واشنطن بوست: في غزة.. الولايات المتحدة والغرب فقدا أخلاقيتهما بشأن أوكرانيا ولن يصدقهما عالم الجنوب أبدا  

2023-10-23

 

يعترف السياسيون والدبلوماسيون بالحالة المحفوفة بالمخاطر، ولكنهم لا يتوصلون جميعا للنتائج كما فعل البيت الأبيض (أ ف ب)نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لإيشان ثارور، قال فيه إن قصف إسرائيل لغزة يقوض الموقف الأخلاقي بشأن أوكرانيا.

وفي السياق، قال الكاتب إن الرئيس جو بايدن ألقى الأسبوع الماضي، خطابا عاطفيا ربط فيه بين النزاعين في أوكرانيا وإسرائيل. وقال إن النظام الديكتاتوري في روسيا، والجماعة الإسلامية المتشددة “حماس”، “يمثلان تهديدات مختلفة لكنهما يشتركان في شيء واحد: كلاهما يريدان إبادة ديمقراطية جارة”.

وأكد بايدن أن توسيع الدعم لكييف من أجل هزيمة الغزو الروسي، وحملة إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة هي ضرورية. لافتا أن إظهار قيادة أمريكا للدول الأخرى، تعني أنها هي من تحافظ على وحدة العالم.

وجاءت تعليقات الرئيس الأمريكي قبل الكشف عن مشروع مساعدات بـ106 مليارات دولار كنفقات دفاعية لأوكرانيا وإسرائيل. وقال إن العالم يقف عند “نقطة انعطاف في التاريخ” حيث ستغير  قرارات القيادات العالمية “المستقبل لعقود قادمة”.

ويعترف السياسيون والدبلوماسيون بالحالة المحفوفة بالمخاطر، ولكنهم لا يتوصلون جميعا للنتائج كما فعل البيت الأبيض. ويرى البعض أن أمريكا تعطي ضوءا أخضر لإسرائيل في غزة، ويتساءلون عن المعايير المزدوجة في الخطاب الذي يقدمه بايدن ولا يمكنه التستر عليه.

وكان هناك غضب وقرف عام من هجمات حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، الذي اعتبر الأكثر الأيام دموية في تاريخ الدولة اليهودية. إلا أن 16 يوما من العدوان الإسرائيلي الانتقامي ضد غزة، أدت لمقتل أكثر من 4651 فلسطينيا بينهم نحو 2000 طفل. وتم تدمير أحياء بكاملها في المنطقة المكتظة بالسكان، وتهجير مليون شخص وخلق أزمة إنسانية تتحرك من سيئ لأسوأ، حيث لم يعد الوقود متوفرا. وأدى الطلب الإسرائيلي لسكان غزة بالتهجير الجماعي لزيادة منظور التطهير العرقي.

وفي يوم الأربعاء، وقبل خطاب بايدن، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لإطلاق النار على مسودة قرار صيغ بطريقة لطيفة بمجلس الأمن وتقدمت به البرازيل يدعو إلى وقف إطلاق النار من أجل السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة. وكانت “لا” الوحيدة على الطاولة،  ضد قرار وافقت دول حليفة مثل فرنسا عليه.

ويعلق الكاتب أن واشنطن طالما حمت إسرائيل من الشجب في الأمم المتحدة، لكن السابقة الأخيرة في توبيخها روسيا على نفس المنبر، يجعل من اللحظة الأخيرة أوضح. فقد شجب المسؤولون الأمريكيون والغربيون الغزو الروسي لأوكرانيا، واعتبروه خرقا للقانون الدولي وانتهاكا لمبادئ الأمم المتحدة وتحديا للنظام الدولي القائم على القواعد.

وشجبت الكثير من الدول في الشرق الأوسط وما يعرف بـ”عالم الجنوب” الغزو الروسي، لكنها كانت حذرة في التعامل مع محنة أوكرانيا بنفس الطريقة التي تعامل فيها الغرب معها. وأشارت تلك الدول إلى إرث الولايات المتحدة في الغزو “الوقائي” للعراق عام 2003، وعدم لامبالاة الغرب بالصراعات البشعة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، والنفاق الغربي بدعم الاحتلال الإسرائيلي الطويل للأراضي الفلسطينية، والتصفيق لحرية الشعوب في أماكن أخرى.

 ووصف ملك الأردن، عبد الله الثاني، أفعال إسرائيل في غزة بأنها “جريمة حرب”، وقال إنها تمارس “عقابا جماعيا لشعب محاصر وأعزل” ويجب أن يُنظر إلى ذلك على أنه “انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي”.

وربما لن يكون هذا مثيرا لمخاوف القيادة الإسرائيلية المصممة على الانتقام، كما ناقش مارك لينتش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن، لكنه يعتبر مشكلة للولايات المتحدة، وقال في مقال بمجلة “فورين أفيرز” إنه “من الصعب الربط بين دعوة الولايات المتحدة  للالتزام بالأعراف الدولية وقوانين الحرب في الدفاع عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي الوحشي، والتجاهل المتعجرف لنفس الأعراف في غزة”.

وفي الوقت الذي تبدو فيه إدارة بايدن منشغلة بضبط ردة فعل حكومة الحرب الإسرائيلي ضد أكثر من مليوني غزي يعيشون تحت كابوس الغارات الجوية والانفجارات وبدون ماء أو طعام ولا ملجأ آمن، حيث فرّق بايدن ما بين الشعب الفلسطيني وحماس، وعبّر في خطابه عن ضرورة عدم تجاهل “إنسانية الفلسطينيين الذين يريدون فقط العيش بسلام والحصول على فرصة”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تقديم المساعدة الإنسانية وإيصالها، والتي تظل بشكل مذهل أقل مما يحتاجونه. إلا أن كلامه يبدو أجوفا ضد سجلّ الولايات المتحدة.

وقال لوي تشاربونيو، مدير الأمم المتحدة في هيومان رايتس ووتش: “لو أرادت الولايات المتحدة وبقية الغرب إقناع بقية العالم بأنهم جادون في موضوع حقوق الإنسان وقوانين الحرب والمبادئ التي يطبقونها بشكل صحيح على جرائم روسيا في أوكرانيا وجرائم حماس في إسرائيل، فعليهم تطبيقها على قلة احترام إسرائيل لحياة المدنيين في غزة”.

ونقل الكاتب عن دبلوماسي في مجموعة الدول العشرين الاقتصادية، قوله إن التصرفات هذه جعلت عالم الجنوب حذرا مما يفعله الغرب، عندما يحاولون التودد لحكوماته لكي تتبع مثالهم في أوكرانيا.

وقال الدبلوماسي إن الدور الأمريكي في  منع التحرك بشأن غزة يكشف عن “المعايير المزدودجة لأمريكا أو استراتيجية الغرب التي تعتمد عليها”. وهناك اعتراف بهذا التوتر في أوروبا، فقد أخبر مسؤول بارز في مجموعة الدول السبعة صحيفة “فايننشال تايمز”: “ما قيل عن أوكرانيا يجب أن يطبق على غزة وإلا فقدنا مصداقيتنا”، مضيفا: “لماذا يجب أن يصدق البرازيليون والجنوب أفريقيين والأندونيسيون ما نقوله عن حقوق الإنسان؟”، وهو تذكير بفشل المجتمع الدولي، وبشكل رئيسي الولايات المتحدة لإحياء العملية السلمية الساكنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بحسب افتتاحية صحيفة “لوموند” الفرنسية، التي قالت: “في ظل مناخ التوتر الحالي، فإن دعمهم لإسرائيل -والذي حصلت عليها استثنائيا عن بقية العالم- سيؤثر على الجهود لإقناع دول الجنوب أن الأمن الدولي على المحك في أوكرانيا”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي