
سامي الشاطبي
اضاءة:
أكثـــر الوجهات هيبه وانبهار...
الحرم والحج والبيت القديم
***
مقدمة:
السؤال الذي يطرأ في بال قارئ البيت السابق ..هو.. هل ثمة فرق بين الحرم والحج والبيت القديم؟..لكن لنترك هذا السؤال مُجمدا في الثلاجة لنتناول مجموعة جديدة من القصائد القصيرة للشاعر عيسى بن سالمين المهري والتي يغلب عليها طابع الحكمة النابعة من التجربة والمراس..المعايشة والملاحظة..
بن وتمر..
تتكئ الاقصودة العامية التالية ان جاز تسميتها بالاقصودة على تراث مشترك أمتد ومازال من دبي مرورا بصحراء الربع الخالي ووصولا إلى جزيرة سقطرى ....ان تقاليد واعراف وتراث تلك المنطقة واحد رغم الحدود والاسلاك الشائكة.
ابيض غضيض الطرف تفكيره نزيه
اجمل من الصّوعه على هيلٍ وبن
في البيت الأول ينطلق من بداية تلك المنطقة الواحدة في تراثها ليمر الى الهيل والذي اشتهرت مناطق اليمن الجبلية المحاذية لصحراء الربع الخالي به، والبن والذي اشتهرت به مناطق الساحل اليمني..
ايه والله اني اعشقه وامـــوت فيه
عشق السقطري للتمر مع الدهن
في البيت الثاني يواصل سيره الى سقطرى ولكن دون ان ينسى ان يأخذ معه بعضا من التمر الذي تنتجه بلده..انه التماهي والواحدية التراثية..
الذاكرة الثقافية
يغوص المهري في الوجدان الشعبي ..يحفر بكلماته السهلة الممتنعة عميقا في طبقات العامية ..ثمة كنز في الذاكرة الثقافي..يرغب في استخراجه، لكن ثمة ما يجعل السهل ممتنعا ..
ان كان مالك فـي حياتك معادي
ولا انزرع دربك من اشواك حاسد
انه المال ..والتصرفات السلبية لبعض الافراد وعلى الاخص زارعي الاشواك من يحول دون تحقيق امانيه النابعة من اماني مجتمعه.
مواقف..
تجيء قصائده من قلب معايشته لقضايا بلده وهموم ناسه ، تأتي منسجمة لكنها في بعض الابيات لا تحمل سوى لحن الصدمة ..فها هو عندما صدم بمواقف :
بعض العقول فيها نشوز وخلاعه..
ما تحفظ العشره ولا العرف والدّين
فيها مشاهــد ناتجه عــن مياعه..
ما فكّرت في الموت والقبر والطّين
دعوه وشأنه..
هل اراد الشاعر عيسى بن سالمين المهري القول بمواربة ذكية ان يقول لمن يعرقلون طريق حفره العميق في الذاكرة الثقافية الشعبية دعوني وشأني..؟ّ!
العيب ما يلحق في اهل المواجيب..
العيب عيب اللي يثـرثر وراهــم
ويتابع صاعدا...
الناس تتواصـــــل وتَبْني عـلاقات ..حَسْب التـوافق بالطّبايع والاذواق
والعمــــر رحله والنـوايا محطّات..والطّيب لَاهْل الجود مركب وسوّاق
وكعادة الشاعر في الترفع عن دواني الحياة والتصرفات السلبية
ما امدّح الهافي ولا اذّم شرواك..لي نفس عن سوء الطبع متعاليه
الحُـــــر للأحرار
في الغالب يفجر الشعر الطاقات الفنيّة لدى الشعراء لكنه في النادر من لا يكتفي بتفجير تلك الطاقات في اطارها الشعري المحدود، بل يتعادها الى شئون الحياة الاخرى ..كاجادة افضل طرائق المعاملات واكتساب الخبرات الحياتية والعملية ..
صـــرح العلاقه ينْبني حسب الاشكال..
حسب التوافق بالطبايع والاخــلاق
لكن ان تتجاوز مكتساب تلك الطاقة الفنية الى الوصول لباب الحرية، فتلك حالة نادرة لا يجيد صياغتها سوى من شرب الشعر وابحر بمهارة في بحاره العميقة.
الحُـــــر للأحرار راغب وميّال..
لاهــل المعاني والمواجيب عشّاق..
لنا لقاء في قراءات قادمة...