"سيرة نضال".. من ذاكرة المسرح المغربي

2022-06-21

تمثّل سيرة المسرحي المغربي الراحل عبد القادر البدوي (1934 - 28 كانون الثاني/ يناير 2022) نموذجاً عن الفنّان المُشتبِك بالضدّ من كلّ سُلطة. كما أنّ معاصرته لمراحل عدّة في تاريخ المغرب الحديث، سواء في فترة الاستعمار الفرنسي أو ما بعد الاستقلال (1956)، وضعته على مواجهة دائمة مع السُلطات بأشكالها المختلفة والمؤسّسات الثقافية المُهيمنة.

"سيرة نضال" هو عنوان مذكّرات البدوي الصّادرة مؤخّراً عن دار "سليكي أخوين"، وهي مجموعة من الحوارات أُجريت لصالح "جريدة المساء".

تُغطّي السيرة ذاكرةً تمتدّ لأكثر من ستّين عاماً من الاشتغالات المسرحية، إذ يعرضُ فيها صاحبُ "يد الشرّ" (1960) جملةً من الأفكار المُلتزمة التي قادته صوبَ المسرح بمعناه الرِّسالي. ولكنْ مع إضافة تحقِّقُ عُمقاً في القراءة والمضمون، فالعامل المُستضعَف وكفاح الطبقات المهمَّشة كلّها كانت مواضيعَ لأعماله، إلّا أنّ الطرح ظلّ ينحو إلى التركيب لا الاستسهال، بمعنى كيف يتحوّل المستضعَف لأداة تحطيم لمَن هُم دونَه ما إنْ يتمكّن بدوره من السُّلطة ولو كانت بسيطة.

في الكِتاب يتّضح أيضاً أنّ نشاطَ "عميد المسرح المغربي" استمرّ بقوّة بعد الاستقلال، كما قادته رؤيتُه عن السلطة وتحوّلاتها من شكل لآخر، إلى مواجهة مع ما أسماه "اللوبي الفرانكوفوني" وهيمنته على أركان الحياة الثقافية في المغرب. وفي هذا السياق يُمثّل الراحل تعدّدية المشهد الفكري والتجاذبات السياسية، فهو إذ يرى أنّ منتَج تيار الفرانكوفونية هزيلٌ، يرمي من جهة ثانية إلى موقف نقدي مفادُه أنّ تلك الأعمال من شأنها "تقزيم الشخصية المغربية" كما يصفها.

ولا يفصل صاحب "نافذة على المجتمع" مسألة الحريّات عن الفنّ، فيذهب في أحد الحوارات التي ضمّها الكِتاب إلى أنّ "قتل سوق الإنتاج الفنّي" مردّه إلى أسباب سياسية، لا بل إنّ تفكّك الكثير من الفِرق المسرحية هو نتيجة سياسات حكومية وأدواتها التنفيذية وبالأخصّ وزارة الثقافة.

إلى جانب هذه الرؤى الفكرية يتضمّن الكتاب (الواقع في 300 صفحة) تفاصيل عن رحلته في عالم المسرح وحكايته مع تأسيس "فرقة البدوي" بالإضافة إلى مشاركته في بعض التمثيليات التلفزيونية والأفلام.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي