استراتيجية عقوبات بايدن لن توقف إنتاج سلاح نووي إيراني

د ب أ- الأمة برس
2022-07-18

استخدمت إيران عدة أساليب لخرق العقوبات وبيع نفطها. ويشمل أحد الأساليب المعروفة إخفاء براميل النفط في موانىء غير معروفة جيدا في آسيا (ا ف ب)

واشنطن: من الواضح أن إيران أصبحت مع مرور الوقت بارعة للغاية في تجنب العقوبات، سواء بمفردها أو بمساعدة الصين وروسيا. ويرى الباحث فرهد رضائي أن هذا التحالف الخاص بانتهاك العقوبات قد يفسر سبب عدم استعجال إيران إعادة التفاوض بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني.

ويقول رضائي، وهو أحد كبار الباحثين في منظمة فيلوس بروجيكت، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن رد إيران على العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي تمثل في تعزيز التخصيب النووي، وتسريع عملية التخصيب باستخدام أحدث أجهزة الطرد المركزي.

كما أزالت إيران 27 من كاميرات المراقبة من مواقعها النووية. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن ذلك يمثل "تحديا خطيرا" لجهود المحافظة على" علم مستمر" بالبرنامج وضمان بقاء البرنامج سلميا تماما. وفي ضربة أخرى للفرص الضئيلة بالفعل لإحياء الاتفاق، أعلنت إيران في التاسع من الشهر الجاري أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20% باستخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة في منشأة فوردو النووية الموجودة تحت الأرض.

ويضيف رضائي أنه ليس هناك دليل على أن العقوبات حققت الهدف المنشود منها، وأن إيران أصبحت أكثر من أي وقت مضى أقرب إلى أن تصبح على أعتاب التحول إلى قوة نووية. والأهم هو أنه رغم التكهنات بحدوث انهيار وشيك للإقتصاد، نجح النظام الإيراني في البقاء في السلطة.

وهناك أسباب متعددة لفشل استراتيجية العقوبات. أولا، أن الرئيس جو بايدن، الذي يتوق بشدة إلى إحياء الاتفاق النوي الإيراني، قرر تخفيف العقوبات التي فرضها سلفه ترامب. ونتيجة لذلك، أتاح ذلك ضمنيا لإيران بيع أكثر من 780 ألف برميل نفط يوميا للصين. وفي مناورة خفية، رأت الإدارة الأمريكية عدم فرض عقوبات على الشركات الصينية، والأفراد الصينيين الذين اشتروا النفط من إيران.

وثانيا، أصبحت إيران بارعة للغاية في تجنب العقوبات، سواء بمفردها أو بمساعدة روسيا والصين، إذ أن إيران تقيم مراكز وشبكات أفراد وشركات متعددة في أنحاء شرق أسيا تساعد في إيصال النفط والمنتجات البتروكيماوية إلى الصين. وبالإضافة إلى ذلك، أقامت إيران نظاما مصرفيا سريا يمكنها من التعامل في مليارات الدولارات( 80 مليار دولار سنويا، وفقا لبعض التقديرات) من أجل تجنب استخدام نظام سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك). ويساعد النظام السري- الذي يتكون من بنوك تجارية أجنبية، وشركات وهمية، وغرفة مقاصة للمعاملات- دخول المزيد من الأموال إلى إيران وخروجهامنها.

كما استخدمت إيران عدة أساليب لخرق العقوبات وبيع نفطها. ويشمل أحد الأساليب المعروفة إخفاء براميل النفط في موانىء غير معروفة جيدا في آسيا. وهناك أسلوب آخر يطلق عليه" شبح أرمادا:، حيث تقوم السفن بإغلاق أنظمة تعريفها الأوتوماتيكية وهي تقوم بنقل الشحنة من سفينة لأخرى، وغالبا ما يحدث ذلك في مناطق بعيدة مثل المياه الإقليمية الماليزية. كما أن المزج أو"إعادة التصنيف" بالنسبة للنفط الإيراني أسلوب آخر معروف: حيث يتم بيع نفط إيراني على انه منتج غير إيراني يتم نقله على متن ناقلات ترفع أعلام دول أجنبية.

ونتيجة للحرب في أوكرانيا، أصبحت شراكة إيران الوثيقة مع الصين وروسيا عاملا مهما في أساليب انتهاك العقوبات. حيث وقعت الدول الثلاث اتفاقيات اقتصادية طويلة المدى بالفعل. ودمجت إيران وروسيا اقتصادياتهما لإقامة شبكة قادرة على تجنب العقوبات الأمريكية. وبالإضافة إلى التجارة الثنائية، خطت إيران خطوات كبيرة للغاية نحو الاندماج في البنية الاقتصادية الأساسية التي تقودها روسيا والصين والتي اقيمت لمنافسة الغرب.

وقال رضائي إن الوضع بالنسبة للتعامل مع تحالف إيران وروسيا والصين لانتهاك العقوبات يوضح أن العقوبات تنجح للغاية عندما يتم تنفيذها بقوة بدعم دولي واسع النطاق. وحتى في أفضل الظروف، ليس من السهل التوصل لتأييد قوي لفرض عقوبات اقتصادية. كما أن إعادة ترتيب النظام الدولي التي فرضتها الحرب في أوكرانيا تجعل الحصول على تأييد واسع النطاق أمرا أكثر صعوبة. ومع ذلك، يتعين على الولايات المتحدة مواصلة معاقبة إيران، وتوسيع نطاق العقاب ليشمل الشركات الصينية والروسية التي تتعامل مع إيران.

وهناك خيار آخر وهو القيام بعمليات اعتراض بحرية لضمان التدفق الحر للتجارة المشروعة ومنع نقل شحنات النفط غير المشروعة. ويتعين على البحرية الأمريكية اعتراض السفن التي تقوم بتهريب النفط الإيراني والقيام بعمليات للتحقق من الأعلام التي ترفعها السفن. ويتعين أن تكون هناك مواقف عسكرية موثوق بها لاستكمال هذه الخطوات.

ويقترح رضائي التفكير في خيارحركي حال واصلت إيران تقدمها النووي. ولكي يكون هذا التهديد قابلا للتصديق، يجب على واشنطن تزويد إسرائيل بقنابل خارقة للتحصينات، يتردد أنها قادرة على تدمير منشآت التخصيب الموجودة تحت الأرض، مثل منشأة فوردو.

واختتم رضائي تقريره بالقول إنه من المستحيل تحديد ما إذا كانت إيران سوف تستخدم سلاحا نوويا ضد إسرائيل في أي وقت من الأوقات، على الرغم من دعواتها من حين لآخر بـ" محو الدولة اليهودية من على الخريطة". ومع ذلك، من الواضح أن امتلاك ترسانة نووية سيحمي إيران من التعرض لانتقام بسبب جهودها الصلفة المتزايدة لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي