صورة دمشق وروحها : رواية «زنزانة حيّ الدقّاقين» للسوري أسامة شاكر

2023-09-19

غلاف «زنزانة حيّ الدقّاقين» (موقع دار النشر)صدرت حديثاً رواية «زنزانة حيّ الدقّاقين» للكاتب السوري المقيم في السويد أسامة شاكر. صدرت الرواية عن دار سامح للنشر في السويد في 232 صفحة من القطع الوسط.
تدور أحداث «زنزانة حيّ الدّقاقين» في أحياء دمشق القديمة، في الفترة الممتدة من سبعينيات القرن العشرين المنصرم، وحتى أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهي الفترة حالكة السواد، والأشدّ قسوة في تاريخ سوريا الحديث. في حيّ الأمين الدمشقي العريق، نشأ أصدقاء الطفولة الثلاثة: مرتضى وسليم وجعفر، وخاضوا معاً، وكلّ على انفراد، مغامرات الطفولة وشقاوتها، وتشابكت مصائرهم ثم افترقت وتصادمت، فسلك كلّ منهم اتجاهاً مختلفاً في الفكر والعلاقات والعمل، ثمّ قادتهم سبل الحياة إلى خواتيم معظمها مأساوي.
تتجلى في الرواية صورة دمشق وروحها «كمدينة للحياة والتعدّد والتجارة؛ مدينة تتنفّس برئتين خضراوين تبرّدان الهواء الحارّ المقبل من الصحراء، وترقص أشجارها ترحيباً بالقادمين» ولا يشغلها سوى المحافظة على دورها الذي ألفته دائماً؛ وهو الإبقاء على جذوة الحياة مشتعلة، والمحافظة على دوران عجلة العمل والتجارة. يساعدها في ذلك طبائع الدمشقيين؛ من لطف في التعامل، وانفتاح اجتماعي نسبي، وميل إلى المجاملة، بالإضافة إلى تنوعهم العرقي والديني كمسلمين سنّة وشيعة ومسيحيين ويهود.
من أجواء الرواية:
بعد أسبوع من البحث الذي شارك فيه مرتضى وسليم، أبلغ أبو منير الشرطة عن اختفاء ابنه. وبعد أيام، داهم عدد كبير من رجال الأمن منزل أبو منير، وفتّشوا البيت بدقة، خاصة غرفة منير التي صادروا جميع محتوياتها وختموا بابها بالشمع الأحمر. ثم اعتُقل أبو منير وأم منير، واستدعيت شقيقاته إلى التحقيق يومياً من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الرابعة بعد الظهر طوال شهر كامل. لم يتوقع أحد – حتى في المنام- أن يهرب منير مع فتاة يهودية إلى جهة مجهولة. منير الذي إذا ألقى أحدهم عليه التحية تظهر علامات الخوف على وجهه! كيف يختفي هكذا دون أن يترك أثراً مع أجمل فتاة في الحي، شيلا الجميلة التي تعمل في محل والدها لبيع ألبسة الأطفال في سوق القصّـاع؟ شيلا التي تمنى كل شبـان الحيّ ورجـاله، وزبائن السوق أن يحظوا بنظرة من عينيها. كيف حظي بها ابن بائع الخضار الذي ينتعل الشحاطة البلاستيكية صيفاً وشتاءً وهو يقود دراجته بسرعة ورشاقة بين الأحياء؟ عشقت شيلا منيراً الذي يكبرها بستّ سنوات منذ كانت طفلة تلعب أمام البيت مع أخته زهرة. فقد اعتاد منير على ملاطفة أطفال الحيّ، وكان يأخذهم على دراجته، واحداً تلو الآخر، في جولات في الحيّ. وحين تركب شيلا خلفه على الدراجة وتتمسك بخصره، تشعر نحوه بحنانٍ كبر معها واحتل قلبها. رأت في خجله دلعاً لم تقوَ على مقاومته، وفي لطفه مودة لا تنتهي. شمّت في ثيابه المتسخة دوماً رائحة الرجولة. وحين كبرت، كـان منير هو الشـاب الوحيد الذي تنظر إلى عينيه ووجهها يضحك. غادرت المدرسة وهي في الصف العاشر لتأخذ مكان والدها في المحل بعد وفاته المفاجئة، لأنها أكبر أخواتها. وبعد سنوات، تفجّر جمالها بوجه الجميع، وحام حولها المعجبون من ديانتها ومن الديانات الأخرى. بأصابع الطفلة التي طالما تمسّكت بمنير وهما على الدراجة، كتبت شيلا رسالة فتاة عاشقة. نادته وهو يمر قرب محلها فظن أنها تطلب أن يساعدها في رفع غرض ثقيل ما، لكنها أعطته الرسالة وطلبت منه الرد من خلال رقم هاتف المحل الذي ذيلت به الرسالة، بعد عبارة «مع حبي. شيلا».








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي