تقرير: ازدواجية باكستان في أفغانستان ليس لها حدود

د ب أ- الأمة برس
2022-11-01

إن سعي باكستان لاستبعاد الحكومة الأفغانية من المحادثات المباشرة مع طالبان حكم على عملية الدوحة بالفشل منذ مرحلتها الأولى (أ ف ب)

واشنطن: برغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها باكستان ضد الإرهاب في العقد الماضي أو نحو ذلك، فإنها تواجه مشكلة إرهاب متزايدة منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة. وينعكس هذا من خلال عدد متزايد من الهجمات الإرهابية داخل باكستان. ومع ذلك تحتفظ إسلام أباد بموقف غير بات في تعاملها مع طالبان.

ويقول الكاتبان صديق صديقي، نائب وزير الاستراتيجية والسياسة السابق بوزارة الداخلية الأفغانية والمتحدث الرسمي باسم رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية في الفترة من 2019 إلى 2021، وجايسون كريس هوك، المدير والمؤسس المشارك لمنظمة "أصدقاء أفغانستان في العالم" ومقرها الولايات المتحدة، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية إنه في شباط/فبراير 2020، قبل أيام فقط من توقيع اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، اجتمع مجتمع الاستخبارات وقادة الاستخبارات العسكرية من جنوب ووسط آسيا في مؤتمر للقيادة المركزية الأمريكية في تامبا بولاية فلوريدا.

وكان الموضوع حربا غير تقليدية، وكانت إحدى أكثر اللحظات إثارة عندما وصف أحد أعضاء اللجنة كيف فشلت أجهزة الأمن الباكستانية مرتين في الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بـ "أنظمتها العميلة".

وكان الجنرالان الحاضران من الاستخبارات الباكستانية المشتركة بين الأجهزة غاضبين في البداية من أن شخصا ما كان يفضح حملتهم للسيطرة على الحكومة الأفغانية من خلال المقاتلين بالوكالة. وفي وقت لاحق ، اعترف أحد قادة الاستخبارات الباكستانية بأن عناصر من القوى الحاكمة في باكستان قد دعمت بالفعل الجهود الفاشلة لقلب الدين حكمتيار في الحرب الأهلية الأفغانية وميليشيا طالبان في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين للحصول على اعتراف الأمم المتحدة كحكومة أفغانستان. كما اعترف أمام المتحدثين وجنرال في الجيش الأمريكي بأن باكستان تواصل دعم حملة طالبان وشبكة حقاني لاستعادة أفغانستان.

ويقول الكاتبان إن جعل ضابطين باكستانيين يعترفان علنا بأن بلادهما تواصل دعم ومساعدة شبكة طالبان- حقاني الإرهابية لهزيمة الجمهورية الأفغانية وشركائها في حلف شمال الأطلسي كان ينبغي أن يكون إشارة إلى أفراد أجهزة الاستخبارات المجتمعين بأنه لا يمكن الوثوق بباكستان في قضايا مكافحة الإرهاب. وبدلا من ذلك ، قوبل الاعتراف بتجاهل. وتم التوقيع على اتفاق الدوحة، واعتبرت باكستان ذلك ضوءا أخضر لمواصلة جهودها. وأخذ الأفغان باتفاق الدوحة، وفي وقت لاحق، كان هناك قرار الرئيس جو بايدن بالتخلي عن جميع الوعود الأمنية الأمريكية الأفغانية، حيث سلمت الولايات المتحدة البلاد إلى إرهابيين مقرهم في باكستان.

ولم تكن هناك سلطة عسكرية أعلى من كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولن ، في وضوحه أمام الشعب الأمريكي في عام 2011 عندما قال إن باكستان كانت تستخف بذكاء الأمريكيين. وفي الواقع، كانت الأموال التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى باكستان تمول في نهاية المطاف نفس الإرهابيين الذين كانوا يشوهون ويقتلون الجنود الأمريكيين لمدة عقد من الزمان. وحتى مع وجود هذه الأدلة الواضحة، رفضت الولايات المتحدة تغيير سياستها بما يكفي لتغيير سياسة باكستان، وفقا للكاتبين.

وبعد أن استولى إرهابيو "طالبان-حقاني" على كابول في عام 2021، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك عمران خان أن طالبان "كسرت أغلال العبودية" بهزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان. وأعربت الحكومة الباكستانية علنا عن سعادتها بسقوط جمهورية أفغانستان الإسلامية واحتفلت بعودة طالبان. وأثبتت باكستان صراحة أن مولن على حق.

وبعد عشرين عاما من الحرب والمشاركة الدولية، ظلت آفاق السلام الدائم والاستقرار والتسوية السياسية المقبولة لأفغانستان التي تصورتها كل من الولايات المتحدة وحكومة أفغانستان بعيدة المنال أثناء توقيع اتفاق الدوحة. وظهرت العديد من الأطراف الفاعلة الإقليمية التي لديها رغبة متزايدة في التدخل في أفغانستان لمساعدة طالبان، بدعم من باكستان.

إن سعي باكستان لاستبعاد الحكومة الأفغانية من المحادثات المباشرة مع طالبان حكم على عملية الدوحة بالفشل منذ مرحلتها الأولى. وأضاف تواصل روسيا وإيران والصين مع طالبان، باستثناء الهند وطاجيكستان، تعقيدا استراتيجيا إلى خارطة طريق السلام التي صممتها واشنطن. وتمكنت طالبان وباكستان من جعل واشنطن رهينة "محادثات سلام" لم تذهب إلى أي مكان ولكنها خدمت المصالح الباكستانية.

وكانت الحالة النهائية التي أرادتها الحكومة الأفغانية لمحادثات السلام قبل بدء عملية الدوحة هي أخذ زمام المبادرة، والتفاوض مع طالبان مباشرة، والعمل مع الولايات المتحدة لكسب النفوذ. وحث الأفغان الولايات المتحدة على ممارسة ضغط متناسب على كل من طالبان وباكستان من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مقبولة للجميع من أجل حماية النظام السياسي في أفغانستان ومنع الانهيار التام لكل التقدم المحرز منذ عام 2001. وكان هذا هو الطلب البسيط للجمهورية الأفغانية من عام 2009 حتى عام 2021.

وبسبب الجهود الدبلوماسية الدولية المعيبة والعناصر الباكستانية التي تساعد "إرهابيي طالبان-حقاني" على تقويض الحكومة، سقطت الدولة الأفغانية في آب/أغسطس 2021. وتبدد 20 عاما من الإنجاز في بناء الدولة والديمقراطية وحقوق المرأة والتنمية السياسية وحرية التعبير.

وتحولت أفغانستان مرة أخرى إلى ملاذ آمن للإرهابيين الدوليين، بمن فيهم زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، الذي قتل في آب/أغسطس 2022 في منزل آمن لـ "طالبان-حقاني" في كابول. كما انهار النظام الاقتصادي، وتواجه أفغانستان الآن أزمة مالية لا يمكن تجنبها. وتؤدي الكوارث الإنسانية وسرعة تراجع حقوق الإنسان، إلى جعل أفغانستان دولة فاشلة مرة أخرى.

والآن، نرى باكستان تعيد ضبط اللعبة. وخلال زيارته إلى واشنطن في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، قدم قائد الجيش الباكستاني الشعار القديم، محاولا تسويق نفوذ باكستان على نظام "طالبان-حقاني" كرصيد للولايات المتحدة. ولكن لن يكون هناك أي تغيير في وجهة نظر باكستان بشأن التعاون مع الولايات المتحدة. ستكون نفس قصة الازدواجية، وفقا للكاتبين.

ويرى الكاتبان أن الخيار الأفضل للسيطرة على الإرهابيين في جنوب ووسط آسيا هو عدم الوثوق بباكستان في الوفاء بأي وعود. وتدير باكستان أساسا مصنعا للإرهاب في جنوب آسيا. ويمكن للولايات المتحدة بدلا من ذلك أن تدعم الجهات الفاعلة القائمة في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة. إن تعميق العلاقات الاستراتيجية مع باكستان دون موازنة مع الهند من شأنه أن يطيل أمد وجود الملاذ الآمن للإرهابيين الذي هو أفغانستان الجديدة.

ويخلص الكاتبان إلى أن تكرار السياسة الأمريكية الساذجة السابقة تجاه باكستان لن يغير طبيعة الأزمة الحالية في أفغانستان. فالاعتماد على باكستان والاستعانة بمصادر خارجية للشؤون الأفغانية محكوم عليه بالفشل ولا يؤدي إلا إلى تأخير التوصل إلى تسوية مقبولة في أفغانستان.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي