أطفال المناجم في فنزويلا يبحثون عن الذهب بدل ارتياد المدارس

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-09

أطفال يعملون داخل منجم في بوليفار الفنزويلية بتاريخ 29 آب/أغسطس 2023 (ا ف ب)

إل كالاو - يحفر مارتن (10 أعوام) الأرض وهو حافي القدمين مع أقربائه الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 سنة داخل منجم في الهواء الطلق في إل كالاو، وهي بلدة صغيرة غير ساحلية تقع في جنوب شرق فنزويلا حيث يقوم عدد لا يحصى من "الطواحين" بطحن الأتربة والحجارة لاستخراج الذهب.

لا يستطيع مارتن القراءة، لكنّه ماهر في اكتشاف آثار الذهب. في البداية، يُنظر إلى البحث عن الذهب في هذه البلدة في ولاية بوليفار على أنّه لعبة، لكنّه سرعان ما يتحوّل إلى عمل بدوام كامل، يشبّهه المدافعون عن حقوق الإنسان بالاستغلال.

يجلس العشرات من الفتيان في برك من المياه الموحلة، ويقلبون بمهارة ألواحاً كبيرة مجوفة، بحثاً بين الأتربة عن قطع من الذهب قد تكون ملتصقة بالزئبق الملوّث والمحظور. 

يقول مارتن الذي تمّ تغيير اسمه لأسباب أمنية "كل ما يلمع نضعه في كيس ونغسله بالماء. الذهب يلتصق بالزئبق".

لكن هذه مجرّد مرحلة من مراحل البحث عن الذهب، إذ هناك عمل شاق يجب القيام به، فنظراً لصغر حجم الحفَر، غالباً ما يدخلها الأطفال "لنبش" الأرض.

شيئاً فشيئاً، تصبح الأرض أكثر ليونة، وهنا يجدون ما يسمّونه بـ"المادة"، أي الطين الذي يحتوي على ذهب  سيتم وضعه في الطواحين، وهي طريقة مختلفة عن استخراج الذهب من الألواح العميقة.

غالبية هؤلاء الفتيان يعملون متّخذين وضعية القرفصاء وغير مرتدين قمصان ومغطّين بالطين. وفي أحيان كثيرة، يتعيّن عليهم حمل أكياس من الطين الثقيلة، من حفرة إلى أخرى.

يعيش مارتن في إل بيرو، وهي قرية صغيرة في إل كالاو. لم يذهب إلى المدرسة قط، بينما يتلقى قريب له يبلغ 9 سنوات التعليم فقط "لأنّ والدته تجبره على ذلك".

ويقول لوكالة فرانس برس "أفضّل البحث عن الذهب بدلاً من الذهاب إلى المدرسة. يقول والدي إننا نحصل على المال من خلال العمل". ويضيف "بما أكسبه، أشتري احتياجاتي من أحذية وملابس، وأحياناً حلويات".

ويقول معظم الأطفال إنّ "حلمهم" يتمثل في أن يصبحوا عمّال مناجم، وأن يكون لديهم "طاحونة" عندما "يكبرون".

في المقابل، يؤكد كارلوس تراباني، المنسّق العام لمنظمة "سيكوداب" غير الحكومية التي تدافع عن حقوق الأطفال، أن العمل في المناجم يتمّ في "أسوأ الظروف".

- البقاء على قيد الحياة -

يقول تراباني وهو معدّ تقرير بعنوان "مخاطر وانتهاكات حقوق الأطفال والمراهقين في الأنشطة الحدودية والتعدينية"، "لقد باتت الظروف التي يعمل فيها الأطفال عامّة، ليس فقط بسبب مخاطر الحوادث والأوبئة المستوطنة، ولكن أيضاً لأنهم معرّضون لأشكال أخرى من العنف، مثل الاستغلال والاعتداء الجنسيين".

يعمل ألف طفل في مناجم المنطقة، وفقاً لجامعة أندريس بيلو الكاثوليكية الخاصة. ويقول إيوميليس مويا من جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية في غوايانا، "تركّز البيئة الأُسرية على البقاء على قيد الحياة".

ينمو التعدين غير القانوني بسرعة في جنوب فنزويلا، وهي المناطق التي يسود فيها قانون القوة في كثير من الأحيان، في ظل وجود ميليشيات ومجموعات مسلّحة وعصابات تهريب المخدّرات، التي تتقاتل أحياناً في ما بينها.

ويأتي ذلك فيما تكافح الدولة في سبيل تطبيق القانون، وهو ما يتّضح من اشتباكات عنيفة وقعت بين عمّال مناجم الذهب وعناصر الجيش أخيراً في حديقة ياباكانا، أكبر محمية طبيعية في البلاد. 

يمر غوستافو أمام متجر الخمور في إل بيرو. يملأ ثلاثة دلاء بالتراب ثم يذهب إلى النهر مع إخوته الثلاثة الذين تبلغ أعمارهم 8 و11 و13 عاماً، ليغسلوها بوعاء على أمل العثور على الذهب.

يأمل غوستافو وإخواته في أن يكون بعض عمّال مناجم الذهب قد أسقطوا كميات صغيرة جداً من الذهب خلال الأمسيات المخمورة، على اعتبار أنّ كلّ شيء في القرية يُدفع ثمنه بالذهب.

ويقول الصبي الذي يعمل منذ أن كان في السادسة "في أحد الأيام التقطت غراماً (1 غرام = 50 دولاراً)، أُعطي هذا المال لأمي لتشتري الطعام أو أغراضاً لنا".

وتؤكد والدة غوستافو (28 عاماً) وهي تعمل في منجم منذ أن كان عمرها 12 عاماً، أنّ تسعى إلى "إعادتهم إلى المدرسة" لأنّ "المخاطر حاضرة دائماً في المناجم".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي