لانها رفضت العقوبات على روسيا.. تركيا أصبحت حليفا غير مضمون لواشنطن

د ب أ- الأمة برس
2022-05-23

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب)

واشنطن: يرى السياسي الأمريكي ديفيد إل. فيليبس، مدير برنامج بناء السلام وحقوق الإنسان في جامعة كولومبيا أن إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن، بذلت جهدا كبيرا من أجل تعزيز الوحدة عبر الأطلسي، لمعاقبة روسيا على مهاجمتها لأوكرانيا والحد من قدرتها على التعدي على دول أخرى في المستقبل. ومع ذلك، تعتبر تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو)، حليفا غريبا وغير مضمون.

ويقول فيليبس، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الامريكية، إن تركيا انتقدت روسيا لمهاجمتها أوكرانيا، ولكنها رفضت الانضمام للعقوبات الدولية التي تم فرضها عليها، والتي تهدف إلى الحد من قدرة الكرملين على تمويل الحرب وخوضها. ومن جانبه، يعمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على كسب ود طرفي الصراع من أجل تعزيز قوته الإقليمية ومكاسبه الاقتصادية.

ويرى فيليبس، الذي شغل من قبل منصب كبير المستشارين وخبير الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الامريكية، أن القيام بأعمال تجارية مع روسيا قرار محفوف بالمخاطر بالنسبة لتركيا. كما أنه من الممكن أن تواجه البنوك التركية الخاصة والحكومية، التعرض لتدقيق دولي، بالإضافة إلى احتمالية فرض عقوبات صارمة عليها نتيجة خرق العقوبات المفروضة على روسيا. ويمكن أن تؤثر العقوبات على قدرة تركيا على الاقتراض من الأسواق الدولية.

ويركز أردوغان على الحفاظ على علاقات بلاده الاقتصادية مع روسيا، حيث أن تركيا هي خامس أكبر سوق للصادرات الروسية ، كما أن روسيا هي عاشر أكبر سوق للصادرات التركية. وكانت موسكو قد قامت في العام الماضي بتزويد أنقرة بحوالي 50% من غازها المستورد، وبـ 17% من النفط، وحوالي 40% من البنزين.

وتعد روسيا أيضا سوق صادرات رئيسي للفاكهة والخضروات القادمة من تركيا. وكانت تركيا قد قامت في عام 2021 بتصدير كمية كبيرة لللغاية تقدر بحوالي 5ر1 مليون طن متري من الفاكهة والخضروات الطازجة إلى روسيا. كما كانت روسيا مصدر لـ56% من واردات تركيا من الحبوب ، وذلك بقيمة 24ر2 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه، تعد السياحة الروسية مساهما رئيسيا آخر في الاقتصاد التركي، حيث قام سبعة ملايين مواطن روسي بزيارتها في عام 2019.

وبينما رفضت الكثير من الدول منح حق الهبوط والتحليق لخطوط "إيروفلوت" الجوية الروسية، لا تزال تركيا باقية على مجالها الجوي مفتوحا أمام شركة الطيران الروسية الحكومية. ويمنع الاتحاد الأوروبي السفن الروسية من الوصول إلى موانئ الدول التابعة له، إلا أن تركيا تقوم باستقبالها.

وبالاضافة إلى ذلك، ترفض تركيا الانضمام إلى أعضاء الناتو الذين يقومون بإرسال معدات عسكرية إلى أوكرانيا. وعندما تم قصف المدن الأوكرانية بالصواريخ ومن خلال القوات الجوية، رفضت تركيا مقترح واشنطن بنقل صواريخ الدفاع الجوي الخاصة بها من طراز "إس -400" والتي كانت روسيا قد زودتها بها إلى أوكرانيا. كما رفضت أنقرة إرسال أسلحة أخرى تعود إلى الحقبة السوفيتية، وكان يمكن أن تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها.

في الوقت نفسه، تساعد روسيا في بناء محطة "أكويو" التركية للطاقة النووية في محافظة مرسين. ويصل حجم الاستثمار الروسي إلى 20 مليار دولار، ويلتزم أردوغان ببناء محطتين جديدتين من شأنهما الربط بين طموحات تركيا النووية وروسيا في المستقبل القريب.

وفي تجاهل لتكلفة التعامل التجاري مع الدائرة المقربة لبوتين، يسعى أردوغان إلى توسيع نفوذ تركيا الإقليمي من خلال العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا. وكانت تركيا قامت في آذار/مارس الماضي، بجمع مسؤولين روس وأوكرانيين في أنطاليا واسطنبول؛ وفشلت المناقشات في إحراز أي تقدم ملموس.

ويقول فيليبس إنه نظرا لأنهما دولتان أوروآسيويتان يحكمهما "مستبدون"، من المنطقي أن تشترك روسيا وتركيا في تحالف استراتيجي معين. وتتسم "البوتينية"، وهي نظام الحكم في روسيا، بتركيز السلطات السياسية والمالية في أيدي مسؤولي الاستخبارات السابقين. أما "الأردوغانية" فهي شكل من أشكال الاستبداد الشعبوي. وفي كلا البلدين، تتمثل مهمة الحكومة في تعزيز مصالح القيادة أكثر من خدمة الناخبين.

ويقول فيليبس إن روسيا في ظل حكم بوتين تعتبر قضية خاسرة، يديرها رجال عصابات وقادة فاسدون. أما تركيا في ظل ديكتاتورية أردوغان، فهي على شفا الوصول إلى وضع منبوذ. ويأمل أردوغان في أن تؤدي الحرب وفرض العقوبات إلى تشتيت انتباه الناخبين الأتراك عند ذهابهم إلى صناديق الاقتراع في عام .2023

وفي ختام تقريره يقول فيليبس إن تركيا في مفترق طرق الآن. ففي طريق يكمن الإصلاح مع تسامح مع من يريدون تركيا ديمقراطية حقيقية، تحترم الأقليات وحقوق الإنسان. ويكمن في الطريق الآخر حكم فاسد بدرجة كبيرة وانتهاكات لحقوق الإنسان ، في الوقت الذي تصبح فيه تركيا عضوا غريبا في المجتمع الأورو آسيوي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي