تقرير: حرب روسيا ضد أوكرانيا منحت القوة للمنتقدين المتشددين لبوتين

د ب أ- الأمة برس
2022-10-12

كلما كانت تكلفة التحرك أكثر، كلما أراد بوتين قبولا من الآخرين يدعم شرعية تصرفاته (ا ف ب)

نيويورك: يرى الدكتور ستيفن سيستانوفيتش الخبير الأمريكي وكبير زملاء الدراسات الروسية والأوروآسيوية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أن الآراء التي تتدفق من جانب المتشددين داخل المؤسسات شبه العسكرية ووسائل الإعلام ومؤسسات الأمن القومي، توفر أدلة مهمة على الاتجاه الذي سيتخذه بوتين في الحرب ضد أوكرانيا.

وقال سيستانوفيتش في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إن العديد من المراقبين يرون أن حرب روسيا التي تواجه فشلا ضد أوكرانيا منحت القوة للمنتقدين المتشددين للرئيس فلاديمير بوتين. ويتردد أن ما يطلق عليهم صقور الحرب يفضلون التصعيد العسكري القوي، وربما حتى يستهدفون اسقاط بوتين إذا تصرف بشكل مختلف. ولكن من هم هؤلاء الأشخاص؟ وهل يضعون قيودا على خيارات بوتين؟ وهل يمكن أن يشكلوا تهديدا لسلطته حقا؟

أوضح سيستانوفيتش أن هؤلاء المتشددين ينقسمون إلى ثلاث مجموعات:

- أولها المنتقدون للحملة الراهنة في أوكرانيا، ويقود بعضهم وحدات شبه عسكرية، وبشكل خاص رمضان قديروف، أمير الحرب الشيشاني ويفجيني بريجوجين، الذي يدير مجموعة المرتزقة الروسية "واجنر" وايجور جيركين، وهو قائد القوات الخاصة الانفصالية في شرق أوكرانيا في عام 2014.

- وتضم المجموعة الثانية الشخصيات الإعلامية التي تنفجر ليلا في البرامج الحوارية على التليفزيون الحكومي، والتي تطورت لغتها الخطابية بشكل مستمر لتصبح أكثر عدوانية مع كل نكسة عسكرية روسية. وتضم هذه المجموعة مارجريتا سيمونيان، رئيسة تحرير شبكة "آر تي"، شبكة الدعاية الرئيسية في روسيا. ومن بينهم أيضا مدونون متعطشون للدماء و"صحفيون" عسكريون على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تليجرام، وهو تطبيق الرسائل الروسي الشهير (الذي لا يزال غير خاضع نسبيا للسيطرة).

- وتعتبر المجموعة الثالثة، الأقل ظهورا: وتضم متذمرين مفترضين (لكن يصعب تحديدهم) داخل مؤسسات قطاع الأمن القومي. واعتبر العديد من المراقبين تعيين قائد جديد للحملة الأوكرانية وهو الجنرال سيرجي سوروفيكين، الأسبوع الماضي، بمثابة تنازل للمتشددين. (وكان سورفيكين قد أشرف على العمليات الجوية الروسية أثناء الحرب الأهلية السورية وقضي عقوبة في السجن لقيادته جنودا قتلوا المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية عام 1991). كما أن الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، قد أضاف لهجة متشددة لتصريحاته، حيث دعا مؤخرا إلى القضاء التام على النظام "النازي" في أوكرانيا.

وقال سيستانوفيتش، الذي عمل في وقت سابق مستشارا خاصا لوزير الخارجية الأمريكي وكان كبير مسؤولي الوزارة بالنسبة للسياسة تجاه روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق، إن من المهم أن يتم إدراك تحذيرين بشأن تأثير من يسمون بصقور موسكو:

التحذير الأول: هو أنه لا يوجد دليل حقيقي على أنهم، من خلال الدعوة لأشكال متنوعة من التصعيد ضد أوكرانيا، يقفون بشكل أساسي ضد تفضيلات بوتين. ومثل أي عدد من القادة السياسيين في وقت الحرب، كان بوتين يأمل في كل مرحلة من القتال أن يحقق أهدافه بثمن بخس، وهكذا فقد أيد في بداية الحرب شن ضربات سريعة ضد كييف وغيرها من المدن، ثم تحول إلى استراتيجية إنهاك القوات الأوكرانية بدون تعبئة حاشدة أو تجنيد إجباري. ومع استغلال هذين الأسلوبين، اضطر بوتين إلى تجربة شيء مختلف في الأسابيع الأخيرة.

التحذير الثاني: هو أنه ليس صحيحا افتراض أن أيا من هؤلاء الأشخاص أو الفصائل لديه قاعدة قوة مستقلة تسمح له بتقديم أجندات سياسته الخاصة أو تحدي بوتين بشكل مباشر . فهم جميعا- من قديروف وبريجوجين وجيركين إلى ميدفيديف وسيمونيان- مستفيدون بدرجة كبيرة من سياسات الرئيس ورعايته في الماضي. وفي الوقت الراهن، من الممكن أن يساعد حديثهم المتشدد بوتين من خلال إظهار أن ممارساته تعكس إجماعا داخل الطبقة السياسية، وليس مجرد رد على سياساته الخاصة الفاشلة.

ورأى سيستانوفيتش، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد واستاذ الدبلوماسية بجامعة كولومبيا، أنه في الوقت الحالي، يتفق المنتقدون المتشددون بشكل أساسي مع تفضيلات بوتين الواضحة: لاتباع نهج أكثر قوة يهدد مناطق أكثر من أوكرانيا (وربما كلها) بالألم والحزن اللذين لم يشعر بهما سوى أولئك الذين يعيشون بالقرب من الخطوط الأمامية في الأشهر السبعة الماضية. وسيكون هناك حساب أكثر تشددا بين النخبة السياسية الروسية فقط عندما يصبح من الواضح أن جولة جديدة من التصعيد فشلت في مساعدة القوات الروسية على صد القوات الأوكرانية ومنعها من التقدم.

وكلما كانت تكلفة التحرك أكثر، كلما أراد بوتين قبولا من الآخرين يدعم شرعية تصرفاته.

واعتبر سيستانوفيتش أنه إذا تم الوصول إلى هذا الإدراك وعندما يتم ذلك، فإنه سيكون اختبارا لمدى تشدد المجموعات خارج إطار بيروقراطية الأمن القومي أو داخلها. وفي الواقع من المرجح للغاية أن يتعاون الاثنان. وإذا استمر التأييد الكامل للتصعيد بين المعلقين التليفزيونيين والقادة شبه العسكريين، فإنه سيظهر بشكل مؤكد أن هذه الآراء موجودة داخل دائرة مستشاري بوتين. من جانبهم، سيراقب الرئيس ومستشاروه الرد الشعبي على إمكانية مواصلة الحرب "الخطيرة بشكل متزايد".

ورأى سيستانوفيتش أن آراء صقور موسكو الآخذة في التطور تستحق المراقبة لسبب آخر: لأنها ربما تقدم إشارات مبكرة على اهتمام بخفض التصعيد. فإذا تحولت أي مجموعة من دائرة مستشاري بوتين لتأييد تقليص الخسائر وإنهاء الحرب، فإن هذا التفضيل أيضا يمكن استعراضه واختباره من خلال مواقف الشخصيات الإعلامية والمؤثرة، أو حتي في تصريحات أشخاص مثل بريجوجين وجيركين. وفي حال مواجهة الهزيمة، سيحتاج بوتين إلى آخرين ليشاركونه اللوم ولا يتحمله بمفرده.

واختتم سيستانوفيتش تقريره بالقول إن أي حرب فاشلة، يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى اضطراب سياسي في روسيا وإلى قيادة جديدة. في الوقت نفسه، ، ربما يساعد المتشددون الداعون إلى التصعيد بوتين في التعامل مع التحديات التي يواجهها.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي