الحالي، كانت لدى حماس قنوات رسمية على تطبيق تلغرام تبث صورًا وفيرة للضحايا والدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في غزة، إلى جانب لقطات مصورة لهجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي صورها بعض مقاتليها ورسائل معادية لإسرائيل. وتم تعطيل هذه القنوات في الأيام الأخيرة على نظام أندرويد.

وارتفع عدد متابعي قناة "غزة الآن" المؤيدة لحماس على تلغرام من 350 ألف مشترك إلى أكثر من مليون منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حسب أرقام نشرها "مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي" (ديجيتال فورنسيك ريسيرتش لاب) التابع لمركز الأبحاث الأميركي "اتلانتيك كاونسل".

ويرى البروفسور أرنو ميرسييه أن حماس تريد من خلال إظهار الضحايا المدنيين في غزة "تعزيز تضامن الرأي العام العربي والإسلامي، المتعاطف مع القضية الفلسطينية".

ويضيف هذا الخبير في المعلومات أن اسرائيل تسعى من جهتها إلى "إحداث صدمة عاطفية" و"صدمة تثير تعاطفا" لمصلحتها في الغرب.

ويشير إلى أن هذه الطريقة "محفوفة بالمخاطر (...) وقد تؤدي إلى نتائج عكسية"، لا سيما في مواجهة جمهور "لم يطلب تعريضه لصور لا تحتمل".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي