هل السعادة معدية؟ وكيف ندرب أنفسنا عليها؟

الجزيرة
2023-06-09

هل السعادة معدية؟ وكيف ندرب أنفسنا عليها؟ (سيدتي)

منى خير

كل إنسان يسعى إلى تحقيق السعادة، ويحلم بأن يعيش حياة هانئة، بعيدا عن شقاء الدنيا وصعوباتها. غير أن السعادة تنبع من أعماق الإنسان ونظرته إلى الأمور والتفاصيل التي تملأ يومياته.

فقد نجد أغنى الناس، مثلا، تعيسا يشكو الاكتئاب والضجر، في حين يبتسم أفقرهم، قانعا بحياته ونصيبه منها.

وثمة من يقول إنك إذا قررت أن تكون سعيدا ورغبت في السعادة فستحصل عليها. وإذا قررت أن تكون تعيسا وتركّز على مشكلاتك، فستكون حياتك كذلك. فهل يستطيع الإنسان تدريب نفسه على السعادة؟

تؤكد الباحثة والمستشارة الاجتماعية الدكتورة فاديا إبراهيم أن السعادة معدية والكآبة كذلك، "لذلك، أحط نفسك بالإيجابيين وابتعد عن السلبيين، لأن الإيجابيين لديهم حل لكل مشكلة، بينما السلبيون لديهم مشكلة لكل حل".

وتشير إبراهيم إلى أن سعادة الأسرة تعتمد على قدرة أفرادها على التكيّف مع بعضهم بعضا، ومستوى التربية العاطفية لديهم. إذ تُعرَّف الأسرة السعيدة بمدى تمتّع أفرادها بالمرونة، وينعكس ذلك في المناقشات الشاملة بينهم، وتطوير إستراتيجيات بديلة في حالة الحاجة إليها، وتعلّم الدروس من المواقف الصعبة، ومواجهة الأزمات معا.

يضاف إلى ذلك معرفة كل فرد بواجباته وحقوقه اتجاه الآخرين، والمقصود هنا: الواجبات العاطفية والإنسانية. "لذا، فإن السعادة داخل الأسرة ليست حالة منفردة ومستقلة عن سعادة الآخرين أو بقية أفراد الأسرة"، وفق إبراهيم.

غير أن هذه المعادلة لا تنطبق على أوساط العمل، إذ إن زملاء العمل لا يؤثرون في مستوى السعادة، وهو ما يعطي انطباعا بأن الإطار الاجتماعي داخل العمل يؤثر في مستوى الراحة والإنجاز أكثر من السيطرة على شعور السعادة.

السعادة بين الأصدقاء

وترى المستشارة إبراهيم أن "السعادة بين الأصدقاء مُعدية حقا، لأننا نشارك أصدقاءنا مشاعرنا وجزءا من حياتنا ونشاطاتنا الاجتماعية. والأصدقاء في العالم الافتراضي يكونون، أحيانا، سبب سعادتنا، إذ يستطيع بعضهم أن ينزع منك الحزن، وكأنه لم يكن".

وتردف: "علينا دائما أن نقيّم حالتنا النفسية والمزاجية ونسأل أنفسنا: هل نحن سعداء فعلا أم لا؟ وإن كنا غير سعداء، يجب أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لذلك، ونحاول التخلص من كل ما يزعجنا أو يضرّنا أو يُباعد بيننا وبين السعادة".

وعليه، علينا الاهتمام بصحتنا الجسدية والنفسية ونتخلص من العلاقات السامة في حياتنا، ونقترب من الأشخاص الإيجابين الذين يجعلون حياتنا أفضل، لأن الإنسان ابن بيئته، والبيئة الصحية الخالية من المشكلات تنجب أشخاصا سعداء.

السعادة تنتقل عبر الأثير

تتفق مدرّبة المهارات الحياتية جين سلايطة مع الدكتورة فاديا إبراهيم على أن السعادة معدية، مثل الكآبة، معتبرةً أن "هذه المشاعر تنتج تردّدات (ذبذبات) وتنتقل عبر الأثير وتجذب ذبذبات مشابهة لها. فالشخص السعيد المستمتع يرسل إلى الكون ذبذبات عالية التردّد، فيستجيب له الكون بإرسال ما يشبهها من أفكار إبداعية إيجابية، فتزداد سعادته وإنتاجيته وترتفع مناعة جسمه، فيبدو أكثر شبابا، وينشر السعادة لمن حوله، لأن طاقة الشخص الإيجابي أعلى من 6 آلاف شخص سلبي".

الماديات لا تجلب السعادة

وعن تفكير الفرد في السعادة، ترى سلايطة أن هناك قاعدة نفسية تقول إن الناس يسعون إلى تحقيق الأهداف المادية، مثل: النجاح، المال، الزواج، إنجاب الأطفال، الحصول على بيت وسيارة… وغيرها، من أجل الحصول على السعادة.

وتضيف: "هنا، يظل الإنسان يسعى طول حياته لتحقيق الماديات، ما يُشعره بالمتعة المؤقتة التي تزول فور تحقيق الهدف، ويستمر في اللهاث للحصول على السعادة من خلال الماديات، ولن يحصل عليها. فالماديات والإنجازات قد تكون وسائل للمتعة، ولكنها لا تجلب السعادة".

كيف تدرّب نفسك للحصول على السعادة؟

لكن كيف يدرّب المرء نفسه للحصول على السعادة؟ تقترح سلايطة الخطوات التالية:

أن يكون الإنسان راضيا بما هو عليه الآن، ومتقبلا وضعه الحالي، ولديه نية حقيقية لتطوير نفسه باستمرار.

أن يكون الإنسان محايدا في حكمه على الأحداث، ولا يعطيها مسميات سلبية، ويحافظ على هدوئه وسلامه الداخلي عند حصول المشكلات والتحديات.

أن ينظر إلى الصعوبات وكأنها لعبة تحدٍ، ويُقنع نفسه بأنه يستطيع تجاوزها. هنا، تأتيه الأفكار الإبداعية الملهمة، ويستطيع الوصول إلى الحل.

أن يكون الإنسان في حالة صفاء داخلي، في النية والقلب والعقل والعمل واللسان. ولا يتم ذلك إلا إذا وظف الإنسان وجوده كله للخير والعطاء.

السعادة قرار يأخذه الشخص، وأسلوب حياة يعيشه الفرد.

الشكر والامتنان للنعم التي تملكها، من خلال تعدادها يوميا وكتابتها.

هل يعتقد العلم أن السعادة معدية؟

نشر موقع "تراكينغ هابينيس" (trackinghappiness) دراسة عن مدى أهمية السعادة في كل تجاربنا التي نعيشها، باستخدام التحليل العنقودي، وهي منهجية مستخدمة لتحليل المجموعات جيدا.

وجد الباحثون أن "السعادة ليست مجرد وظيفة للتجربة الفردية أو الاختيار الفردي، وإنما لها أيضا خاصية المجموعات". وذلك لا يعني بالضرورة أن الأشخاص السعداء يجعلون الناس من حولهم يشعرون بالسعادة، فما يحدث هو أنهم يبحثون عن أشخاص آخرين سعداء ويستبعدون أولئك المكتئبين من دائرتهم الاجتماعية.

ويقول الدكتور نيكولاس كريستاكيس المشارك في الدراسة، وهو أستاذ مساعد في قسم الرعاية الصحية كلية الطب وقسم علم الاجتماع في جامعة هارفارد الأميركية، إن أكثر الأجزاء إثارة في الدراسة هو أن الأشخاص الذين كانوا في مجموعات السعادة كانوا سعداء بشكل متوقع لسنوات في كل مرة، مما يشير إلى أن مراقبة السعادة يمكن على الأقل أن تجعل الشخص سعيدا لفترة طويلة من الزمن.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي