العسكريون في الغابون يعيّنون مدنياً معارضاً للرئيس المخلوع رئيس وزراء انتقالياً

ا ف ب - الأمة برس
2023-09-08

رئيس وزراء الغابون ريمون ندونغ سيما في افتتاح

ليبرفيل - عينّ رئيس الغابون الانتقالي الجنرال بريس أوليغي نغيما الخميس 07/09/2023 ريمون ندونغ سيما، الخبير الاقتصادي والمعارض الشرس للرئيس المخلوع علي بونغو، رئيس وزراء انتقالياً، بحسب مرسوم تلي عبر التلفزيون الحكومي.

وندونغ سيما (68 عاماً) تولّى بين العامين 2012 و2014 رئاسة الوزراء في عهد بونغو، لكنّه ما لبث أن ابتعد عن النظام متّهماً إياه بسوء إدارة البلاد ووصل به الأمر إلى حدّ الترشّح ضدّ بونغو في الانتخابات الرئاسية في 2016 ومن ثم في 2023.

والجنرال أوليغي الذي أطاح في انقلاب عسكري أبيض الرئيس علي بونغو في 30 آب/أغسطس بعد ساعة واحدة من إعلان الحكومة فوز الرئيس  بولاية جديدة، أدّى الإثنين اليمين الدستورية رئيساً لفترة انتقالية لم يحدّد مدّتها.

"انتخابات حرّة"

ووعد الرئيس الانتقالي بأن تجري في نهاية هذه الفترة الانتقالية "انتخابات حرّة" يتسلّم بنتيجتها المدنيّون الحكم.

كذلك، أعلن الجنرال نغيما الإثنين عزمه على تشكيل حكومة انتقالية تضمّ شخصيات من كلّ الأطياف السياسية.

وأضاف الرئيس الانتقالي أنّه بعد تشكيل الحكومة سيتمّ إعداد مسوّدة دستور جديد يشارك في صياغتها ممثّلو "كلّ القوى الحيّة في الأمّة" تطرح بعدها لاستفتاء عام.

ووعد الجنرال أوليغي بأن يكون الدستور الجديد "أكثر احتراماً للديموقراطية وحقوق الإنسان".

وعلى الرّغم من أنّ ندونغ سيما خاض الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضدّ بونغو إلا أنّه انسحب في اللحظة الأخيرة لصالح مرشّح آخر توحّدت حوله أبرز أحزاب المعارضة هو ألبير1 أوندو أوسا الذي كانت المعارضة قد دعت العسكر للاعتراف ب"فوزه" بالرئاسة وتسليمه السلطة.

وبحسب النتائج الرسمية التي أُعلنت قبل ساعة واحدة من الانقلاب واعتبرها العسكريون مزوّرة، حصل أوندو أوسا على 30,77 في المئة من الأصوات في مقابل 64,27 في المئة لعلي بونغو الذي حكم البلاد طوال 14 عاماً خلفاً لوالده الذي سبقه إلى حكمها طوال أربعة عقود.

وبعد دقائق على صدور قرار تعيينه، قال رئيس الوزراء الانتقالي الجديد لوكالة فرانس برس إنّه يأمل أن يقدّم إلى الجنرال أوليغي "في غضون ثلاثة إلى أربعة أيام مقترحاً" بأسماء أعضاء الحكومة الانتقالية. 

وأضاف في تصريح عبر الهاتف "لقد تسلّمتُ خريطة طريق، وسأحاول العمل في اتّجاه ما قرّره العسكريون" من أجل أن نرتّب كلّ المؤسّسات، وخصوصا "كلّ ما يتعلّق بإطار الانتخابات".

"جميع العائلات السياسية"

وتابع "أريد إجراء مشاورات على نطاق واسع" و"من دون تسرّع" من أجل "ضمان أن يجد الأشخاص الذين ينتمون إلى جميع العائلات السياسية أنفسهم" في الحكومة. 

ويتحدّر رئيس الوزراء الانتقالي المعيّن من مقاطعة ووليو-نتيم، مهد إتنية فانغ التي تشكّل الغالبية في الغابون، وأحد المعاقل التاريخية لمعارضي عائلة بونغو التي حكمت البلاد لأكثر من 55 عاماً.

وندونغ سيما، الحاصل خصوصاً على شهادة في الاقتصاد من جامعة "باري دوفين" في باريس، أعلن الأربعاء انسحابه من الائتلاف الرئيسي للمعارضة السابقة "البديل 2023" الذي كان أحد قادته مع خمسة مرشحين آخرين للرئاسة بينهم أوندو أوسا.

وعزا انسحابه إلى "وضع مربك منذ أيام عدّة" يعاني منه هذا الائتلاف.

ووقع الخلاف داخل "البديل 2023" بسبب عدم اتّخاذ أوندو أوسا موقفاً حاسماً من الانقلاب العسكري. وإزاء هذا الموقف الضبابي قرّر بقية قادة الائتلاف الخمسة دعم خريطة الطريق التي أعلن عنها الانقلابيون.

وقبل ثلاثة أيام، أكّد ندونغ سيما لوكالة فرانس برس على ضرورة "الحوار مع الجيش"، مشدّداً في الوقت نفسه على وجوب ألا تتجاوز الفترة الانتقالية "24 شهراً".

وأضاف أنّه "مهتمّ بالانتخابات الرئاسية المقبلة" التي "لا ينبغي أن يشارك فيها الجيش".

وأتت هذه التطورات غداة إعلان الجنرال أوليغي أنّ الرئيس المعزول الذي وضع تحت الإقامة الجبرية في ليبرفيل منذ الإطاحة به "حرّ في التنقّل"، و"بالنظر إلى حالته الصحية يمكنه السفر إلى الخارج" لإجراء فحوصات طبية.

وأصيب الرئيس المخلوع بجلطة دماغية خطرة في 2018 خلّفت تداعيات على صحّته. 

ونفّذ الجيش انقلابه بدون إراقة دماء وقد التفّ حول قائد الانقلاب الجنرال أوليغي قادة كل ألوية الجيش والشرطة.

وسرعان ما التفّت حول العسكر غالبية أحزاب المعارضة السابقة، وجزء من الغالبية السابقة، فضلاً عن دعم شعبي واسع عبّرت عنه تظاهرات حاشدة نزلت إلى الشوارع لشكر الجيش على تخليصهم من نظام بونغو.

اختلاسات "ضخمة"

وسرعان ما ألقى الجيش القبض على أحد أبناء الرئيس المخلوع، نور الدين بونغو فالنتين، وستّة شباب آخرين من المقرّبين لرئيس الدولة وزوجته سيلفيا بونغو. وظهر هؤلاء الموقوفون على شاشة التلفزيون بينما كانوا في منازلهم يستعدون للسفر وبحوزتهم صناديق وحقائب وأكياس مليئة بالأوراق النقدية التي تبلغ قيمتها عشرات ملايين اليوروهات. 

وعلى غرار ما دأبت عليه المعارضة طوال السنوات الماضية، اتّهم الانقلابيون زوجة بونغو وابنها نور الدين بأنّهما "الزعيمان الحقيقيان للبلاد" والمدبّران الأساسيان لشبكة فساد ضخمة تمارس عملياتها خصوصاً عن طريق التلاعب وعبر تزوير توقيع رئيس الدولة.

لكنّ محامي السيدة الأولى السابقة يؤكّد أنّ موكّلته محتجزة "تعسّفياً" من دون أيّ اتصال لها بالعالم الخارجي.

وانتُخب علي بونغو رئيساً في 2009 بعدما توفّي والده عمر بونغو أونديمبا الذي حكم هذه الدولة الصغيرة لأكثر من 41 عاماً.

والغابون هي واحدة من أغنى دول إفريقيا بفضل نفطها لكنّ ثلث سكّانها يعيشون تحت خط الفقر.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي