محللة أمريكية: هناك حرب خفية في أوكرانيا

2022-06-17

لكن مع بدء الحملة الحركية، كانت قدرات القيادة والتحكم في أوكرانيا كما هي إلى حد كبير، ولم يحدث سوى حالات خلل طفيفة للمهام الحكومية (ا ف ب)

واشنطن: في الوقت الذي بدأت فيه روسيا حشد قواتها على الحدود الأوكرانية في شباط/فبراير الماضي، افترض المحللون أن هذه الحرب سوف تكون أول مثال لحرب المستقبل. فسوف تبدأ روسيا اول هجوم لها بهجمات إليكترونية مكثفة ومدمرة- وهو السلاح الحديث الذي يعادل التخلص من الدفاعات الجوية قبل أي حملة قصف.

ولكن مع بدء الحملة الحركية، كانت قدرات القيادة والتحكم في أوكرانيا كما هي إلى حد كبير، ولم يحدث سوى حالات خلل طفيفة للمهام الحكومية.

وتقول المحللة الأمريكية إميلي هاردنج، الباحثة ونائبة مدير برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إنه في ظل محدودية ما يرد من أنباء عن الهجمات الإليكترونية والانقطاعات المختلفة، لم يبق أمام أولئك المحللين سوى التكهن بما يحدث. وتقول إن هناك تساؤل هو هل يبرهن ما يبدو من عدم فعالية روسيا في المجال الإليكتروني أن الهجمات الإليكترونية مجرد عنصر مكمل غير مهم للقوة الحركية وليس كما يقال أن الحرب الإليكترونية سوف تغير وجه الحرب؟

وتقول هاردنج إن الإجابة على هذا التساؤل هي أنه " ليس تماما". فقد ظهر المزيد من المعلومات في الأسابيع الأخيرة ، توضح أن هناك أمرا مثيرا وراء الكواليس من شأنه أن يشكل الحرب في المستقبل. فقبل الغزو ، وخلاله، وبعده شنت روسيا حملة مستمرة من الهجمات الإليكترونية ضد القطاعات الأوكرانية الحساسة، ولكن معظم تلك الهجمات لم يكن فعالا.والدلالات على ذلك مهمة: أولا، الدفاع كان ناجحا، لاسيما الدفاع المتحالف. وثانيا، القيام بعمليات إليكترونية فعالة أمر صعب، ولكن رغم تلك الصعوبات، سوف تكون الهجمات الإليكترونية سمة متزايدة للحرب الحديثة.

وتضيف هاردنج في تحليل نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن هناك حربا إليكترونية خفية، موازية في أوكرانيا، حيث تستهدف الهجمات الإليكترونية مجموعة من المرافق الأوكرانية. وقبل شهور من الغزو بدأ عدد كبير للغاية من الهجمات. فقد أعلنت هيئة الاتصالات الخاصة وحماية المعلومات الأوكرانية أنه في الفترة ما بين 23 و29 آذار/مارس كان هناك 65 هجوما إليكترونيا على مرافق إليكترونية حساسة.

وأكدت شركة مايكروسوفت أنه ما بين بداية الحرب و8 نيسان/إبريل الماضي شنت جماعات القرصنة التي تدعمها روسيا أكثر من 200 هجوم إليكتروني ضد أوكرانيا، كان 37 منها هجمات مدمرة أدت إلى" الإتلاف الدائم لملفات في مئات الأنظمة في عشرات الهيئات في أوكرانيا".كما ذكرت مايكروسوفت أن " جماعات التهديد المعروف أن لها صلات أو يشتبه أن لها صلات بجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية طورت باستمرار، واستخدمت برامج خبيثة مدمرة أو آليات مدمرة مماثلة ضد شبكات أوكرانية مستهدفة بمعدل مرة إلى ثلاث مرات في الأسبوع منذ عشية الغزو".

وبالنظر إلى نمط الهجمات، تبدو الأهداف الروسية صريحة : وهي تقويض ثقة الشعب في قيادة كييف وإحداث خلل في القطاعات التي تتيح حركة الجيوش، والمال، والأفراد. ومن بين هذه الأهداف وزارة الدفاع، وهيئات الاتصالات. كما أن عرقلة عمل وزارة الخارجية يؤدي إلى تعقيد قدرة أوكرانيا على الحصول على الدعم من شركائها في العالم وهو أمر ضروري للغاية في هذه الحرب.

وعلى الجانب الاقتصادي، تعتبر أسواق النفط والغاز هدفا تكتيكيا واضحا أيضا، لأن روسيا تفضل احتكار النفط والغاز وحرمان الجيش الأوكراني منه. كما أن تقويض الثقة في النظام المصرفي الأوكراني ربما يهدف إلى تشتيت اهتمام الحكومة، ومنع الأفراد من سحب الأموال الضرورية للفرار، مما يتسبب في بقاء الكثير من الرهائن المحتملين في المدن. وأخيرا، فإن الهجوم على شبكة الكهرباء يمكن أن يكون مدمرا لكل أوكرانيا، ابتداء من الجيش وحتى النازحين داخليا.

ومن الدروس المستفادة في هذه الحرب هو أنه رغم أنه كان هناك عدد كبير من الهجمات ، عدد قليل منها كان له تأثير ملحوظ على العمليات الأوكرانية. فالهجمات على شركة فياسات لتوزيع البث المباشر وشركة الاتصالات الاليكترونية تسببت في انقطاع الاتصالات، لكنها لم تلحق ضررا شديدا بقدرة أوكرانيا على تنسيق قواتها. وهناك قطاعات أخرى تعرضت لهجمات لكنها تعافت بسرعة. وشهدت خدمات الانترنت في أوكرانيا انخفاضا بنسبة 16% فقط في الاتصالات أثناء الحرب.

وترجع هذه النجاحات إلى عوامل مختلفة من أهمها أنه من الواضح أن موسكو كانت تعتقد أن الحرب ستكون قصيرة وأن الانتصار فيها سيكون سهلا، وربما كان هذا الافتراض الخاطىء وراء القصور أيضا في استراتيجيتها الإليكترونية. كما أن من عوامل نجاح أوكرانيا في مواجهة الهجمات الإليكترونية الروسية وجود فرق متخصصة في التعامل مع هذا النوع من الهجمات في أوكرانيا تحظى بدعم من حلف شمال الاطلسي( الناتو) في مجال المشاركة في المعلومات.

ويجب تذكر أنه ليس من المحتمل أن ترتكب روسيا نفس الأخطاء في أي جولة تنافس مستقبلية في مجال الهجمات الإليكترونية. وينبغي ملاحظة أن العمليات الإليكترونية تستغرق وقتا لتطويرها. وينبغي على من يأملون في شن هجوم إليكتروني قوي في المستقبل وضع خطط قوية واختيار الأهداف بحكمة.

واختتمت هاردنج تحليلها بالقول إن حرب أوكرانيا لم توشك على الانتهاء. ومع بدء تقييد العقوبات للاقتصاد الروسي بشدة ومواصلة ضخ الناتو للأسلحة وغيرها من أوجه الدعم لأوكرانيا، من المرجح أن تفكر موسكو في الانتقام ضد الغرب اقتصاديا. ومن المحتمل أن تكون المصالح التجارية والمرافق الأساسية الأمريكية أهدافا محتملة. وكما تعلمت أوكرانيا- الطريق الصعب – لتعزيز دفاعاتها ضد الهجمات الروسية، بدأت الولايات المتحدة توا تفعل ذلك.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي