كتاب «أنا أتحدث إليكم»: من يقرأ لا ينهزم

2023-05-30

عاطف محمد عبد المجيد

المعرفة قوة، والذين يقرأون لا ينهزمون، ذلك لأن القراءة معرفة، والحفظ أعظم ما وصل إليه الإنسان، أعني حفظ أفكار الإنسان في كتاب! لولا هذا الحفظ ما تقدم الإنسان خطوة واحدة.

هذا ما يقوله وسيم السيسي في كتابه «أنا أتحدث إليكم» الصادر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة، وهدفه منه التبسيط والتشويق، قائلا إن العلم جميل إذا أحْسنّا عرْضه، وفيه يجعل الكثير من الأشخاص والأشياء تتحدث عن نفسها.

هنا يتحدث تحتمس الثالث، رمسيس الثالث، الجندي المصري، كليوباترا السابعة، المرأة، مصر، أسوان، هتلر، فولتير، ألبرت أينشتاين، بيرم التونسي، حسين بيكار، كما تتحدث العين، الحوصلة المرارية، الزائدة الدودية، الخلية السرطانية، الهندسة الوراثية، جهاز المناعة، الصيدلة، الألم، السمنة، عجائب مصر السبع، والحب، وغير هذا من الأشخاص والأشياء.

هنا يكتب السيسي على لسان مصر قائلا: أنا مصر التي علمت العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة، كما علمته قانون الأخلاق، كما كنتُ فجرا لضمير الإنسان «هنري برستد»، غاروا مني وحقدوا عليّ، سرقوني ونهبوني بعد أن غزوني.

وفي حديث الجندي المصري يقول: أنا الجندي المصري، كان الحديث عني منذ فجر التاريخ، كانت القوانين أن يكون الملك في مقدمة الصفوف، وأن نحمل أبناء الأسرى عند العودة، وألا نحمل غنائم لأن مصر غنية!

نفرتيتي

هنا كذلك نعرف أن نفرتيتي من الأسرة 18 ويعني اسمها « لجميلة أتت»، وأنها زوجة الملك أمنحوتب الرابع، وتعد من أقوى النساء في مصر القديمة، وقد اشتهرت بالتمثال النصفي لوجهها المصور والمنحوت على قطعة من الحجر الجيري في واحدة من أروع القطع الفنية من الدولة الحديثة، وهو أشهر رسم لها. كما نعرف أن حتشبسوت، التي يعني اسمها أولى السيدات المبجلات، وقد حكمت مصر ومهدت الطريق لتحتمس الثالث حتى أنشأ أول إمبراطورية في التاريخ. بينما نعرف أن كليوباترا، إغريقية الدم، مصرية الهوى، كانت تجيد تسع لغات وكانت تسمي نفسها إيزيس الجديدة، وكانت تعشق الحضارة المصرية، لأنها ساوت بين الرجل والمرأة في أحقية الحكم.

وسيم السيسي الذي ينتقل هنا من الكتابة عن مصر القديمة بملوكها وملكاتها وآثارها، إلى الكتابة عن شخصيات عالمية أثرت في التاريخ البشري علميا وأدبيا كفولتير وأينشتاين وغيرهما، يكتب هنا على لسان هتلر فيقول: أنا أدولف هتلر سبب هلاك 50 مليون نسمة من أجمل شباب العالم، خرجت للعالم في عام 1890، وانتحرت عام 1945، بعد حياة مأساوية.

من كتابته عن العين نقرأ أن شكسبير قال إن العين مرآة الروح، كما أصبح الأطباء في مصر القديمة وحتى الآن، يقول السيسي، يضعون رمزا على هيئة حورس بمعنى وعد من الطبيب للمريض: سأعيد إليك صحتك كما عادت إلى حورس عينه.

فن الرقص

السيسي الذي يقدم كتابه هذا في بساطة وتدفق محدثا قارئه عن شخصيات وأشياء وأعضاء جسد، جاعلا منها جميعا شخصا يتحدث عن نفسه، مُعرفا القارئ بمعلومات عنه، ربما لم يكن يعرف بعضها من قبل، يرى أن الألم نعمة من السماء وليس غضبا من الله كما يعتقد البعض، الألم جرس إنذار حتى ينبه الإنسان لشيء خطير ليسارع بعلاج السبب قبل إعطاء مسكنات لإخفاء المرض.

ومن خلال كتابة السيسي عن فن الرقص يقول إن الرقص فن قديم قِدم الإنسان، وقد نجد مجتمعا بلا حضارة أو علوم، لكن لا يمكن أن نجد مجتمعا بلا رقص. إسبانيا ترقص الفلامنكو، البرازيل ترقص السامبا، لبنان الدبكة، السعودية ترقص بالسيوف، اليمن بالخناجر، أمريكا بالتويست والروك آند رول، وأوروبا ترقص الفالس، الباليه والتانجو، ومصر ترقص رقصا شرقيّا عن مصر القديمة.

وحين يكتب عن الأغاني يقول المؤلف: الحب اندفاع روح إلى روح، وجسد إلى جسد، فإذا سألوك عن الجسد فقل إنه وعاء الروح، وإن سألوك عن الروح فقل إنها من أمر ربي خالق الأرواح، ثلاثة أشياء تملك الإنسان ولا يملكها: الميلاد، الحب، الموت، لأن إعطاء الحياة «الميلاد « وتجديدها «الحب» وفقدها «الموت» تملك الإنسان ولا يملكها الإنسان.

أما حين يتحدث عن الحب فيكتب السيسي قائلا: أنا الحب.. دوني لا ينجح حاكم مع شعبه، ولا طبيب مع مرضاه، ولا أب مع أولاده، ولا زوج مع زوجته، إن شقاء العالم بسبب غيابي، آخذ صورا مختلفة في حياة الناس كالعطاء، التسامح.

وهكذا، وبعد هذه الرحلة التي أصغينا فيها لهؤلاء الأشخاص ولهذه الأشياء وعرفنا عنهم وعنها الكثير، يعد الكاتب قارئه بأنه سيقدم إليه جزءا ثانيا من هذا الكتاب سيتحدث فيه عن موضوعات أخرى.

كاتب مصري








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي