تقرير: باكستان لا تحتمل تداعيات أزمة سياسية بعد كارثة الفيضانات وتدهور الاقتصاد

د ب أ- الأمة برس
2022-09-02

على طرفي الأزمة العمل معا لتهدئة الأوضاع. ويحتاج خان من جانبه إلى إبداء قدر أكبر من الاحترام للدستور والقانون (ا ف ب)

إسلام آباد: تواجه باكستان حاليا كارثة فيضانات مدمرة ومعدل تضخم متصاعد في الأسعار، حتى لم تعد قادرة على تحمل أي أزمة سياسية الآن. ولكن للأسف، تقول المؤشرات إن هذه الدولة الآسيوية النووية تتجه نحو أزمة سياسية حادة تضاف إلى قائمة الأزمات والكوارث التي تعاني منها، بسبب الصراع بين رئيس الوزراء السابق عمران خان والحكومة الحالية.

وتقول وكالة بلومبرج للأنباء في "افتتاحية" خصصتها للشأن الباكستاني إنه على كافة الأطراف السياسية إدراك أن الوصول إلى حل وسط هو الخيار الأفضل لها جميعا ولباكستان بالطبع.

وبحسب بلومبرج فإن خان يتحمل نصيب الأسد من المسؤولية عن الأزمة الحالية. فمنذ سحب الثقة من حكومته في نيسان/أبريل الماضي على خلفية اتهامه بسوء إدارة الاقتصاد، يواصل لاعب الكراكيت الشهير الهجوم على الحكومة الائتلافية الحالية التي حلت محل حكومته ويدعو أنصاره إلى التظاهر للمطالبة بإجراء انتخابات برلمانية ميكره. وفي آب/أغسطس الماضي تصاعدت الأمور، عندما ظهر أحد كبار مساعدي خان على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية وحذر صغار الضباط من إطاعة الأوامر غير القانونية من قادتهم،  مدعيا أنه تعرض للتعذيب أثناء احتجازه، وهو ما نفته الحكومة تماما.  وتم وقف إرسال القناة التلفزيونية التي بثت هذه التصريحات.

 وهدد خان ضباط الشرطة والقضاة الذين تعاملوا مع قضية مساعده، وهو ما أدى إلى تقديم شكوى ضده بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الصارمة في البلاد، في حين يسعى إلى تبرئة نفسه من هذه التهم. ويمكن أن يواجه خان الحرمان من ممارسة العمل السياسي أو حتى السجن مثل العديد من القادة الباكستانيين السابقين، إذا تمت إدانته.

وتقول بلومبرج إن خان لا يستطيع الادعاء بأنه نموذج ديمقراطي، لآن صعوده  في عام 2018 تم بدعم واسع من الجيش. كما أن حكومته متهمة  باستهداف المعارضين لها في وسائل الإعلام والمجتمع المدني، واللجوء إلى مناورات برلمانية مريبة للإفلات من التصويت بحجب الثقة عن الحكومة. ومنذ فقدانه للسلطة قبل حوالي أربعة أشهر، يتبنى خان ممارسات شعوبية لإثارة الغضب ضد خصومه بالحديث عن مؤامرة أمريكية وراء الإطاحة به.  كما رحب بسيطرة حركة طالبان على أفغانستان وأعلن تأييده لبوتين بعد غزوه لأوكرانيا.

في المقابل فإن إي رد فعل عنيف من جانب حكومة رئيس الوزراء شاهباز شريف ضد خان يمكن أن يحوله إلى شهيد. ويعتقد الكثيرون من الخبراء القانونيين أن اتهام خان بالإرهاب ينطوي على تعسف. كما أن قمع وسائل الإعلام سيضعف حرية التعبير في البلاد. وحظر ممارسة خان للعمل السياسي لن يؤدي إلا لمزيد من الفوضى والاضطراب في باكستان.

وعلى طرفي الأزمة العمل معا لتهدئة الأوضاع. ويحتاج خان من جانبه إلى إبداء قدر أكبر من الاحترام للدستور والقانون. وإذا أراد أن تكون معركته ضد الحكومة على أرضية السياسة، فعليه العودة مع أعضاء حزبه إلى البرلمان بدلا من استمرار مقاطعته.

 كما يجب على حزبه اختبار شعبيته بمواصلة المشاركة في الانتخابات الفرعية والتي شهدت انتصارات كبيرة للحزب مؤخرا، مع ضرورة إظهار كفاءته في حكم الأقاليم التي سيطر عليها بدلا من استخدامها في مناكفة الحكومة المركزية.

في المقابل على الحكومة اللعب بنزاهة. عليها تطبيق القانون وليس تلفيق القضايا على أمل خادع في إبعاد خان عن النظام السياسي كله.

وعلى رئيس الوزراء شاهباز شريف ووزرائه  التركيز أولا على الجهود الطارئة للتعامل مع كارثة الفيضانات والأزمة الغذائية، ثم  تحقيق استقرار الاقتصاد، والتعامل مع تداعيات إجراءات التقشف. فأفضل طريقة لمواجهة جاذبية خان هي التفوق عليه في الأداء السياسي وليس مهاجمته والتي لا تؤدي إلى تعزيز روايته عن الاضطهاد الذي يتعرض له.

 وأخيرا والأكثر أهمية بحسب بلومبرج هو أن يظل الجيش الباكستاني بعيدا عن هذا الصراع السياسي وأن يترك القادة المدنيون القيام بمهمة الحكم. فتدخل الجيش في السياسية وهو  مشكلة دائمة، لا يؤدي إلا إلى تشجيع السياسيين على التركيز على ما يرضي العسكريين وليس الناس. كما أن أحد أسباب إصرار خان على الدعوة لانتخابات مبكرة هو أن رئيس الوزراء سيعين رئيس أركان الجيش الباكستاني الجديد في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. في الوقت نفسه فإن الدورات المتكررة للاضطراب السياسي تدمر الاقتصاد وتعرقل الحكم الفعال. وعلى قادة باكستان إدراك أن اللعبة السياسية الآن لن يكون فيها فائز.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي