خمسُ قصَائد للشاعرة الإنْجليزية إليزا كوك

2022-07-01

ترجمة: علي منصور

إليزا كوك Eliza-Cook ، هى إحدى شاعرات القرن التاسع عشر الإنجليزيات، ولدت في لندن في الرابع والعشرين من  ديسمبرعام 1818، وتوفيت في الثالث والعشرين من سبتمبرعام 1889 في ويمبلدون. بدأت  كتابة قصائدها في سن الخامسة عشر، وفي سن السابعة عشر نشرت أول مجموعة شعرية لها. ارتبطت إليزا كوك بحركة  تدعو إلى وتناصر الحرية السياسية للمرأة، وتتبنى أيديولوجية (تحسين الذات) عبر رفع المستوى والتعليم الذاتي. إليزا كوك نفسها تعلمت ذاتيا بالكامل وقد اكتسبت شهرة بين الطبقات الشعبية حتى عرفت بشاعرة الطبقة العاملة، وكانت تنشر قصائدها في مجلات ميتروبوليتان ونيو مونتلي وويكلي ديسباتش. في الأخيرة  نشرت  قصيدتها الشهيرة “الكرسيّ القديمُ ذو المِسْندين”. وفي عام 1838 نشرت إليزا كوك مجموعتها الثانية (ميلايا وقصائد أخرى)، والتي لاقت استحسانًا كبيرا في كل من إنجلترا وأمريكا وأعيد إصدارها في عام 1844. في عام 1845 أصدرت إليزا كوك مجموعتها الثالثة بعنوان (قصائد). وفي عام 1848 بدأت في إصدار مطبوعة أسبوعية بعنوان (مجلة إليزا كوك) وكانت تعني بنشر القصائد والمراجعات الأدبية والمقالات الإجتماعية الموجهة في الغالب للمرأة، وقد ظلت المجلة تصدر حتى عام 1854. في عام 1864 أصدرت إليزا كوك مجموعتها الشعرية الرابعة بعنوان: ( أصداء جديدة وقصائد أخرى). وصدرت أعمالها الشعرية الكاملة في كل من لندن ونيويورك عن دار نشر (فريدريك وارن  آند كو  FREDERICK WARNE AND CO ). وقد قمنا هنا بترجمة لخمس قصائد من الأعمال الشعرية الكاملة للكاتبة والشاعرة الإنجليزية إليزا كوك، المجهولة تقريبا في اللغة العربية.

إليزا كوك

الكرسيّ القديمُ ذو المِسْندينْ

إنني أحبّهُ، أحبّهُ، ومن يجرُؤ

أن يحولَ بيني وبين حُبّه، ذلك الكرسيّ القديمِ ذي المسْندينْ.؟

لقد تعلقتُ به طويلا، كأنهُ هديّة من الله،

لقد بللتُه بالدمُوع وضمّختُه بالتنهيداتْ

إنه مشدود لقلبي بألفِ وشيجةٍ

لن تنفكّ ربطةٌ، ولن تبدأ صِلَة.

هل تعلمتَ تهَجّي الحُروف؟ أميّ جلسَتْ هُناكْ

والشئُ المنذورُ للسّماء، كانَ ذلك الكرسيّ القديمَ ذا المِسْندينْ.

على مَدار السّاعة، وأنا طفلة، كنتُ أتراخي قربَ

الكرسيّ المباركِ، في إنْصَاتْ

آيْ ، إرْ ..

والكلماتُ اللطيفة التي ستقولها لي أمّي

كي تثبتني عند الموتِ، وتعلمني كيفَ أعيش.

أخبرتني أمّي أن العار لا يلحقنا أبدا 

مع الحقّ واليقينِ، وأن الله هو المرشدُ المبينْ.

علمتني، وأنا مازلتُ لثغاءَ، كيفَ أصلّي

هنا ركعتُ مبكرًا إلى جواره، ذلك الكرسيّ القديم ذي المِسْندينْ.

في أحد الأيام جلستُ وشاهدتُ أمّي كثيرا

كانت عينُها تزدادُ خُفوتا، ونظراتُها كانتْ رماديّة

وكدتُ أسجدُ لها حينما ابتسمتْ

واستدارتْ عن كتابها المقدسِ لتبارك طفلتها.

سنواتٌ كرّتْ، إلا أنّ السنة الأخيرة مضتْ أسْرعْ

تحطّم محبوبي، وتلاشي نجمي

وعرفتُ إلى أى مدي يمكن للقلب أن يتحملَ

عندما رأيتُ أمي تموتُ عليه، على الكرسيّ القديم ذي المِسْندينْ.

إنه الماضي، إنه الماضي، لكنني أحدقُ فيه الآن

أنفاسي مرتجفةٌ ورأسي يخفقْ

للتوّ هناك أرضعتني، للتوّ هناك ماتتْ

والذاكرة تتدفقُ مع مدّ وجذرٍ للحُمَمِ البركانية

قولوا إنها حماقة، قولوا إنني ضَعيفةٌ

بينما تتساقطُ الدموعُ ساخنةً على خدّي

لكنني أحبّه، أحبّه، ولا يمكن أبدا

أنْ تُنزعَ روحي منه، من كرسيّ أمّي القديمِ ذي المِسْندين.

الشاعرة إليزا كوك

لا تخبر العالم أنك تنتظرني

ثلاثُ صَيفاتٍ مرتْ على أول لقاءاتنا، أيها الحب

وعبثا أسألُ: متى نتزوجْ؟

لا أسمعُ إجابة، فقط  بلطفٍ: (ليس بعد يا حبيبتي)

بابتسامة من شفتيكَ، وهزةٍ من رأسكَ

آه، كم مرّ من الوقتِ وأنا أهمسُ، كمْ عاتبتُ

وتنفستُ روحيَ وهي تسألُ: (متى إذنْ؟)

منذ أمد، يا عزيزي، وأنت تعلم كم أنا متلهفة عليك

لذا، لا تخبر العالم أنك تنتظرني.

لقد أعددتُ منزلا يليقُ بسُكْنَى الحوريات، أيها الحب

لقد زرعتُ الآسَ والوردَ والكرْمة

لكن الكوخ أجملُ عندي، غرفة العابد البسيط، ياحبيبي

كلُ تفتح الأزهار كئيبٌ، مالم تتفتح زهرتي لك وحدك

معي خاتمٌ من الذهبِ اللامع، أحدّقُ فيه وأنا وحيدة

وأتنهدُ، ببلاغة الأمل: (متى إذنْ؟)

ثمة حاجاتٌ، لكنها (نعم) – كلمة واحدة صغيرة فقط، أيها الحب

لذا، لا تخبر العالم أنك تنتظرني.

أوراقٌ خضراءُ، حُلوة

 خذني لمنحدر التلة، خذني عند الغدير

حيث العشبة القرمزية  تنمو وزهرة الأقحوان النجمية تنمو

حيث أشجار الصنوبر تحتضن أنفاس النسيم

حيث الرغوة الفضية كاللؤلؤ ترقص على الموجات وهى تتدفقْ.

خذني إلى الوديان، للممرات ذات الظلال الكثيفة

ستفضي بنا لحقول البرسيم الأحمر وسهولٍ من حزم القمح الصفراءْ

سأغني للنحلات وللوردات، وسأخبر كل كوخ في الغابة

أن القلب عاد لحبه القديم، للأوراق الخضراء الحلوة.

خذني حيثُ الطيورتطيرُ، خذني حيثُ توجد القطعانُ

حيث الحماماتُ ذات الطوق تأوي لأعشاشها، حيث خوار الأبقار قريب.

حيث يخبؤني جذع الشجرة من الظبي الذي جواري

حيث يقبّل حصى الجدول الطحلبَ البري، وسيقانَ الغابِ والورود

خذني حيثُ ضوءُ الشمس يزرفُ فقط ضوءا خافتا

حيث ذراعُ السيدة شجرة البتولا في ذراع السيد شجر البلوط، وموجاتٌ من نبتة جار الماء

والأغصانُ قد انحنت في بهاء لتقص الحكاية القديمة:

حكاية الطائر والشاعر يغنيان في عذوبة، وسط الأوراق الخضراء الحلوة.

أهجركَ لبعض الوقت، ياحبي

أهجركَ لبعض الوقتِ، يا حبي، أهجرك بتنهيدة

الربيعُ المتدفق في روحي يرقصُ مثل نافورة في عيني.

أنا لا أخجلُ من دموعي، دعها، دع دموعي تلمسُ خدّي

كلُ ما فشلتُ أن أخبركَ به، قد تخبرك به هذه الدمعة خاصة

حبيبي! عندما أسعى من جديد لجزيرتي في الغربْ

أوه، عِدْني، سوف تشاركني الكثير وتريح هذا القلبْ.

أهجركَ لبعض الوقتِ، يا حبي، لكن كل ساعة تمضي

ستكونُ بلا بهجة، وحيدةً، حتى الساعة التي تعيدني إليك.

أنا أذهبُ لأجعل ثروتي أكثر، لكن أين أجد هذا الإنسان

عرْقُ الذهب الغالي جدا، والخالصُ، مثل الذي تركتُ ورائي

حبيبي! مع أن منزلي لا يعدله شئ على الأرض

فإلى أن تشاركني فيه، وتجعله دافئا، لا شئ يريح هذا القلبْ.

أهجرك لبعض الوقت، ياحبي، خدي باردٌ وشاحبْ

لكن آه، أرى الوعد ماثلا أمامك يسطعُ في الضّوء

وبعد، عندما أسعى إلى شاطئ إيرين القديم فخطوكَ مبارك كذلك

عندها سيكونُ العشبُ أكثر اخضرارا، وتكونُ السماءُ أكثر زُرقة

حبيبي! يا أول حبّ، وأجمل حبّ، ثمة شمسٌ تشرقُ في صدري

لأنك ستشاركني كلّ أيامي المقبلة، وتريح هذا القلبْ.

إليزا

سَأفكرُ فيكْ

عندما يسْطعُ القمرُ الصّافي المستدير،

وتتلألأ النجومُ في الزرقة السّاحرة.

عندما ترتشفُ الجنياتُ، لأول مرة، رحيقَ الندي

في كأسٍ من خشب شجر البلوطْ

سأفكرُ فيكْ.

عندما تشرقُ الشمسُ بأشعتها الماسية

على قمة التلّ الأخضر، على النهر في الوادي الصغيرْ.

عندما تأتي النحلاتُ البرية وتحمل معها

عطر الوردة إلى عشّها الحُلو

سأفكرُ فيكْ.

عندما يأتي الجمال مع إطلالة الثلوج،

وتبدي الطبيعة مفاتنها، يا لها من نعمة،

أغمضُ عينيّ في سَكينةٍ، ولكنّ تنهيداتي تعلو حاجبيّ

كلما نفثتْ عاطفتي بقايا رُوحي

وافكرُ فيكْ.

أوّل أمنياتِ غرامي، وآخر صلواتِ حُبّي

تكمنان في اسم غالٍ لنْ أبوح به

فمهما كان الحزنُ الذي يحمله صدري،

أو مهما كان الفرحُ – ، فكلاهما سَواءْ –

سأفكرُ فيكْ.

أنا أحبُّ، وسواء كنت لي أم لم تكنْ لي،

سيعيشُ هذا الحبّ مثل ضوءٍ لا ينطفئْ.

وستبقى في ذاكرتي، نقطة خضراء،

وإلى أن تنام الذاكرة في الليلِ الطويلْ

سأفكرُ فيكْ.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي