مهمة علمية فرنسية تستكشف الكائنات الحية الدقيقة في المحيطات

أ ف ب - الأمة برس
2022-07-08

أعشاب بحرية في محطة روسكوف للدراسات الحيوية في غرب فرنسا في 23 حزيران/يونيو 2022 (ا ف ب)

تسعى مهمة علمية تشارك فيها البحرية الفرنسية إلى جمع بيانات دقيقة عن الميكروبيوم الخاص بالمحيطات الذي جعل الأرض صالحة للسكن، في ظل نقص المعلومات لدى المجتمع العلمي عن هذه المنظومة الأساسية.

ويؤكد كولومبان دي فارغاس، وهو مسؤول عن قسم الأبحاث في المركز الفرنسي للبحث العلمي ويعمل في المركز المتخصص بعلم الأحياء الواقع في روسكوف (غرب) أنّ "الميكروبيوم الخاص بكوكب الأرض يشكّل موضوع العصر".

وتولّى العالم السويسري "المهووس بالاستكشاف" رسم خرائط لعوالق المحيطات التي تشكل "مزيجاً من الكائنات الحية الدقيقة" وتتألف من فيروسات وبكتيريا وحيوانات وغير ذلك من الكائنات الحية. وكان لهذه الكائنات غير المرئية التي تتنقل في المياه بحسب التيارات البحرية الفضل في جعل الأرض صالحة للسكن من خلال إنتاجها معظم كميات الأكسجين الذي نتنفسه.

ويقول الباحث إنّ "التنوع البيولوجي هو أساساً في عالم الكائنات الحية الدقيقة التي كانت وحدها موجودة على مدى ثلاثة مليارات سنة"، مضيفاً "لكننا نجهل تفاصيل هذه الكائنات التي نعيش معها وعدد أنواعها على كوكب الأرض". 

وبعد استخلاص عبر من مهمة "تارا أوسيان" التي أجرت 220 عملية قياس على الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في المحيطات، يعتزم كولومبان دي فارغاس وزملاؤه الباحثون تنفيذ "عملية قياس بالتعاون وتكون غير مكلفة لكن عالمية ومستدامة" للكائنات غير المرئيين في المحيطات

ويهدف عملهم على المدى البعيد واستناداً إلى مشروع "بلانكتون بلانيت" إلى تجهيز عشرات آلاف من المراكب الشراعية والسفن التجارية أو تلك المخصصة لنقل البضائع والتي تجوب المحيطات، بأدوات قياس وأجهزة استشعار غير مكلفة، بهدف فهم كيف "تتكيف الكائنات الحية مع التغيّرات الضارة" الناجمة عن الأنشطة البشرية.

ويوضح دي فارغاس أنّ هذه الخطة "ليست سهلة لأنّ عمليات القياس ينبغي أن تكون متجانسة، وستعتمد الخطة كلها على جودة عمليات القياس هذه".

وهنا يأتي دور مهمة بوغانفيل التي تُنفَّذ بالتعاون مع البحرية الفرنسية وتهدف إلى تعزيز الثقة بـ"أجهزة الاستشعار غير المكلفة" التي تستهدف العوالق. وانطلاقاً من نتائج الجولة العالمية التي قام بها المستكشف الفرنسي لوي-أنطوان دو بوغانفيل بين سنتي 1766 و1769، سيباشر عشرة طلاب ماجستير من جامعة السوربون في باريس بمهمة تتعلق بالتنوع البيولوجي على متن سفن تابعة للبحرية الفرنسية.

- هجرة العوالق الحيوانية -

ويعتبر الأميرال كريستوف برازوك، وهو مدير معهد المحيطات التابع لجامعة السوربون، الذي كان له الفضل في إدخال البحرية الفرنسية في عالم الأبحاث أنّ "التجوّل في المحيطات مهمّ عند إجراء دراسة حولها".

وسيجوب الطلاب تالياً المياه المحيطة بالمناطق الخاضعة للإدارة الفرنسية في المحيطين الهندي والهادئ والتي تغطي مساحة تبلغ 11 مليون كيلومتر مربع (20 مرة مساحة فرنسا)، على متن ثلاث سفن من دورية "سفن الدعم والمساعدة في مقاطعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية" (BSAOM).

ويرى برازوك، وهو رئيس أركان البحرية الفرنسية سابقاً، كذلك أن هذه المهمة توفر فائدة تشغيلية للطواقم البحرية. ويقول "إنّ مراقبة البيئة المحيطة بالبحّار من شأنها أن تجعله متطوراً في عمله".

ويضيف الناطق باسم البحرية الفرنسية الضابط إريك لافو ان "البحرية معروفة بتقليد خاص بالبحوث العلمية، إذ يضع ضباط البحرية قبعة واحدة عسكرية وعلمية".

وبعد إجراء اختبارات في مياه منطقة بريست (غرب)، ستنطلق المهمة الخاصة بالكائنات الدقيقة في أيلول/سبتمبر 2023 مع أول مجموعة من الطلاب، ثم سيتولون جمع آلاف البيانات البيولوجية (صور وعينات من الحمض النووي) ضمن المهمة التي ستستمر حتى سنة 2025.

ويقول كولومبان دي فارغاس إنّ "الانطلاق بالمهمة إلى جانب البحرية خطوة تبعث اطمئناناً لأنّنا نعلم أنّها ستكون معهم بغاية الجدية".

وسيُحتفظ بالبيانات التي تُجمع والمتوقع أن تكون "مئات مليارات من صور العوالق وتسلسلات الحمض النووي" في قواعد بيانات ستكون مُتاحة امام الباحثين في مختلف أنحاء العالم. ومن شأن هذه البيانات أن تسمح بالتحكم بوضع النظم البيئية البحرية وتطوّرها إزاء التلوث أو الاحترار المناخي.

ويرغب الباحثون كذلك في دراسة هجرة العوالق الحيوانية على عمق عدة مئات من الأمتار أثناء الليل والمصنّفة كـ"أكبر حركة للكتلة الحيوية" على كوكب الأرض، وستشكل أحد محركات "مضخة الكربون" المشاركة في عزل ثاني أكسيد الكربون في المحيطات.

وتُقدر تكلفة المهمة التي يُفترض أن تموّلها جهات راعية بنحو 900 الف يورو للسنوات الثلاث الأولى منها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي