كيت إيكورن.. هل سنشهد "نهاية النسيان"؟

2023-04-02

يُفسح التقدّم التقني الهائل الذي يُميّز هذا العصر، المجال أمام توثيق أدقّ التفاصيل من حياتنا اليومية، فذكرياتنا باتت مخزّنة داخل هواتفنا، والكاميرات لا تترك شاردة من أفعالنا أو التواريخ المرتبطة بنا إلّا وتلتقطها، الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل يمكنُ أن يُنسى هذا الحدث أو ذاك في ظلّ سيطرة عملية التوثيق؟

ضمن سلسلة "عالم المعرفة"، صدرت الترجمة العربية لـ كتاب الباحثة الأميركية كيت إيكورن، بعنوان "نهاية النسيان: التنشئة بين وسائط التواصُل الاجتماعي" بتوقيع المترجِم عبد النور الخراقي، ويتكوّن العمل الذي صدرت الطبعة الإنكليزية منه عن "منشورات جامعة هارفارد" عام 2019؛ من مقدّمة وخمسة فصول وخاتمة.

يتناول الكتاب واقع حال الأجيال الجديدة، والتي أدركت منذ طفولتها الثورة التكنولوجية وسايرتها وتفاعلت معها، حيث تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى مَحافِظ تُخزّن فيها كلّ ذكريات هذا الجيل، في ظاهرة غير مسبوقة مقارنة بالأجيال السابقة.

كما تتساءل الباحثة: ماذا يحدث عندما لا يُمكننا التخلّص من اللحظات المُحرِجة؟ فعملية التصوير والتخزين التي نُوقِعُها بحقّ أنفسنا، قد تؤثّر على مفهومنا للذاكرة في المستقبل، خاصة إذا كانت هذه الذكريات مُؤذية وسلبية.

يُشير العمل أيضاً إلى موقف الآخَر من هذه الذكريات المُخزّنة، وهنا يتمّ تحييد الذات عن الفاعلية، أو بالأحرى عن اختيارها الحرّ والواعي في تخزين شيء من تاريخها، فالتكنولوجيا التي نغرق فيها تفرض ذلك بشكلٍ شبه حتمي، وهنا يدخل "الآخَر" على الخطّ، والذي تعمَد الباحثة إلى وصفه بـ"المتربِّص".

هذا وتنشئ الباحثة مقارنةً بين ماضينا القريب، والذي شهدته الأجيال السابقة في القرن العشرين، والتي عاصرت مفهوماً عن الصورة مُسيطَراً عليه من قبل الإنسان، بحيث كانت الذكريات المُزعجة التي توثّقها الصور لا تكلّف إزالتها أو محوها الكثير. أمّا في العصر الرقمي، فباتت الصورة محفوظة ضمن فضاء مختلف، ونسبة سيطرة صاحبها عليها أقل بكثير من سيطرة الآخر.

إنّ الذات في مرحلتَي الطفولة والمراهقة - كما تُنبّه إيكورن - قلّما تكون واعيةً بأثر النشاط الذي توثّقه، وهذا قد يسبّب لها صدمةً نفسية على المدى البعيد، ويزيد من احتمالات التنمّر السيبراني، وأشدّ اللحظات إيجابية قد تنقلب إلى مسبّبات أساسية للاكتئاب والعُزلة الاجتماعية.

يُشار إلى أنّ إيكورن هي أستاذة الثقافة ودراسات الإعلام في كلية "المدرسة الجديدة" بنيويورك، وسبق أن أصدرت مؤلّفات في ذات السياق، منها: "محتوى" (2022)، و"الهامش المُعدّل" (2016)، و"التحوّل الأرشيفي في النسوية" (2013).








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي