محلل أمريكي: ضمان بقاء أوكرانيا يتطلب التعامل مع بوتين

د ب أ- الأمة برس
2022-06-30

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب)

واشنطن: بعد وقت قصير من بدء تشبيه هيلاري كلينتون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأدولف هتلر، وذلك أثناء حملتها الرئاسية في عام 2016، قال آدم والينسكي، المساعد السابق للسيناتور الأمريكى روبرت كنيدي وكاتب خطاباته، إنه يعتقد أنه إذا تم انتخابها ، فلن تستطيع مطلقا التعامل مع بوتين.

ويقول المستشار السياسي والمستشار الرئاسي الأمريكي السابق ديفيد كين إن رؤساء أمريكيين سابقين تحدثوا بصورة سيئة عن بوتين لكن لم يصلوا إلى حد تشبيهه بهتلر.

وأضاف كين في تحليل نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنهم كانوا حريصين بالنسبة لما يقولونه، لأن الرؤساء يعرفون أنه سواء كانوا يحبون، أو يكرهون، خصومهم ، فقد يضطرون يوما ما للجلوس معهم على مائدة واحدة والتوصل لاتفاق بشأن قضايا تهم أساس بقاء كوكب الأرض. ومع ذلك لم يوقف ذلك الأمر التنابز بالألقاب.

وحتى في الوقت الحالي، يستحضر بوتين النازية لتبرير غزوه لأوكرانيا، حيث يطلب من شعبه ضرورة تحمل عبء التخلص من بلاء النازيين حيثما وجد. وهو يدرك أن هذا سيكون أكثر أهمية بالنسبة لهم من مجرد رغبة بسيطة في التهام دولة مجاورة مسالمة. فالكلمات مهمة، وفي أي حرب، يلجأ المتقاتلون إلى المبالغة فيها من أجل إقناع شعبهم والعالم قاطبة بعدالة قضيتهم والحاجة إلى القضاء على العدو.

وربما كانت الولايات المتحدة في يوم من الأيام ترى أنه في ضوء قرب روسيا من أوكرانيا والتاريخ المشترك بينهما، وحقيقة أن ما يحدث هناك ليس له تأثير مباشر على المصالح الأمنية الأمريكية، فإن التورط في صراع هناك أمر لا معنى له. ومع ذلك، فقد ولي منذ وقت طويل ذلك اليوم مهما كان سيئا أو جيدا. وكانت المخاوف " الانسانية" هي التي دفعت الولايات المتحدة إلى الغوص أكثر وأكثر في هذا الصراع الذي في جوهره أقل أهمية لواشنطن بالمقارنة بموسكو وأوكرانيا.

وكان من الممكن في السابق القول للطرفين إنه طالما أن الأمر لا علاقة مباشرة له بالمصالح القومية الأمريكية، فإنه يتعين عليهما تسويات خلافاتهما. ولكن مجرد أن أصبح الغزو أمرا واقعا، على الأقل من ناحية لاعتقاد موسكو أن حلف شمال الأطلسي( الناتو) لم يعد فعالا، أصبحت المصالح الأمريكية متلاحمة في هذا الصراع.

ويقول كين إن التحدي تمثل منذ ذلك الحين في مساعدة من تعرضوا للهجوم دون التورط أكثر وأكثر في صراع يمكن أن يسفر عن مواجهة مباشرة مع موسكو. ولم يتم التعامل بصورة جيدة مع هذا التحدى- في ظل رئيس يبدو أنه يدعو إلى" تغيير النظام" في روسيا ، ومؤسسة عسكرية بدا أنها تشجع على هزيمة روسيا وتتفاخر بأن أمريكا هي التي وراء تلك الهزيمة.

وربما كان وصف هيلاري كلينتون لبوتين في السابق، سابقا لأوانه أو مبالغا فيه. ولكن في ضوء الكثير الذي فعله الرئيس الروسي في أوكرانيا، فإنه يستحق تشبيهه بهتلر. وألمح الرئيس الامريكي جو بايدن باستمرار إلى ضرورة عدم السماح لشخص شرير للغاية بأن يرأس دولة حديثة، وأنه بدلا من ذلك ينبغي أن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية، أو أي كيان مماثل لمحاكمته عن جرائمه ضد الانسانية.

ويقول كين إن مشكلة هذا القول أنه يدفع الخصم للانزواء في زاوية لا يبدو أن هناك فرصة كبيرة للافلات منها، وفي دولة مثل الولايات المتحدة، يؤدي ذلك إلى أن يكون هناك مطلب عام بما يقترب من "الاستسلام غير المشروط".

وباختصار، فإن ذلك يجعل من الصعب على الطرفين التفاوض لأن كل ما بوسعهما عمله هو الجلوس على طرفي المائدة ويحدق كل منهما في الآخر. فإذا كانت أوكرانيا خاضعة لحكم نازيين لديهم مخططات ضد روسيا، فكيف يمكن أن يقبل بوتين باتفاق يبقي عليهم في مكانهم،وكيف يقبل الغرب اتفاقا يبقي على وحش إبادة جماعية مضطرب نفسيا في قيادة دولة تمتلك أسلحة نووية؟

إن الحروب وحشية بالضرورة إذا ما رؤي أحيانا أنها ضرورية. ويعاني المدنيون، وتتعرض الدول للخراب والدمار. وقد حدث ذلك عبر التاريخ، لكن التليفزيون، والانترنت، وتويتر، زادت، كما وكيفا، من صعوبة العجز الدائم عن إنهاء القتال .

وفي عالم اليوم، يضطر المرء إلى مشاهدة بؤس القتال وضحايا الحرب الأبرياء بصورة مباشرة مما يولد تعاطفا مع من يعانون، وكراهية عميقة للمسؤولين عن ذلك.

ونتيجة كل ذلك واضحة في معاناة أي أحد تقريبا يتساءل عما إذا كان كل ما يبذل من أجل أوكرانيا يخدم المصالح القومية للولايات المتحدة. ولابد من إثارة هذا التساؤل كلما فكرت أمريكا في تقديم الدماء والمال والتورط في نزاعات دول أخرى. و لا ينبغي أن تسمح إثارة هذا التساؤل للآخرين بالتشكيك في وطنية أي شخص. ومن مسؤولية من يتم توجيه هذا التساؤل لهم توضيح موقفهم. وكان ذلك سيكون أمرا يصعب توضيحه بدون مساعدة بوتين ، الذي أوضح أنه إذا نجح في أوكرانيا فإنه سيكرر ذلك مرة ثانية وثالثة.

إن بوتين يعلم أن أوكرانيا ليست دولة نازية و لا تمثل تهديدا لروسيا، إلا إذا كان قد فقد قبضته على الواقع تماما. لقد اتخذت الحرب مسار سيئا، لكن من الحماقة الاعتقاد أن بوتين الرئيس رهن التهديد، الذي يقوم خصومه الحقيقيون في الغرب بتزويد أوكرانيا بالسلاح التي يواجهها جيشه ويتفاخرون بإضعاف روسيا عن طرق حرب بالوكالة، سوف يقبل ببساطة الإذلال على المستوى الشخصي والوطني، وأن يطوي خيمته ويرحل.

إن الأمر الأكثر ترجيحا هو تصعيد الحرب، أو مهاجمة خطوط الإمداد الغربية أو يقرر خوض حرب استنزاف ستؤدي إلى أن تقرر أوكرانيا أو حلفاؤها أن الأمر لا يستحق كل هذا العناء.

ويقول كين في ختام تحليله إن بوتين نجح في توحيد الدول المجاورة لأوكرانيا، وإحياء الناتو، ودفع فنلندا والسويد للانضمام للناتو، واتاح للولايات المتحدة الفرصة لإعادة ترسيخ بعض مصداقيتها. ومهمة جميع الأطراف الآن هي إيجاد مخرج من الأزمة لأنه لم يبق هناك الكثير الذي يمكن لأي منهم الفوز به... لكن هناك الكثير الذي يمكن خسارته.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي