لمواجهة التهديدات.. كيف تنظر إسرائيل إلى عقد حلف دفاع مع الولايات المتحدة في ضوء التطبيع مع السعودية؟  

الامة برس-متابعات:
2023-10-04

 

حلف دفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة سيكون هو التعبير المثالي عن “العلاقات الخاصة” بينهما وسيضعهما رسمياً كجزء من السياسة القومية في الدولتين (ا ف ب)تتعزز التقارير مؤخراً بخصوص التقدم نحو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، كجزء من اتفاقات أوسع بين السعودية والولايات المتحدة. في المحادثات التي جرت بين هذه الدول، ظهرت أيضاً إمكانية إقامة حلف دفاع مشترك بينها، كرد على طلب السعودية. طرح هذا النقاش إمكانية عقد حلف دفاع بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على فرض أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة في تقديم ضمانات أمنية للسعودية. حلف دفاع بين دولتين أو أكثر يعبر عن الالتزام المتبادل بأمنها. اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا والفلبين و31 دولة عضو في الناتو، وقعت على حلف دفاع مشترك مع الولايات المتحدة رغم وجود اختلافات واضحة بين صيغة التحالفات المختلفة. العقد الثنائي الأخير الذي وقعت عليه الولايات المتحدة (خلافاً لتوسع حلف الناتو) كان مع اليابان في 1960. ومنذ ذلك الحين، امتنعت الولايات المتحدة عن أخذ هذا الالتزام الاستراتيجي السامي على عاتقها، واكتفت بإعطاء ضمانات أمنية مقيدة أكثر، التي لا توجد في إطار حلف.

رئيس الحكومة السابق بن غوريون، كان يطمح بحلف دفاع مع الولايات المتحدة منذ الخمسينيات. بعد ذلك فحص الأمر رؤساء الحكومة إسحق رابين وشمعون بيرس وإيهود باراك، كبديل أمني وسياسي هدفه تعويض إسرائيل عن التنازلات المشمولة في اتفاقات مع الفلسطينيين وسوريا، ومن أجل تخفيف ثمن هذه التنازلات على الرأي العام في إسرائيل. ورئيس الحكومة نتنياهو طرح الفكرة في حملة انتخابات الكنيست الـ 22 في أيلول 2019. ولكن جهاز الأمن يتحفظ أخلاقياً من حلف دفاع لأسباب مختلفة مفصلة أدناه.

المعاني

حلف دفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة سيكون هو التعبير المثالي عن “العلاقات الخاصة” بينهما وسيضعهما رسمياً كجزء من السياسة القومية في الدولتين. إضافة إلى ذلك، سيعزز العلاقات على المدى البعيد. علاوة على ذلك، حلف الدفاع عن الولايات المتحدة سيعزز ردع إسرائيل أمام أعدائها وسيرسخ في وعيهم الالتزام الأمريكي بعيد المدى بأمن إسرائيل، التي قد تحتاج إلى الدعم الأمريكي إذا أصبحت إيران دولة نووية، لا سيما إذا تشكل شرق أوسط فيه كثير من اللاعبين النوويين.

معارضة حلف دفاع مع الولايات المتحدة يستند في المقام الأول إلى خوف إسرائيل من فقدان حرية عملها، وتصبح بحاجة إلى التبادل، أي المساعدة في الدفاع عن الولايات المتحدة في أرجاء العالم وتأييد سياستها الدولية. ولكن التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة عميق جداً في الأصل، إلى درجة أن إسرائيل لا تقوم بأي عملية عسكرية أو سياسية مهمة دون التشاور مع الولايات المتحدة، وفعلياً الحصول على مصادقتها. مطلوب من إسرائيل اليوم تأييد سياسة الولايات المتحدة الدولية، كحليفة رسمية. ولأنها مرتبطة بحلف دفاع، فسيتم ضمان وصول إسرائيل إلى السلاح الأمريكي المتقدم والتكنولوجيا المتميزة، التي ستحافظ على تفوقها العسكري النوعي.

التوصيات

قضية التطبيع مع السعودية، التي تطلب حلف دفاع مع الولايات المتحدة، تخلق نافذة فرص أيضاً لإسرائيل. على إسرائيل السعي لإقامة حلف دفاع مع الولايات المتحدة كجزء من بلورة استراتيجية منظمة أمام التحديات المستقبلية، بالأساس إيران النووية أو ظهور دول إقليمية نووية أخرى. سيعزز حلف الدفاع على المدى البعيد “العلاقات الخاصة” مع الولايات المتحدة، التي تشكل لبنة رئيسية في سياسة الأمن القومي لإسرائيل. الآن يهدد مستقبل العلاقات التأثير السلبي المتراكم لسياسة إسرائيل في الموضوع الفلسطيني وتوجهات عميقة، ديمغرافية وسياسية، في الولايات المتحدة. إن حلف الدفاع سيسهل على إسرائيل ترسيخ الدعم من الحزبين لفترة طويلة والتزام الإدارات الأمريكية بأمن إسرائيل في المستقبل. يجب على إسرائيل استغلال حلف الدفاع من أجل الدفع قدماً ببنية أمريكية إقليمية خصوصاً في الظروف الاستراتيجية المتغيرة بسرعة في الشرق الأوسط. وإن بناء منظومة استراتيجية متعددة الأطراف سيبدد تخوفات حلفاء أمريكا من تقليص تدخلها في المنطقة.

إسرائيل ليست بحاجة إلى حلف دفاع مع الولايات المتحدة لمواجهة تهديدات مثل الإرهاب، و”حزب الله” وحماس. والولايات المتحدة من ناحيتها لا ترغب في أن تأخذ على عاتقها الالتزام بمواجهتها. لذلك، ولمحافظة إسرائيل على حرية العمل ومن أجل ألا يكون مطلوباً منها المحاربة في الحروب الدولية للولايات المتحدة، يجب تقييد مضمون الحلف وأن يقتصر على التهديدات الوجودية الخطيرة فقط في منطقة الشرق الأوسط، بما يشبه تحالفات الولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، التي تقتصر على ساحاتها. يجب أن ينطوي هذا التحالف على التزام أمريكا بالتفوق النوعي لإسرائيل “يو.إم.إي”، وترتيب قضية المساعدات العسكرية في المستقبل. وعلى إسرائيل التأكد من أن حقوق الطرفين في الدفاع الذاتي والعمل حسب الإجراءات القانونية فيهما لن يتم المس بها، كما هي الحال في هذه التحالفات بشكل يبقي مدخلاً ما للقيام بعملية مستقلة في حالات استثنائية.

مثل حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، ستكون إسرائيل مستقلة في اتخاذ قرار حول طبيعة وحجم إسهامها العسكري في جهود الولايات المتحدة في العالم، إذا طلب منها ذلك. المساعدة في مجالات مثل سلاح الطب وقيادة الجبهة الداخلية ودفاع جوي ستكون هي الرد على ذلك. إن التفاوض حول حلف الدفاع سيخلق فرصة لطرح موضوع التعاون الصناعي – الأمني من أجل ضمان مكان لإسرائيل في التحالفات التكنولوجية التي تدفع بها الولايات المتحدة قدماً في العالم.

 

 طاقم المعهد

معهد بحوث الأمن القومي 3/10/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي