القمة العربية في السعودية تعيد الأسد إلى الواجهة الدبلوماسية

ا ف ب - الأمة برس
2023-05-18

صورة لوكالة الأنباء السعودية بتاريخ 17 أيار/مايو 2023 للمشاركين في الاجتماع التحضيري للقمة العربية مستوى وزراء الخارجية في جدة (ا ف ب)

الرياض - يشارك الرئيس السوري بشار الأسد الجمعة في القمة العربية التي ستنعقد في جدة، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2010، بعد جهود دبلوماسية أفضت إلى إعادة دمشق إلى محيطها العربي بعد عزلة استمرّت أكثر من 11 عامًا على خلفية النزاع المدمّر في سوريا.

وعُلّقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية ردا على قمعها الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في العام 2011 الى الشارع قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.

وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي شارك الأربعاء في اجتماع تحضيري للقمة عقده وزراء خارجية الدول العربية في جدة، رداً على سؤال لقناة "الجديد" التلفزيونية اللبنانية، إن الأسد "سيأتي لحضور هذه القمة، إن شاء الله".

والأربعاء، جدّدت واشنطن تأكيدها على موقفها أنها "لا تعتقد أنّ سوريا تستحقّ إعادتها إلى الجامعة العربيّة". 

وأفاد المتحدث باسم الوزارة فيدانت باتيل الصحافيين "موقفنا واضح: لن نعمل على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد كما لا ندعم بالتأكيد الآخرين على فعل أيضا".

الى تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمال القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمّد حمدان دقلو، والنزاع المتواصل في اليمن منذ أكثر من ثماني سنوات.

وتُعقد القمة في جدة حيث يتفاوض ممثلو الطرفين السودانيين منذ نحو عشرة أيام، برعاية مسؤولين أميركيين وسعوديين.

وتدفع السعودية نحو اتفاق سلام في اليمن بين المتمردين الحوثيين والحكومة التي تدعمها على رأس تحالف عسكري يشارك في العمليات العسكرية منذ العام 2015.

ويقول المحلّل السعودي سليمان العقيلي لوكالة فرانس برس "قمة جدة من أهم القمم منذ فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص".

ويتابع "ستكون القمة ناجحة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن".

في جدّة، أعرب السفير حسام زكي، مساعد الأمين العام للجامعة العربية، عن تفاؤله بـ"قمة التجديد والتغيير". وقال لصحافيين الأربعاء "السعودية تشهد حالة نشاط دبلوماسي وسياسي طيّب ومبشر، ورئاستها للقمة العربية ستكون رئاسة نشيطة حريصة على المصلحة العربية".

- موجة مصالحة -

وتسارعت التحولات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في العاشر من آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.

وبعد أقل من أسبوعين على إعلان استئناف العلاقات، قالت السعودية إنها بدأت محادثات حول استئناف الخدمات القنصلية مع سوريا، الحليف المقرب من إيران، قبل أن تعلن قرار إعادة فتح بعثاتها في سوريا.

إلا أنّ مشاركة الأسد في قمة جدة لا تضمن إحراز تقدّم في التوصل الى حلّ لإنهاء الحرب في سوريا.

وأكد وزراء الخارجية العرب في البيان الذي أصدروه في السابع من أيار/مايو وأعلنوا بموجبه إعادة سوريا الى شغل مقعدها في  الجامعة، "الحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل" الأزمة السورية وانعكاساتها وضمنها أزمات اللجوء وتهريب المخدرات و"خطر الإرهاب".

وقرّر المجتمعون تشكيل لجنة وزارية تعمل على مواصلة "الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية".

وقال المقداد الأربعاء ردا على سؤال للجديد حول "شروط لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين"، "نحن لم نقم بالاستجداء، ولن نقوم بذلك (...)، وقمنا بحرب ضد الإرهاب. ومن أراد المساعدة أهلا وسهلا"، رافضا الكلام عن "شروط".  

وحضرت أزمة اللاجئين في مباحثات جانبية أجراها المقداد مع نظيره اللبناني عبدالله بو حبيب. وقال المقداد، وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، "أكدنا على أن اللاجئين السوريين يجب أن يعودوا إلى وطنهم وهذه العودة تحتاج إلى إمكانيات".

ويعيش نحو 5,5 مليون لاجئ سوري مسجلين في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، وفق الأمم المتحدة.

وتقول كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس "من المهم أن نتذكّر أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية إجراء رمزي لبدء عملية إنهاء عزلته الإقليمية".

وتتابع "من نواح كثيرة، هي بداية التطبيع السياسي، ولكن سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان ذلك سيترافق مع تطبيع اقتصادي، لا سيما من جانب الدول العربية الخليجية".

في دمشق، قال حميد حمدان (44  عاما) مدرّس الجغرافيا لفرانس برس، "أنا والعائلة مهتمون بالأخبار السياسية للمرة الأولى منذ سنوات، ونتابع أخبار القمة أولاً بأول".

واعتبر أن عودة بلاده للجامعة العربية تمثّل "بدء العودة للنظام العالمي"، متوقعا أن تسفر عن "إعادة فتح السفارات والشركات وعودة الحركة والحياة إلى البلاد".

لكن آخرين يبدون أقل حماسا.

وقالت سوسن (29 عاما)، الموظفة في شركة بيع سيارات، "متفائلون خيراً، لكنّنا نعلم أنّ القمة العربية لن تكون عصا سحرية لحل المشاكل السورية".

وأضافت "قد تكون البداية، لكن الطريق نحو الانفراج سيكون طويلاً ولن يكون سهلا".

- التحول في السياسة السعودية -

ولا يبدو المشهد مختلفاً حيال الوضع في السودان واليمن.

فقد توصّل طرفا النزاع في السودان الأسبوع الماضي إلى اتفاق "إنساني" لتمرير المساعدات الإنسانية وضمان خروج المدنيين من مناطق النزاع، لكنهما عجزا عن التوصل الى هدنة، وذلك خلال مفاوضات وصفها مسؤول أميركي بأنها "صعبة جدا".

وأعلن  الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي مشاركة السودان في القمة.

وقال زكي "هناك مبعوث سوداني سيمثل رئيس المجلس الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان في القمة العربية"، مشيرا إلى أن "مشروع القرار المطروح على القمة بشأن السودان يأخذ في اعتباره كل التطورات بما في ذلك التوقيع على إعلان جدة الإنساني الذي صدر منذ عدة أيام، إضافة إلى عدد من الموضوعات الأخرى التي تمثل أهمية في السودان".

وبخصوص اليمن، أفاد السفير السعودي لدى اليمن محمّد آل جابر في مقابلة أخيرا مع فرانس برس أنّ أطراف النزاع في اليمن "جديون" بشأن إنهاء الحرب المدمرة، لكن يصعب التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين.

وقال توربيورن سولتفيدت من شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية إنّ هناك القليل من الشك حول نهج السعودية الدبلوماسي فيما يتعلق بالقمة وما بعدها.

وأوضح سولتفيدت "هناك دلائل واضحة على أن السعودية تبتعد عن سياستها الخارجية المغامرة سابقاً وتسعى لإعادة اكتشاف نفسها كوسيط دبلوماسي رئيسي في المنطقة".

لكنّه أضاف أنّ "الحكم لا يزال بعيدا" بشأن ما إذا كانت هذه المهمة ستنجح.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي