نيويورك تايمز: ضربات الجواسيس الإسرائيليين داخل إيران أطاحت بمسؤول كبير واعتقال جنرال بتهمة التجسس

2022-06-29

مدير استخبارات الحرس الثوري الإيراني المعزول حسين طائب (أ ف ب)

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته فرناز فصيحي ورونين بيرغمان قالا فيه إن الجواسيس الإسرائيليين وجهوا ضربات موجعة لطهران ودفعت أسماء مهمة ثمنها. وأكد الصحافيان أن هذا الفشل المدمر قاد إلى خسارة مسؤول بارز في الحرس الثوري وظيفته واعتقال آخر.

وأشارا إلى حسين طيب، 59 عاما، الذي ظل ولأكثر من عقد اسما يثير الخوف في إيران ويدير جهاز استخبارات قمع المعارضة والمعارضين السياسيين ووسع العمليات السرية خارج حدود إيران لاستهداف المعارضين والأعداء.

وبدا حسين طيب مدير جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري رجلا لا يمكن المساس به. حتى تم عزله بشكل مفاجئ من منصبه في الأسبوع الماضي، وكان ضحية حملة إسرائيلية لم تتوقف هدفت لتقويض أمن إيران واستهداف مسؤوليها العسكريين ومنشآتها النووية، وذلك حسب مسؤولين ومحللين من كلا البلدين.

وقالت الصحيفة إن عملية فاشلة في تركيا، التي تعتبر حليفا إقليميا لإيران حرفت الميزان ضد طيب ودفعت الحرس الثوري للتحرك، وذلك حسب مسؤولين أمنيين إسرائيليين على معرفة بالمؤامرة الإيرانية لاستهداف إسرائيليين في تركيا.

ويرى محمد علي ابطحي، رجل الدين الإصلاحي والنائب السابق لنائب الرئيس الإيراني الذي أطيح به عام 2009 وظل على علاقة مع القيادة الإيرانية، أن عزل طيب كان اعترافا من طهران بأن مواجهة التهديدات القادمة من إسرائيل تحتاج إلى قيادة وإعادة ضبط للإستراتيجيات والبروتوكولات. وقال أبطحي “لقد أضعفت الخروقات الأمنية والمدى الواسع للعمليات الإسرائيلية داخل إيران أقوى منظمة أمنية لدينا”، وأضاف أن “قوة أمننا ظلت حجر الأساس للجمهورية الإسلامية وقد تضررت في العام الماضي”.

 وزادت الدعوات لعزل طيب وسط تصاعد في عدم الثقة داخل القيادة الإيرانية بعدما اعتقل سرا القائد البارز في الحرس الثوري الجنرال علي ناصري بتهم التجسس لصالح إسرائيل، وذلك بحسب شخص على معرفة بالقيادة البارزة للحرس، وشخص آخر على معرفة بالاعتقال. واستندت الصحيفة على شهادته وآخرين بدون الكشف عن هويتهم نظرا لعدم التصريح لهم بالحديث عن الشؤون الداخلية. ولم يرد المسؤولون في بعثة إيران الدائمة بالأمم المتحدة مباشرة على أسئلة من الصحيفة.

 وجاء اعتقال الجنرال ناصري بعد شهرين من سلسلة اعتقالات واسعة في برنامج صواريخ تابع لوزارة الدفاع بتهمة تسريب معلومات عسكرية سرية، بما فيها تصميمات وخطط لصواريخ إلى إسرائيل،  وذلك حسب مسؤول إيراني على معروفة بعملية الاعتقال. وتقول الصحيفة إن إسرائيل عززت منذ العام الماضي ووسعت من مجال ووتيرة هجماتها داخل إيران، وشملت مواقع عسكرية ونووية كلف جهاز طيب بحمايته.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن جزءا من الإستراتيجية شمل فضح فشل الحرس الثوري في العمليات السرية مع إسرائيل على أمل خلق نزاع بين القيادة السياسية من جهة والدفاعية والأمنية من جهة أخرى. وفي يوم الإثنين تعرضت ثلاثة مصانع فولاذ تديرها الدولة، منها مصنع فولاذ خوزستان لهجمات إلكترونية، بشكل أجبر واحدا منها على وقف عمليات الإنتاج. وتعتبر المصانع الثلاثة من أكبر مزودي الحرس الثوري بالفولاذ، حسب مسؤولي استخبارات غربيين. وقالت مجموعة قرصنة تطلق على نفسها “غونجيشك دراندي” إنها مسؤولة عن الهجمات. وهي نفس المجموعة التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات في تشرين الثاني/نوفمبر والتي أوقف محطات الغاز في إيران، وقالت الولايات المتحدة إنها مرتبطة بإسرائيل. ولم يؤكد المسؤولون الإسرائيليون مصدر الهجمات.

 واعترف المسؤولون الإيرانيون أن شبكة تجسس إسرائيلية اخترقت صفوف الدوائر الأمنية العليا في إيران، وسط تحذيرات مسؤول الاستخبارات الإيراني السابق العام الماضي من أن على المسؤولين الخوف على حياتهم، وحسبما أوردت الصحافة الإيرانية.

وقالت كيرين هاجيوف، المستشارة البارزة لرئيس الوزراء نفتالي بينيت إن استراتيجية إسرائيل لاستهداف إيران من الداخل يطلق عليها “عقيدة الأخطبوط” و”العقيدة هي تحول استراتيجي عن الماضي عندما ركزت إسرائيل على جماعات إيران الوكيلة “المخالب” في المنطقة، لبنان وسوريا وغزة” وقالت إن التكتيك الجديد هو “تحول معياري: الآن نستهدف الرأس حالا”. وقام عملاء الاستخبارات الإسرائيليون بهجمات عبر الريموت كونترول واغتيالات من خلال الدراجات السريعة وأطلقوا طائرات مسيرة إلى منشآت نووية وعسكرية حساسة واختطفوا وحققوا مع عملاء في الحرس الثوري داخل إيران. وتشك طهران بأن إسرائيل مسؤولة عن مقتل اثنين من علمائها في شهر أيار/مايو.

 

وعين طيب في منصبه عام 2009 بعد الاحتجاجات الواسعة ضد نتائج الانتخابات. وعمل قبل ذلك مسؤولا للباسيج وهم الميليشيات بالزي المدني الذين يشتبه بقمعهم وقتلهم مدنيين. وتبنى طيب استراتيجية قمع منظمة جعلت من المنظمة من أكثر منظمات الأمن إثارة للخوف في البلاد. وقام طيب، الشخصية الموثوقة لدى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بوضع المعارضين تحت الإقامة الجبرية وتفكيك منظمات المجتمع المدني واعتقال الإيرانيين من حملة الجنسية المزدوجة واختطاف المعارضين من دول الجوار. وتم إعدام معارض عندما أجبر على العودة إلى إيران. وفي فيديو بثه العام الماضي الحرس الثوري تم تقديم هذه الأعمال كإنجازات. وتعرض طيب في الفترة الأخيرة لضغوط للرد على العمليات الإسرائيلية، حسب مستشار للحكومة وآخر مرتبط بالحرس الثوري.

أما الجنرال ناصري، الذي اعتقل في حزيران/يونيو فقد عمل كقائد بارز في وحدة الحماية والمعلومات بالحرس الثوري، وهي مكلفة بالمراقبة والإشراف على عمل الحرس. وهز اعتقاله إلى جانب الهجمات المتكررة القيادة في طهران، وذلك حسب مسؤول إيراني على معرفة بالوضع. ودعا البعض بهدوء إلى استقالة طيب أو عزله. ولكن طيب طلب عاما لإصلاح الوضع ومواجهة الخروقات الأمنية، حسبما قال الشخص المرتبط بالحرس الثوري.

ثم جاءت المؤامرة ضد الإسرائيليين في تركيا. وبحسب مسؤول استخبارات إسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه فالموساد علم في 8 حزيران/يونيو عن مؤامرة إيرانية لاستهداف سياح إسرائيليين. وقامت أجهزة مكافحة الإرهاب برفع التحذير لتركيا وعلى أعلى المستويات وطلبت من كل الإسرائيليين البقاء بغرفهم في الفنادق.  وأخبر المسؤولون الأمنيون نظراءهم بتركيا أن طيب هو من خطط للمؤامرة انتقاما على ما يبدو لمقتل صياد خدايي، نائب وحدة خاصة في الحرس الثوري متخصصة بالعمليات الخارجية.  ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الاتهامات الإسرائيلية بأن إيران خططت لهجمات في تركيا بـ “السخيفة” و “سيناريو معد سلفا لتدمير العلاقات بين بلدين مسلمين”. وبحسب الوسائل الإعلامية التركية فقد اعتقلت المخابرات التركية خمسة إيرانيين ومواطنين أتراك على علاقة بالخطط، وتمت مصادرة مسدسين وكاتمي صوت ومعلومات إلكترونية عن عناوين وهوية الأشخاص على قائمة الأهداف. وقال بينيت الأسبوع الماضي إن التعاون مع تركيا يجري على كافة المستويات ويثمر. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في مؤتمر صحافي يوم الخميس مع يائير لابيد إن تركيا لن تتسامح مع “تصفية الحسابات” و “الهجمات الإرهابية”. وتهدد الأزمة بدفع تركيا، حليفة إيران باتجاه تحالف عربي- إسرائيلي ضد طهران.

وزار وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان تركيا يوم الإثنين للقاء الرئيس رجب طيب أردوغان وتشاوش أوغلو لمناقشة الأزمة. وقال عوميد ميمريان، الخبير في منظمة الديمقراطية الآن بالشرق الأوسط “كانت تركيا نقطة التحول بالنسبة لطيب، وأظهرت إيران عاجزة وعرضتها للخطر وكان عليهم التخلص منه”. وقال محافظون إن عزل طيب ليس أمرا غريبا، ففترته قاربت على الانتهاء، إلا أن آخر تغريدة له وصف فيها عزله بأنه أهم حدث في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وعين بدلا منه الجنرال محمد كاظمي لكي يقود وحدة الحماية والمعلومات في الحرس الثوري. وعين طيب مستشارا لقائد الحرس بدلا من آية الله خامنئي وهو وضع طبيعي لشخص على علاقة مع المرشد. وفي يوم السبت أعلن عن استبدال مسؤول الحماية في الحرس الثوري للمرشد وعائلته، ويتوقع حدوث المزيد من التعديلات. وقال المحلل حسين داليريان، المرتبط بالحرس الثوري “من الضروري تعيين قيادة ودم جديد بعد 13 عاما لإدارة الأمور والتقدم للأمام” و “يتوقع أن تصبح النشاطات الأمنية والاستخباراتية أقوى وعلى أعداء إيران توقع ضربات ثقيلة”.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي