إصابة ماضية بكوفيد في الصين تجعل من المريض السابق منبوذا

أ ف ب - الأمة برس
2022-08-11

طواقم صحية تجري فحوصا لكشف الإصابة بكوفيد في بكين فيث 26 نيسان/أبريل 2022 (ا ف ب)

تعجز السيّدة زوو عن إيجاد عمل بعد أشهر على إصابتها بكوفيد وشفائها منه، على غرار العديد من الصينيين الذين يشكون من تمييز متزايد يجعلهم منبوذين من المجتمع.

حين كشف فحص إصابتها بالوباء في وقت كانت تعمل في طاقم التنظيف في مركز للحجر الصحي في شنغهاي، ظنّت المرأة التي لم تعط سوى اسم عائلتها أنها ستشفى من المرض وتستعيد حياة طبيعية.

لكنها لا تزال بعد عدة أشهر تقاتل من أجل معاودة العمل.

تقول "الناس يخشون التقاط الفيروس بمجرّد الاقتراب منا، وبالتالي يتفادوننا".

ومن الصعب إخفاء الحقيقة خلال مقابلة توظيف، إذ إن الذين يتولّون اختيار الموظفين "يتحققون من سجل اختبارات كوفيد لفترة تعود إلى عدّة أشهر خلال المقابلة".

ويندد مدافعون عن الحقّ في العمل بهذا التمييز الذي يطال مرضى سابقين بعد شفائهم الكامل، مشيرين إلى أن الضحايا الأوائل هم النازحون القادمون من الأرياف والشبان.

والصين هي آخر الاقتصادات الكبرى في العالم التي لا تزال تطبق سياسة "صفر كوفيد" صارمة مع إجراء حملات فحوص واسعة النطاق  وفرض الحجر الصحي على أحياء لا بل مدن بالكامل.

ويتم إرسال الذين تظهر الفحوص إصابتهم ومخالطيهم تلقائيّا إلى مراكز حجر.

ونتيجة هذه السياسة، يقول جين دونغيان الأستاذ في مدرسة العلوم الطبيّة الأحيائيّة في جامعة هونغ كونغ إن وصمة تلحق ببعض المرضى السابقين كما بأفراد عائلاتهم وجيرانهم وأصدقائهم. وحتى أعضاء الطواقم الطبية في الخطوط الأمامية لمكافحة المرض يواجهون مشاعر ريبة وحذر.

وأوضح أن "الجهل يجعل البعض يخشون أن يكون الأشخاص الذين أصيبوا في الماضي عرضة أكثر للإصابة مجدّداً، في حين أن العكس صحيح".

 - "كأنّنا فيروس" -

 باشرت السيّدة زوو معركة قضائيّة ضدّ ربّ عملها الذي يرفض تسديد أجرها منذ أن أصيبت بالمرض أو أن يعيد لها وظيفتها.

وهو لم يشأ التعليق في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس.

وعرفت هي يوشيو المصير ذاته، فكانت المؤثّرة على شبكات التواصل الاجتماعي التي تتكلم تحت اسم مستعار، في أوكرانيا حين اندلعت الحرب. عادت إلى الصين حيث باشرت العمل أستاذة للغة الروسية في إقليم هيبي بشمال الصين.

لكن حين علمت المدرسة أنها أصيبت بكوفيد في أوكرانيا، طردت من وظيفتها.

قالت في فيديو نشرته على ويبو الموقع الصيني الشبيه بتويتر، "لما كان خطر لي يوما أن أخسر وظيفتي الأولى لهذا السبب" متسائلة "لماذا نُعامل وكأنّنا فيروس في حين أننا هزمناه؟".

وأُشير إلى حالات تمييز أخرى في أنحاء مختلفة من البلاد. ففي الشهر الماضي، نشرت إعلانات عن وظائف في مصانع بشنغهاي أشارت بوضوح إلى أنه لن يتمّ توظيف أي شخص سبق وأصيب بكوفيد.

وفي شنغهاي أيضا، انتشرت قصة امرأة شابة عاشت عدّة أسابيع في حمّامات محطة القطارات في هونغكياو، إذ لم يعد بوسعها بعد شفائها من كوفيد العثور على عمل ولا العودة للعيش في قريتها.

وفي فوشان (جنوب) اضطرّ مسرح إلى الاعتذار بعد فضيحة أثارها ملصق يحظر دخول كل من أصيب في يوم من الأيام بالفيروس.

- "خراف صغيرة" -

 نشرت السلطات الصينية في تموز/يوليو مذكرة تحظر أي تمييز ضد المرضى المتعافين من كوفيد، ودعا رئيس الوزراء لي كه تشيانغ إلى فرض عقوبات صارمة على من يخالف هذه التعليمات.

لكن وانغ تاو الوكيل الذي يشكل صلة وصل بين المصانع والعمال القادمين من الأرياف، يؤكد أن بعض المصانع في شنغهاي لم تبدّل ممارساتها حتى بعد إعلان المدينة قواعد صارمة ضد التمييز.

وقال "بعضها يعطي ذرائع مختلفة (لعدم التوظيف) في حين تعاني نقصا في اليد العاملة، لكن الحقيقة أن كل الذين رُفضت طلباتهم للعمل كانت فحوصهم إيجابية في فترة ما ماضية".

واتصلت وكالة فرانس برس بثماني شركات ذكرتها وسائل الإعلام الرسمية لممارساتها التمييزية، ومن بينها "فوكسكون" لصنع أجهزة الآيفون، لكن أيا منها لم تشأ التعليق.

وقال أيدان تشاو الباحث في مجموعة "تشاينا لايبور بوليتين" الحقوقيّة "من الصعب جدا على العمال حماية حقوقهم لأنه (...) من الصعب أن يثبتوا أن أرباب العمل يخالفون قانون العمل".

وتابع "من المهم أن تتحرك النقابات. لكن العديد من الشركات الصغرى والوسطى ليس لديها نقابات".

ويطلق على الذين كشفت الفحوص إصابتهم لقب "الخراف الصغيرة" على شبكات التواصل الصينية، إذ أن كلمتي "إيجابي" و"خروف" تلفظان بالطريقة نفسها باللغة الصينية.

كلّ ما تريده السيدة زوو هو طي الصفحة. تقول "من الصعب جدا على المرضى المتعافين العودة إلى حياة طبيعية. اينما ذهبنا، يتبعنا سجلّ إصابتنا مثل غيمة سوداء".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي