الشخصية الاستثنائية: شهداء أسطول الحرية

خاص - شبكة الأمة برس الإخبارية
2010-10-29

لعله من المفارقة القول هنا ، بأن الوصف مهما كانت بلاغته يعجز عن إنصاف هؤلاء الشهداء الأبرار الذي تركوا الدنيا كلها وارءهم وأبحروا جميعا بإتجاه غزة المحاصرة في محاولة نبيلة ومخلصة لفك القيد الصهيوني الإرهابي البغيض عن عنقها العربي الكريم ، وهدم أسوار جالوت العصر التي أقامها لخنق أكثر من مليوني إنسان ظلما وعدوانا.
ولم يتأخر هؤلاء الشهداء الأبرار عن تلبية نداء الواجب ولو كان ذلك بأرواحهم ودمائهم ، وهذا ما حدث فعلا.
فقد أقدمت قوات البغي والإرهاب الإسرائيلي على قتلهم بدم بارد ومنعت غيرهم من الوصول إلى غزة بمساعدات إنسانية صرفة ، وعليه فلا نجد هنا سوى قول الله سبحانه وتعالى فيهم ، وفي أمثالهم من الشهداء الشجعان الأبرار ، الذين قدموا حياتهم رخيصة من أجل رفع الظلم عن الأبرياء ، حيث يقول عز وجل في محكم كتابه الكريم "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" صدق الله العظيم.
إنهم رحمهم الله بحق الشخصية الإستثنائية لهذا العام وكل الأعوام عن جدارة وإستحقاق ، الذين نتشرف باختيارهم وذكر أسمائهم.


6 - الشخصية الإستثنائية :


شهداء أسطول الحرية: أحرار تمنوا الشهادة فنالوها!!


على متن أسطول الحرية جاؤوا حالمين بتقبيل أرض فلسطين المباركة، حملوا في قلوبهم أمنيات برفع الحصار عن شعب مقهور ومؤازرته في معاناته.. ورسموا في عقولهم لوحات من دمع ودم حول ما جرى في حرب غزة الأخيرة وعزموا على تبديد تلك الصور القاتمة بتقديم مساعدات إنسانية وإغاثية عبارة عن مواد بناء وبيوت متنقلة لمن عاشوا التشرد وعانوا من عنجهية المحتل .

صور واسماء شهداء اسطول الحرية

نشرت المؤسسة التركية لحقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية, المنظمة الرئيسية لقافلة أسطول الحرية, أسماء شهداء أسطول الحرية التسعة اضافة إلى ثلاثة مفقودين جلهم من الأتراك كانوا على متن سفينة مرمرة التي كانت ضمن الأسطول الذي هاجمه الاحتلال الصهيوني فجر الاثنين 31 مايو الماضي بينما كان في طريقه إلى قطاع غزة حاملا مساعدات إنسانية.
وحسب وكالة أنباء الأناضول التركية فإن الشهداء هم ثمانية منهم أتراك والتاسع أميركي من أصل تركي, كما أن هناك ثلاثة مفقودين، وهم: أيدين آتاج، وجلبي بوزان، وعثمان كورت.
الشهداء هم:
1- جنغز آكيوز (41 عاماً) من الأسكندرون جنوب تركيا.
2- علي حيدر بنغي (39 عاماً) من ديار بكر جنوب شرق تركيا.
3- إبراهيم بلغن (61 عاماً) مهندس كهرباء من مدينة سيرت جنوب شرق تركيا.
4- فرقان دوغان (19 عاماً) أميركي من أصل تركي، وقد أظهر تقرير للطب الشرعي أنه قتل بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة بأربع طلقات في رأسه وخامسة في صدره, حسب وكالة الأناضول.
5- جودت كلجلار (38 عاماً) وهو صحفي مولود في مدينة قيصري وسط تركيا.
6- جنغز سنغر (47 عاماً) من مدينة إزمير، وهي ميناء على بحر إيجا.
7- جتين تبجو أوغلو (54 عاماً) بطل سابق لأوروبا في التايكوندو, عمل لاحقا مدرب الفريق الوطني لبلاده وكان يسكن بمدينة آدانا بجنوب تركيا.
8- فهري يلز (43 عاماً) رجل إطفاء وأب لأربعة أطفال منحدر من المدينة الجنوبية أديامان, ونقلت وكالة الأناضول عن أخيه حبيب قوله إن فهري كان دائما يود أن يموت وهو يقاتل الاحتلال الصهيوني ليكون شهيداً.
9- نجدت يلدرن (32 عاماً) الذي يعمل في المؤسسة التي نظمت الأسطول.

شهداء أسطول الحرية يسطرون 10 انتصارات

رغم الحزن الذي يخيم على الجميع لسقوط شهداء في المجزرة التي نفذتها إسرائيل فجر الاثنين الموافق 31 مايو / أيار ضد سفن "أسطول الحرية "، إلا أن ما يهديء النفس هو أن تضحيات هؤلاء الأبطال الذين سطروا أسماءهم في التاريخ بحروف من نور لن تذهب سدى ، بل إنها حسب كثيرين شكلت نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بعدما ارتكبت تل أبيب ما اعتبر أكبر غلطة في تاريخها ودخلت في مواجهة ليس مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين فقط وإنما أيضا مع الأحرار والشرفاء في كافة أرجاء العالم .

فإسرائيل بجريمتها النكراء لم تقتل فقط 19 من نشطاء أسطول الحرية وإنما هي نفذت مجزرة غير مسبوقة في تاريخ البشرية ضد أناس أبرياء من 34 دولة في عرض البحر وهو ما أكد استهانتها بأرواح البشر أيا كانت ديانتهم أو جنسيتهم ، كما أكد أنها أشبه بمريض نفسي يكره كل ما هو إنساني ، وبالتالي فإنها لا تشكل خطرا على العرب والمسلمين فقط وإنما هي تهدد أيضا العالم كله حيث أنها لا تتواني عن فعل أي شيء لتنفيذ مخططاتها التوسعية حتى وإن كان ذلك عبر استهداف المدنيين العزل.

ورغم أن إسرائيل كانت تعتقد أنها ستفلت من العقاب كالعادة باعتبارها دولة فوق القانون ، إلا أنها يبدو أنها أخطأت في حساباتها هذه المرة ، فهي وإن كانت أرادت القضاء على صداع سفن الإغاثة الدولية عبر تنفيذ المجزرة الوحشية البربرية ضد أسطول الحرية ، إلا أنها في حقيقة الأمر ، فإنها قدمت بفعلتها النكراء ما يمكن وصفه بهدايا مجانية وأكثر من 10 انتصارات للفلسطينين والعرب والمسلمين .

وكان أول الانتصارات هو تذكير العالم بأن قطاع غزة مثله مثل بقية الأراضي الفلسطينية لا زال يخضع للاحتلال الإسرائيلى بالكامل رغم ما تزعمه تل أبيب حول الانسحاب من القطاع في 2005 ، وثانيا ، فإن المجزرة أكدت ضرورة إنهاء الحصار الظالم المفروض على غزة فورا ، وهذا ما ظهر واضحا في تصريحات للمفوض الدولي العام لإغاثة وتشغيل اللاجئين فيليبو غراندي قال خلالها :" مثل هذه الأحداث المأساوية كان يمكن تفاديها لو أن إسرائيل استجابت لنداء المجتمع الدولي المتكررة بإنهاء الحصار الجائر وغير المقبول لقطاع غزة" ، كما ظهر في كلمات مندوبي روسيا والصين في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي حول المجزرة.

أما بالنسبة لثالث الانتصارات ، فهو ما أشار إليه كثيرون حول احتمال القطيعة نهائيا في علاقات تركيا وإسرائيل ، حيث بدت الأخيرة وكأنها في حرب مع أنقرة وتستهدف الأتراك تحديدا عندما ركزت على مهاجمة سفينة "مافي مرمرة" التركية التابعة لأسطول الحرية ، مما كبد تركيا وحدها 15 شهيدا من أصل 19 سقطوا في المجزرة ، ولذا مازالت الأنظار تتوجه صوب أنقرة لمعرفة خطواتها المقبلة بعد أن أعلنت سحب سفيرها لدى تل أبيب وقامت بإلغاء ثلاث مناورات عسكرية كانت مقررة قريبا ، بالإضافة إلى توجه وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوجلو شخصيا إلى نيويورك لطلب عقد جلسة عاجلة للجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث العدوان الإسرائيلي.

ورغم أن إسرائيل روجت أنها لم تكن البادئة بمهاجمة الأسطول وأن جنودها تعرضوا لمقاومة بالسكاكين ، إلا أن جريتا برلين الناطقة باسم حركة "الحرية لغزة" التي نظمت القافلة نفت تلك المزاعم وأكدت أن كل مافعله النشطاء هو محاولة منع الجنود الإسرائيليين من الوصول إلى غرف القيادة في السفن أو عنابر المحركات لمنعهم من السيطرة على السفن ، قائلة :" كان أمرا مقززا فعلا أن يهاجموا مدنيين بهذه الطريقة".

نية مبيتة

وفي السياق ذاته وفيما يتعلق بالانتصار الرابع ، قال صحفي كان يرافق أسطول الحرية لوكالة "اسوشييتيدبريس" إن القطع البحرية الإسرائيلية فتحت نيرانها على السفن قبل الصعود إليها.

وحتى وإن كان الجنود الإسرائيليون تعرضوا لمقاومة بالسكاكين مثلما تزعم تل أبيب ، فإن هذا لا يبرر في كل الأحوال إطلاق الرصاص الحي على نشطاء عزل في عرض البحر بينهم نساء وأطفال وعجائز كانوا يرغبون فى نقل مساعدات إنسانية إلى سكان غزة المحاصرين .

فقد شارك أكثر من ألف جندي إسرائيلي من الوحدات الخاصة والكوماندوز البحري ووحدات إسناد في الهجوم واقتحام القافلة بعد ساعات من حصارها بحريا وجويا ، هذا بالإضافة إلى أن المتضامنين حاولوا توجيه نداءات استغاثة لإنقاذ الجرحى الذين أصيبوا في العدوان الإسرائيلي والتأكيد على أنهم مدنيون عزل جاءوا في مهمة إنسانية إلا أن هذا لم يشفع لهم أمام تصميم الجنود الإسرائيليين على تنفيذ الهجوم وهو ما يؤكد أنه كان مبيتا ولذا لن تستطيع إسرائيل خداع العالم هذه المرة وهذا هو الانتصار الخامس ، فهي أكدت مسبقا أنها لن تسمح بدخول الأسطول إلى غزة وأعلنت عن خطة عسكرية أطلقت عليها "رياح السماء" لسحب الأسطول إلى ميناء أشدود واعتقال من على متنه بل وخرج مسئول إسرائيلي بكل وقاحة على فضائية "الجزيرة" وهو يقول :" أهلا بالمواجهة مع أسطول الحرية ".

أيضا ، فإنه رغم ترويج إسرائيل أنه وفقا للقانون الدولي فإن من حق الدولة التي تفرض حصارا على منطقة ما منع السفن من كسر هذا الحصار ، إلا أن تلك الدعاية الرخيصة لا تنطلي على أحد ، فإسرائيل هاجمت أسطول الحرية في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط وليس في مياهها الإقليمية وبالتالي فهي قامت بانتهاك صارخ وغير مسبوق للقانون الدولي الذي ينص على حرية الملاحة في البحار وأنه ليس من حق أي دولة مهاجمة أو تفتيش سفينة دون إذن من الأمم المتحدة ، وهذا هو الانتصار السادس الذي يدين إسرائيل أمام المجتمع الدولي .

وبالنسبة للانتصار السابع فهو يتمثل في المادة 15 من القانون الجنائي الدولي التي تدين الاعتداء على مدنيين عزل واستخدام القوة المسلحة ضدهم ، فمجرد حدوث نزول مسلح من البحرية الإسرائيلية على متن سفن أسطول الحرية يعتبر جريمة حرب ، ولذا يؤكد خبراء القانون أنه حتى وإن كانت إسرائيل غير موقعة على اتفاقية روما التي أسست المحكمة الجنائية الدولية ، فالمدعى العام للمحكمة لويس أوكامبو يجب عليه التحرك فورا لعقاب قادة إسرائيل والجنود المتورطين في مجزرة أسطول الحرية باعتبار ما حدث يعتبر انتهاكا صارخا وغير مسبوق للقانون الدولي الجنائي .

أما الانتصار الثامن فهو الإجماع الشعبي والرسمي العربي على إدانة المجزرة ، بل وقيام مصر والأردن على الفور باستدعاء سفيري إسرائيل في القاهرة وعمان ورغم أن ردود الأفعال لم تتعد حدود الإدانة والمظاهرات الغاضبة ، إلا أن المجزرة أكدت للجميع أنه لاجدوى من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل وأنه لابد من البحث عن البدائل خاصة وأن حكومة التطرف في إسرائيل لوحت أكثر من مرة بالحرب ضد غزة ولبنان وسوريا .

وبالنسبة للانتصار التاسع ، فإن القضية الفلسطينية تصدرت مجددا بؤرة الأحداث عالميا وهذا أمر يتطلب من حركتي فتح وحماس الإسراع باتمام المصالحة الفلسطينية واستغلال إدانة إسرائيل لتكثيف الضغوط الدولية عليها لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية.

وأخيرا بالنسبة للانتصار العاشر ، فإنه حتى وإن نجحت أمريكا كالعادة في منع إدانة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي ، فإنها لن تستطيع الحيلولة دون انتشار الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني في أرجاء العالم وهي أنه كيان غاضب وقاتل للأطفال والمدنيين .

اعتراف من داخل إسرائيل

ولعل ما ذكرته صحيفة "هآرتس " في تعليقها على مجزرة أسطول الحرية يرجح صحة ما سبق ، حيث أكدت أن الدبلوماسية الاسرائيلية تعرضت لخسائر غير مسبوقة بتاريخها بعد اعتدائها على قافلة الحرية لكسر الحصار على غزة .

وأضاف الكاتب "عاموس هارئيل " في مقال له بالصحيفة " حتى لو واصلت إسرائيل تلفيق صور تظهر حمل ركاب سفينة الحرية لسكاكين ، فإن هذا لن يغير موقف العالم من استخدام غير مبرر للقوة المفرطة".

وأشار إلى ضعف الموقف الرسمي الإسرائيلي عالميا من حيث عدم إعلان إسرائيل رسميا بعد ساعات من تنفيذ قواتها للهجوم عن تفاصيل بأعداد القتلى والجرحى وسيناريو الهجوم في الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء العالمية حول عدد الضحايا والمصابين ، كذلك عدم الإعلان الرسمي عن السيطرة الكاملة على هذه السفن.

وعن حجم الضرر في علاقات إسرائيل الدولية بعد هذه المجزرة ، قال هارئيل :" المنتظر قطع العلاقات الإسرائيلية التركية أو تجميدها على أقل تقدير ، كذلك خسرت إسرائيل مواقف دبلوماسية لأكثر من 30 دولة كان لها رعايا بهذه السفن ، قد تحاول إسرائيل تقديم أوراق تبرهن على موقفها لكن هذا لن يغير شيئا من تداعيات هذا الهجوم على سفن الحرية".

أما على الصعيد الداخلي بإسرائيل ، أشار هارئيل إلى أن هناك تداعيات كثيرة ومنها مكاسب لموقف حركة حماس وتخوفات من موقف عرب الداخل وخاصة فيما يتعلق بالإضرابات بالمدن العربية داخل الخط الأخضر وخاصة أتباع الحركة الإسلامية التي يرأسها الشيخ رائد صلاح ، بالإضافة إلى ازدياد التظاهرات والمواقف المعادية لإسرائيل داخل الضفة الغربية وربما انطلاق انتفاضة ثالثة.

واختتم هارئيل قائلا :" إن ركاب السفينة كانوا مدنيون وليسوا مسلحين ولم يكن هناك داع لاستخدام القوة المفرطة معهم من خلال فرق الكوماندوز الإسرائيلي لسلاح البحرية التي تم إنزالها بالهيلكوبتر على ظهر السفن وهي بكامل عتادها العسكري وتطلق النيران بعشوائية كما بدا من الصور ، كان يمكن السيطرة على الموقف ومحاصرة السفن دون إلحاق خسائر بشرية".

وبجانب ما ذكره هارئيل ، فإن ما يضاعف الآمال في عدم ضياع تضحيات شهداء "الحرية" دون نتيجة مثمرة هو شهادات الناجين من المجزرة والتي ستفضح في الأيام المقبلة ما حدث من بلطجة وقرصنة إسرائيلية في عرض البحر .
 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي