سامح الجبّاس.. عودة إلى "مكتبة مصر"

2022-08-28

يُقال الكثير عن العلاقة بين الناشر والكاتب العربي صعوداً وهبوطاً، إلّا أنّ واحدة من تلك العلاقات صِيغَت بمنطق من الشراكة والرؤى المشتركة التي لا تفصل مقوّمات النشر عن مشروع الكتابة، ونحن نتحدّث هنا عن الروائي المصري نجيب محفوظ (1911 - 2006) وناشره عبد الحميد السحّار (1913 - 1974) صاحب "مكتبة مصر" التي صدرت عنها أعمال محفوظ.

في ثلاثينيات القرن الماضي التقى محفوظ بالسحّار لأوّل مرّة عند أحد المقاهي، وفي ذلك الحين كان الاسمان في مقتبل العمر، ويسعى كلٌّ منهما إلى تأسيس مشروع أدبي جديد، فالسحّار عدا عن كونه كاتباً أيضاً كان يسعى لإيجاد آلية للنشر بعيدة عن أن تكون دُور النشر مُلحقة فقط بالصحف والمطابع، أمّا محفوظ فكان يبحث عمّن يتبنّى روايته التاريخية "رادوبيس" التي رأت النور عام 1943.

"نجيب محفوظ والسحّار" عنوان الكتاب الذي يصدر قريباً عن "دار ريشة" بالقاهرة، للكاتب سامح الجبّاس، في محاولة منه للوقوف على طبيعة تلك العلاقة بين عَلمين من أعلام الثقافة المصرية استطاعا التأسيس للرواية العربية في القرن العشرين، إلى حدّ أنّ المنجز الذي صنعاه ما زالت آثاره قائمة إلى اليوم، رغم أنّ حقوق الطباعة قد انتقلت إلى دُور مختلفة بعد "مكتبة مصر". كما يرصد العمل المسيرة الإنسانية التي تلاقى فيها الاسمان.

ينطلق الكتاب من منطلق شخصي لدى الكاتب نفسه، حيث عبّر الجبّاس أنّه طالما أحسّ برهبة إثر الوقوف أمام "مكتبة مصر"، وأنّ هذا المكان الذي ظلّ يتردّد عليه هو ما أوحى له بالتمعّن في تلك المسيرة، وتحويل ما انتابه من انطباعات إلى عملٍ مكتوب بالاعتماد على مراجع أُخرى مثل "مذكّرات الأخوين السحّار"، بالإضافة إلى روايات كلّ من محفوظ والسحّار واستقراء التقاطُعات النصّية بينهما.

صحيحٌ أنّ الاشتغالات النقدية وتتبّع أثر محفوظ تحظى براهنية دوماً، إذ قلّما يمرّ عامٌ ولا تحتفي الأوساط الأدبية بصدور مثل هكذا أعمال، إلّا أنّ الجدل الأخير الذي أحدثته أغلفة روايات محفوظ الصادرة عن "دار ديوان" ومقارنتها بالطبعات الأولى التي وقّعها الفنّان جمال قطب (1930 - 2016) لصالح "مكتبة مصر" سيُكسب العمل المزيد من الحضور.

يُشار إلى أنّ الجبّاس كاتبٌ ومترجِمٌ مصري، له في الرواية: "حي الإفرنج" (2007) و"الذئب الأزرق" (2012) و"حبل قديم وعقدة مشدودة" (2016)، بالإضافة إلى كتابات موجّهة للناشئين، وترجمات أدبية عن اللغة الإنكليزية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي