
واشنطن - بعد مرور نحوعامين على اندلاع الحرب في منطقة تيجراي الإثيوبية، تزداد حدة القتال الآن هناك. وتوضح التقارير أن هناك حوالي 100 الف من الجنود الإريتريين يهاجمون تيجراي، بتنسيق مع القوات الإثيوبية فيما يبدو.
وتقول ميشيل جافين كبيرة الباحثين في مجال دراسات أفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إن المنطقة خاضعة لحصار منذ حزيران/ يونيو العام الماضي، باستثناء فترات ضئيلة أثناء تراجع شدة القتال في الربيع والصيف الماضيين. وتزداد الظروف الانسانية على الأرض صعوبة؛ حيث أدى القتال الأخير إلى تفاقم معاناة المواطنين الذين حرموا من الحصول بشكل ملائم على الغذاء أو الدواء طوال أكثر من عام. ونظرا للصعوبة البالغة أمام دخول المنطقة، لم يعد أمام المراقبين سوى التكهن بحجم الخسائر الإنسانية.
وأضافت جافين في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية أنه ليس لدى العالم إرادة قوية لمعالجة الأزمة. وبالإضافة إلى الجمود في مجلس الأمن الدولي، لم يحشد مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة دعما كافيا لمد فترة عمل لجنة الخبراء المكلفة بالتحقق من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الدولية، والقانون اإنساني، وقانون اللاجئين في إثيوبيا، رغم الأدلة التي تكشفت بالفعل عن ارتكاب جميع أطراف الصراع لجرائم خطيرة.
وترى جافين أن جزءا من فتور الاستجابة الدولية يرجع إلى إصرار الدول الأفريقية على أن تتم معالجة الأمر داخل المنطقة. ولكن لذلك الإصرار مشاكله.
وقالت جافين إن المبعوث الأمريكي النشيط الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر، يتعاون مع زملائه الأفارقة والأوروبيين لمحاولة جمع ممثلي كل من تيجراي وإثيوببا على مائدة مفاوضات الاتحاد الأفريقي، بهدف وقف المذبحة وبناء بعض الزخم نحو تحقيق السلام. وكان الأمر صعبا. فخلال الأسبوع الماضي، أثارت المحاولات والبدايات الدبلوماسية الكثير من الاهتمام الدولي، لكنها لم تحقق شيئا بالنسبة للمدنيين الذين يعيشون في ظل هذه الأهوال.
وكان من المقرر إجراء مباحثات بين الحكومة الإثيوبية وقادة التيجراي في 8 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في جنوب أفريقيا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، لكن تم الإعلان عن تأجيل تلك المباحثات. وقد فشل الاتحاد الأفريقي في اكتساب أي قوة جذب حقيقية حتى الآن لمعالجة الأزمة تحت قيادة الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو . ولكن تم الكشف عن صيغة جديدة – أضافت رسميا أوهورو كنياتا، الرئيس الكيني السابق وملامبو أنجوكا، النائب السابق لرئيس جنوب أفريقيا إلى جهود أوباسانجو لمحاولة كسب المزيد من الثقة من جانب الأطراف التي تشعر بعدم الثقة في المحاولات السابقة.
ولكن سرعان ما أصبح من الواضح أن هذا الإعلان كان سابقا لأوانه. فقد رحبت الحكومة الإثيوبية بالمبادرة. ولكن رغم أن قادة تيجراي أوضحوا أنهم على استعداد للمشاركة في المباحثات، طلبوا بوضوح تفاصيل أساسية عن هيكلها والمشاركين فيها، مما يوضح أن هناك افتقارا للتنسيق. وبالمثل، أوضح كنياتا نفسه أنه لم يتم اطلاعه على شىء، وكشف أن موعد المباحثات لا يناسبه، وأنه ليست لديه معلومات كافية عن الآليات الأساسية للمباحثات.
وتقول جافين، التي شغلت في وقت سابق منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى بوتسوانا، إن العمل الدبلوماسي مرهق في الغالب، وأي مباحثات تضم عددا كثيرا من المعنيين وتشمل حدوث تغييرات لا بد أن تمثل تحديات لوجيستية( ومن المحتمل مشاكل جوهرية). ومن الممكن أن يصبح تغيير الوسطاء وأماكن إجراء المباحثات والبحث عن مواعيد مناسبة تشتيتا لا معنى له إذا لم يكن لدى أطراف الصراع نية في النظر بجدية لأي نوع من عمليات السلام.
وقد ولدت محاولة سابقة للاتحاد الأفريقي ضمت ثلاثة رؤساء أفارقة سابقين ميتة عندما رفضت إثيوبيا النظر جديا في إجراء حوار. ويبدو هذه المرة أن إثيوبيا سعيدة بالمشاركة في سلسلة من الاجتماعات ، ولكن ليس من الواضح تماما أن هذا يعكس أي دليل على أن هناك إرادة سياسية للتوصل لسلام حقيقي. فالهجمات الجوية مستمرة، بما في ذلك هجوم أصاب مدرسة الأسبوع الماضي, ولا يبدو أن القادة الإثيوبيين قاموا بتهيئة دوائرهم السياسية لما هو أقل من تحقيق النصر التام. وليس من المؤكد ما إذا كانت مباحثات الاتحاد الأفريقي تتصور أي دور لإريتريا ، وهي أحد الخصوم الرئيسيين في الصراع الحالي. فأساس التقدم ليس قويا.
وتختتم جافين تقريرها بالقول إن التاريخ مليء بـ"عمليات السلام" المفصولة عن الواقع، والتي صرفت الاهتمام الدولي المهم عن عمليات إعداد وتنفيذ حملات العنف المرعبة على الأرض. ويتعين على صانعي السياسات عمل ما هو أكثر من مجرد دعم عمل الدبلوماسيين الذين يحاولون جاهدين إعداد المائدة للمباحثات. فهم في حاجة للمساعدة في بناء الإرادة لإنجاح تلك المباحثات، وذلك بأن يوضحوا لجميع المشاركين المعنيين- الذين تشملهم قائمة تتجاوز كثيرا حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد وقادة تيجراي- التكاليف التي سينطوي عليها استمرار الحرب، والمكاسب التي يمكن أن يحققها السلام.