تغريدة أججت التوترات في العراق

د ب أ- الأمة برس
2022-08-30

تغريدة أججت التوترات في العراق (ا ف ب)

كأنه ضغط على زناد بندقيته وليس زرا أرسل به تغريدة إلكترونية ، تشبيه ربما يلامس حقيقة ما يشهده العراق على مدار الساعات الماضية ، فبعدما أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي نهائيا ، تأزم الموقف المعقد بالأساس وبدأت دوامة عنف جديدة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى ، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى آتون فوضى وإراقة المزيد من الدماء.

وخرج الصدر بإعلان مفاجئ للجميع بأنه اعتزل الشؤون السياسية وقرر إغلاق جميع مؤسسات التيار بسبب استمرار الأزمة السياسية في البلاد ، وقال في بيان على حسابه على تويتر: "كنت قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، إلا أنني الآن أعلن الاعتزال النهائي".

وفور الإعلان عن هذا الموقف، بدأ أنصار التيار الصدري الزحف نحو المنطقة الخضراء ببغداد، التي تضم الهيئات الدبلوماسية والمقار الحكومية والسفارات، واقتحموا القصر الجمهوري.

 

تطور فرضت معه السلطات العراقية حظر التجوال الشامل في أنحاء البلاد ، إلا أنه لم يحل دون حدوث اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى ، ليتأجج بعدها الوضع في مناطق متفرقة وتندلع اشتباكات بين أنصار التيار الصدري ومسلحي الحشد الشعبي.

وبعيدا عن حقيقة ما ذهب إليه البعض من تحليلات رأت أن إعلان الصدر ربما يكون مناورة جديدة قد يتراجع عنها كما فعل عندما أعلن مقاطعة الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل أن يعدل عن قراره ويفوز تياره بنصيب الأسد فيها، يخشى كثير من العراقيين من أن تدفع البلاد ثمن المناورات والتجاذبات السياسية وأن يدخل العراق نفقا مظلما لا يستطيع أحد وقتها انتشاله منه.

وفي هذا السياق ، جاءت دعوة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجميع إلى "تحمل المسؤولية الوطنية لحفظ الدم العراقي" ، ووجه بفتح تحقيق عاجل بشأن أحداث المنطقة الخضراء وتحديد المقصرين ومحاسبتهم وفق القانون.

وقال مكتب الكاظمي في بيان إن "القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني، أو عسكري، أو مسلح منعاً باتاً، وشدد على التزام الوزارات، والهيئات، والأجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها".

وأكد الكاظمي أن "قواتنا الأمنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين"، وأن "أي مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية" ، ودعا المواطنين إلى "الالتزام بالتعليمات الأمنية وقرار حظر التجوال".

وفي غضون ذلك ، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن "الظرف العصيب الذي تمر به البلاد يستدعي من الجميع التزام التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد".

كما دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي جميع الأطراف إلى إطفاء نار الفتنة والتوصل إلى تفاهمات.

وقال الحلبوسي في بيان إن "ما آل إليه الوضع هذا اليوم (الاثنين) ينذر بخطر كبير، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تركه يتصاعد دون تدخلٍ من العقلاء والمؤثرين من زعامات دينية وسياسية وعشائرية واجتماعية، تدفع باتجاه التهدئة وضبط النفس، وتحذر من الفوضى وإراقة دماء العراقيين الأبرياء عبر استخدام السلاح من أي طرف".

وأضاف: "دعوتنا المخلصة والصادقة إلى جميع الأطراف لإطفاء نار الفتنة، والتوصل إلى تفاهمات ، لحفظ وصون سيادة الوطن واستقراره، وحمايته من الانزلاق إلى تصادم يخسر فيه الجميع".

واستشعارا فيما يبدو لخطورة الوضع، خرج الصدر وأحد أبرز خصومه السياسيين ، هادي العامري رئيس تحالف الفتح ، القيادي في الإطار التنسيقي ، بدعوات للتهدئة ووقف العنف.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن تغريدة لرئيس الكتلة الصدرية المستقيلة من البرلمان ، حسن العذاري، على حسابه على "تويتر" أن زعيم التيار الصدري قرر الإضراب عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح.

وفي الوقت نفسه ، اعتبر العامري أن السلاح "ليس حلاً" ، وقال في بيان :"ندعو للتهدئة وأناشد أبنائي من كل الأطراف التوقف عن استخدام السلاح".

وأضاف :"السلاح ليس حلا ولا يوجد حل بين الإخوة إلا بالحوار والتفاهم".

وتفاعل رئيس الوزراء العراقي مع الموقفين ، قائلا في تغريدة على "تويتر": "أثمن دعوة سماحة السيد مقتدى الصدر إلى إيقاف العنف، كما أثمن دعوة الحاج هادي العامري، وكل المساهمين في التهدئة، ومنع المزيد من العنف".

وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بالعنف في العراق والداعية إلى الاحتكام إلى العقل.

وقالت الولايات المتحدة إن ما يجري في العراق يثير القلق، كما يضع سيادته في خطر، مشيرة إلى أن التظاهر حق "لكن يجب حماية الممتلكات العراقية".

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن تدين استخدام العنف وتحث على أهمية الحفاظ على الهدوء.

كما عبرت مصر عن قلقها البالغ حيال التطورات التي يشهدها العراق ، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "أتابع باهتمام الموقف الراهن بالعراق وأحزنني ما آلت إليه التطورات الحالية في هذا البلد الشقيق".

وشدد السيسي في اتصالين هاتفيين مع الكاظمي وصالح على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار العراق وسلامة شعبه، داعيا الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة العليا لوطنهم لتجاوز الأزمة السياسية عبر الحوار.

بالتزامن، حذرت الجامعة العربية من انزلاق الوضع في العراق إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء.

كما دعا البرلمان العربي الأطراف والقوى السياسية العراقية كافة إلى ضرورة ضبط النفس ومنع التصعيد، وإعلاء المصلحة الوطنية ووقف العنف والحفاظ على المسار السلمي للعملية السياسية.

واحتلت التطورات في العراق مساحات في الصحافة الغربية، حيث وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أحداث العنف بأنها "الأخطر خلال صيف اضطرابات" في العراق ، مشيرة إلى الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد في ظل عدم تشكيل حكومة على الرغم من مرور نحو 10 أشهر على الانتخابات.

ووصفت الصحيفة العراق بأنه بات "أسير صراعات متصاعدة بين الفرقاء السياسيين".

وبدورها ، رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن التطورات الأحدث عمقت جراح العراق الذي يشهد شللا سياسيا وصراع نفوذ محتدما بين مصالح تقف خلفها إيران وأحزاب تدين بالولاء للعراق.

 

Notepad






شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي