اللسانيّات العرفانيّة في الدراسات القرآنية

متابعات - الأمة برس
2023-03-31

صدر عن مجمع الأطرش للكتاب المختصّ بتونس في شهر فيفري 2023 كتاب لأستاذ اللسانيات بالجامعة التونسية د. توفيق قريرة عنوانه « العرفان في القرآن : دراسة لسانية عرفانية في دلالة الخلق».

يذكر المؤلف في المقدمة الصلة التي تربط الكتاب بعلم العرفان الديني وهو مقاربة علمية للدراسات الدينية توظّف مكتسبات العلوم العرفانية كعلم النفس واللسانيات و غيرهما من العلوم في الإجابة على سؤال مركزي: كيف يمكن للبشر أن يعالجوا ذهنيا الأقوال الدينية ويحتفظوا بها ويتفاعلوا معها ثقافيا؟ فيرى المؤلف أنّ كتابه ينخرط في هذا السياق العام من التفكير لكنّه تختلف عنه في أنّه يوظّف مفاهيم لسانية عرفانية في دراسة فكرة يعتبرها المؤلف أساسيّة في القرآن هي فكرة الخلق. و يرى أنّ هذه الفكرة ضاربة في القدم إذ إنّ لها حضورا في الثقافة الشعبية البدائية كالأساطير وفي الثقافة الفلسفية وفي المعتقدات الدينية الكتابية وغير الكتابية.

تعتبر اللسانيّات العرفانية التي بمفاهيمها يقرأ المؤلف فكرة الخلق في القرآن أنّ اللغة لا تنفصل في معالجتها عن معالجة الأنشطة الأخرى ذهنيا فهي جزء من القدرات الإدراكية العامة كالتفكير والتذكّر والتعلم والتخطيط واتخاذ القرارات وغيرها ؛ وهذا يعني أنّ فكرة الخلق ليست حكرا في تناولها على فئة من الناس (المتكلمون ، المفسرون .. ) دون عامة الناس ، بل إنّها و بما أنّها شيء يعالج في أقوال الناس الذين يستلهمون أفكارهم من نصّ يهمّ جميع المؤمنين فيعالجونه باللغة و ينتجون حوله متصوّرات مختلفة لا تهتم اللسانيّات بعيارها ولا بقيمتها بقدر ما تهتمّ بكيفية بنائها للأكوان العقدية. ترتبط معالجة فكرة الخلق بثنايا متشعبة من الثقافة المتفاعلة التي تؤدّي إلى بناء نظرة مخصوصة للكون هي كون المخلوق في علاقته بنفسه وفي علاقته بغيره من المخلوقات عبر تعالي الخالق.

خلاصة الأمر أنّ الخلق في النصّ القرآني يعالج من زوايا نظر عديدة : أوّلها زاوية نظر اللغة بما هي تمثيلات ذهنية لا تنفصل عن تصوّر مستعملها و ثانيها الزاوية الاستعارية التي تردّ الاستعارة لا إلى القول بل إلى طريقة اشتغال الذهن عند بناء التجارب بإسقاط تجربة على أخرى كإسقاط تجربة الخلق المجرّدة على حركات يمكن أن تكون مدركة حسّيا كحركة الإنبات و ما ارتبط بها أو حركة التشكيل المادّي للصور وثالثها وجهة النظر الى الخلق والمخلوق والخالق والتي تدخل ضمن ما يعرف بالبروز الإدراكي الذي يحمل إلى الوجه جزئية ويجعل البقية خلفيات.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي