المخرجة الفرنسية جوستين ترييه وفيلم «تشريح سقطة»: التوازن بين الذنب والبراءة المحتملة معلق بخيط رفيع

2023-06-10

فابيان لوميرسييه | ترجمة عبدالله الحيمر

بدأت المخرجة الفرنسية جوستين ترييه، الإخراج منذ 15 سنة، بعد تخرجها من المدرسة الفرنسية للفنون الجميلة، من بين أعمالها: «في المكان» (فيلم قصير) 2006، «سولفيرنو» 2008، «ظلال داخل المنزل» (فيلم قصير) 2008؛ «معركة سولفيرنو» 2013، «فيكتوريا» 2016، «سبييل» 2019، «تشريح سقطة» 2023 الذي حصل على جائزة السعفة الذهبية؛ لتكون ثالث امرأة تحصد السعفة الذهبية في تاريخ مهرجان كان. تدور أحداث الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية حول قصة كاتبة ألمانية تدعى ساندرا، تعيش مع زوجها الأستاذ الجامعي وابنهما البالغ من العمر أحد عشر عاما. لعب أدوار البطولة في الفيلم، كل من: ساندرا هولر، سوان أرلوند، ميلو ماتشادو جرانر، أنطوان رينارتز، صموئيل ثيس، جيني بيث وصوفي فيليير، كان معها هذا الحوار حول فيلمها الأخير.

لأول مرة، أنت تتناولين موضوعا دراميا وجها لوجه.. ما الذي جذبك إلى هذا الموضوع؟

كانت أفلامي السابقة تدور بالفعل حول العلاقة بين الرجال والنساء، وقد قمت بالفعل بعمل فيلم عن المحاكمة، لكنني اعتقدت أنه إذا قمت بعمل فيلم مرة أخرى، أود أن نقضي الكثير من الوقت في التفاصيل الدقيقة عن محاكمة، ثم منذ اللحظة التي دخلت فيها هذا النوع وأدركت أن الفيلم سيكون «ضخما» تماما، بمجرد أن خطرت لي فكرة تشريح هذين الزوجين في دعوى قضائية، قلت لنفسي مع آرثر هراري، الذي كتبت معه السيناريو أنه لن يكون فيلما نصف كوميدي. على أي حال، كنت أعلم أنه إذا قمت بعمل فيلم عن المحاكمة مرة أخرى، فلن يكون فيلما كوميديا، وكانت هذه أمنية تسكنني لفترة طويلة.

لماذا هذا الانجذاب إلى موضوع العدالة؟

هناك شيء واحد أجده رائعا وفي الوقت نفسه محزنا تماما في مساحة المحكمة والعدالة، وهو فكرة أننا نقول حياتنا في مكاننا، وأن نعيد تنظيم فوضى حياة الناس لنقولها. ونحن لا نقول الحقيقة: إنها خيال، قصة، مثل مرآة مكبرة، عدسة مكبرة من شأنها أن تبحث عن أصغر التفاصيل في حياتنا، وتعطي معنى لأكثر الأشياء تفاهة. إنه هذا الجانب الكامل من تشريح أصغر جزء من وجود الناس لشرح فعل إجرامي، أو أي فعل آخر أجده رائعا. وغالبا ما يكون أيضا المكان الذي يعكس وقائع المجتمع، وتفكيره العميق، والطريقة التي يمكننا بها رؤية الرجال والنساء، والطريقة التي يمكننا بها تحويلهم إلى صورة سينمائية. في هذه الحالة، الممثلة ساندرا هولر، شخصيتي الرئيسية تتعرض للخشونة من قبل المدعي العام في ما يتعلق بحياتها وطريقتها في العيش.

في الزوجين، كان هناك قبل كل شيء الرغبة في استكشاف المرأة؟ المرأة كأم ورفيقة، إلخ؟

لقد فعلت ذلك دائما، ولكن أكثر من ذلك، أردت أن أظهر المرأة التي تؤمن بأنها مساوية للشخص الذي تعيش معه، وربما حتى تشغل مساحة أكبر. كذلك أضع الزوجين محل تساؤل. كيف يعيشان معا، ونعطي بعضنا بعضا بينما نكون متساويين في الواجبات والحقوق؟ أن نقول الحقيقة لبعضنا بعضا دون توحش؟ الأمر معقد في الواقع ونراه في الفيلم، لأننا عندما نقول الحقيقة للآخر، يكون ذلك عنيفا للغاية، وهو أيضا نوع من الحب المختفي. كيف تعيش عندما يكون لديك أطفال؟ وعندما تصنع أسرة، يكون الأمر أكثر تعقيدا دائما مع هذا الجانب من تخويف للآخر. كان كل هذا في أصل المشروع: لإخبار عن شخصية تفترض شكلا من أشكال الحرية في ازدواجيتها، وطريقتها في النظر إلى الأشياء، وأيضا شكلا من أشكال العنف في طريقتها في افتراض هذا، لأنها تعرف أنها إذا لم تناضل من أجل هذه المساحة من الحرية، فلن تعطى لها مجانا. إنها نسوية تماما، لكن عندما أنظر حولي، غالبا ما تكون النساء اللواتي ينجحن في فعل ما يردن في مهنتهن ولديهن أطفال، وعائلة، نساء يفرضن خياراتهن بقوة على محيطهن الأسري والعائلي. في قول ذلك، يعطي انطباعا بأنني صنعت فيلما وثائقيا عن «عالم الطبيعة» للغاية عن زوجين ينظمان أنفسهما للذهاب للتسوق (تضحك).

كيف عملت على إيقاع الفيلم في هذا المستوى النوعي؟

منذ البداية، كانت لديّ الخيوط الأولى للنسيج السردي، الحبكة الأولى التي تبنى عليها قصة الفيلم، كنت أعلم أنها ستكون محاكمة امرأة متهمة بالقتل ولن نعرف على وجه اليقين حقيقتها. أجد أن من المثير للاهتمام أن الحقيقة مطاردة في المحاكمة، لكننا لن نحصل عليها أبدا. المهمة الكبيرة كانت رسمية. لأننا سئمنا من الأفلام البوليسية والوثائقية عن «قصص الجريمة» النمطية، لدرجة أننا اضطررنا إلى إيجاد شكل من أشكال الكتابة الجديدة وكيفية الوصول سينمائيا إلى هناك. ثم جاءت بسرعة كبيرة فكرة أرشيف الصوت. عندما نعيش معا اليوم، هناك الكثير من التسجيلات اليومية، غالبا مقاطع الفيديو، لكنني وجدت أنه من المثير للاهتمام أن نتجاوزها والذهاب الى ذاكرة أرشيف الصوت. كما يسمح بتبني تصور الطفل المعاق بصريا للزوجين في الفيلم. أعطى هذا تماسكا بين هذا الطفل الذي لا يعرف، وحقيقة المفقود لأنه لا يوجد سوى فلاش باك واحد في الفيلم، مجرد رؤية، ونحاول ملء كل شيء آخر بالفرضيات، لكن من الواضح أن هذه القطعة الصوتية تشوه تماما موقف هذين الزوجين لأنها لحظة خاصة جدا من المشاعر المكثفة. لذا كانت الفكرة هي الدخول في فيلم سيكون من الصعب جدا فهمه وتوضيحه تدريجيا، مرحلة بمرحلة، حول ما لم نفهمه، لاسيما المشهد الأول المربك للغاية، الذي سيتم تشريحه في وقت لاحق في المحاكمة. أردت أيضا أن نشعر بالاكتشاف التدريجي للشخصية الرئيسية للفيلم «ساندرا هولر» في الوقت نفسه الذي تهرب فيه منا، وأننا لم نتمكن أبدا من معرفة هويتها بالضبط. التوازن بين ذنبها المحتمل وبراءتها المحتملة معلق في خيط رفيع تحديا حقيقيا وعملا حقيقيا على صياغة السيناريو.

بطلة الفيلم كاتبة. لماذا هذا الاختيار بالضبط؟

كإمكانية تعقب سمة شخصيتها في كتبها، علاوة على ذلك، حاولت عدم تلوين الفيلم كثيرا بالرسم الكاريكاتيري للكاتبين، ولكن من الواضح أن هناك فكرة أن شخصا يخترع الشخصيات يمكنه أيضا ارتداء قناع. كانت هناك أيضا فكرة اللغة لأنها تتحدث الفرنسية بشكل سيئ، وتتحدث لغة أخرى (الألمانية) ما يشكل قناعا آخر. ما تكتبه، الطريقة التي تتحدث بها، اللغة التي تتحدث بها، كل هذه الأشياء هي احتمالات للاختفاء، ولكن أيضا للتعبير عن نفسها. وكل هذه العناصر جعلت من الممكن نشر محاكمة غريبة إلى حد ما بشخصية كانت ملتوية. لأنه في البداية، أردت تكييف حقيقة مختلفة، لكنني وجدت المحاكمة بسيطة للغاية، وثنائية للغاية، لدرجة أننا فهمنا بسرعة كبيرة ما يدور حولها. أخيرا، سمح لي فعل اكتشاف الأرشيف الصوتي إلى مشاهد أقوى، مثل تلك التي حللنا فيها ما كتبته لاستنتاج أنها مهووسة بالقتل.

لماذا الممثلة ساندرا هولر، التي لعبت بالفعل في «سيبيل»، الدور الرئيسي؟

من النادر أن يحدث هذا لي، لكنني كتبت لها حقا ذلك. لقد استمتعت حقا بالعمل معها في فيلم «سيبيل»، إنها تتمتع بجانب تقني رائع جدا بالأداء كممثلة، ولكنها في الوقت نفسه تتمتع بعفوية قوية جدا: إنها مزيج رائع للغاية. لقد عملنا على الكتابة بهذا المعنى، لإحضار شيء من الوثائقي عنها. وهي أيضا واحدة من الممثلات القلائل اللواتي كنت اقول عن طريقها: لا أستطيع معرفة ما إذا كانت هذه المرأة قد قتلت أم لا، لأن لديها جانبا متحفظا قليلا وإنسانيا للغاية.

ماذا عن مشهد الجبل؟ ونواياك الرئيسية في الإخراج؟

الهوس بالسقوط، من الأسفل إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأسفل طوال الوقت، لمحاولة فهم كيفية سقوط هذا الجسد. لقد كنت مهووسة منذ عشر سنوات بجينيريك فيلم Mad Men، أجده فيلما في حد ذاته تقريبا، مع هذا الرجل الذي لا يتوقف عن السقوط أبدا، والذي لا يتحطم أبدا. فإن التدرج الأسلوبي للإخراج، لصناعة فيلم عن المحاكمة، يتم إدراجه ضمن أيقونة مهمة في التاريخ السينمائي إلى حد ما. وعلى نطاق أوسع، لأخذ الاتجاه المعاكس مع فيلم «سيبيل»، أردت أن أجعل الفيلم الأقل نظافة، والأقل التزاما ممكنا.

ترجمة بتصرف عن موقع Cineuropa







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي