توسع الناتو قد يعزز أخيرا أضعف جناح في الحلف

د ب أ- الأمة برس
2022-05-15

من شأن عضوية فنلندا أن تسلط الضوء على حقبة شهدت ممارسة جارتها الروسية العملاقة الكثير من النفوذ على علاقة البلاد مع بقية أوروبا (أ ف ب)

واشنطن: اندلعت الحرب الروسية في أوكرانيا لعدة أسباب أعلنتها موسكو صراحة، وكان أبرزها منع توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن بعد أسابيع من انطلاق هذه الحرب بات هذا الهدف الروسي بعيدا عن التحقق على ما يبدو وبسرعة لم يكن يتوقعها الرئيس فلاديمير بوتين.

وتقول الباحثة ناتاليا دروزدياك، المتخصصة في شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إنه لطالما واجه حلف شمال الأطلسي مشكلة عسكرية معقدة، متمثلة في كيفية الوصول إلى أفضل طريقة للدفاع عن دول البلطيق المتاخمة لروسيا وبيلاروس إذا اختارت موسكو الهجوم. وربما يكون الرئيس بوتين قد فرض حلا عن غير قصد.

وفي حين أن الكثير من تركيز العلاقات المتدهورة بين الشرق والغرب كان ينصب على الخطط العسكرية الجديدة لألمانيا، فإن الانضمام المتوقع لفنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي المكون من 30 عضوا هو جزء من أكبر تحول في السياسة الخارجية الأوروبية يظهر منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبعد شن الحرب جزئيا لوقف توسع الحلف، يواجه بوتين الآن ما هو عكس ذلك.

ومن شأن عضوية فنلندا أن تسلط الضوء على حقبة شهدت ممارسة جارتها الروسية العملاقة الكثير من النفوذ على علاقة البلاد مع بقية أوروبا. وبالنسبة للسويد، يمثل ذلك نهاية بلا رجعة للحياد الذي اتسمت به البلاد على مدى قرنين من الزمان.

 وبالنسبة لحلف شمال الأطلسي، فإن دول الشمال الأوروبي لن تجلب قدرات عسكرية إضافية في الوقت المناسب فحسب، بل إنه من الناحية الجغرافية، ستقلل من ضعف جناحها الشمالي الشرقي من خلال إضافة 1343  كيلومترا (835 ميلا) من الحدود البرية الإضافية مع روسيا وعزل جيب كالينينجراد الواقع بين بولندا وليتوانيا على بحر البلطيق بشكل فعال.

وقال وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس للصحفيين: "في حالة نشوب صراع، هناك فرصة لإغلاق خليج فنلندا". وأضاف: "هذه فرص جديدة، وهو شيء لم نفكر فيه من قبل".

وسيجتمع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في برلين هذا الأسبوع، حيث سينضم إليهم نظراؤهم السويديون والفنلنديون. وهناك زخم وراء تقدم الدولتين الاسكندنافيتين بطلب العضوية قريبا، على الرغم من أنها ليست صفقة محسومة.

ويوم الجمعة أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه بشأن ما وصفه بـ"الإرهابيين" في السويد وفنلندا ويريد منهم اتخاذ موقف واضح ضد أنصار المسلحين الأكراد الانفصاليين.

وإذا تم تهدئة تركيا، فإن وجود الدولتين في الحلف يمكن أن يحبط أي خطط روسية مستقبلية لاستهداف ما كان ينظر إليه في كثير من الأحيان على أنه نقطة الضعف لحلف شمال الأطلسي على بحر البلطيق.

أما إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي وانضمت إلى حلف شمال الأطلسي في عام 2004، فستصير قادرة على الاعتماد على مساعدة أكثر فورية وطرق جديدة للإمدادات عبر فنلندا والسويد.

ومن غير المرجح أن تشهد الدول الثلاث تهديدا عسكريا فوريا من روسيا، خاصة مع غرق جيش بوتين في مستنقع حربه في أوكرانيا. لكنها واجهت لسنوات أشكالا مختلفة من الترهيب. وفي أواخر العام الماضي، طالب بوتين حلف شمال الأطلسي بسحب قواته من هذه الدول وغيرها من الدول الشرقية والامتناع عن التوسع بشكل أكبر، خاصة بالنظر إلى تطلعات أوكرانيا للانضمام. ورفض حلف شمال الأطلسي الفكرة.

 ومن شأن التغيير في الحسابات الجيوسياسية أن يعني زيادة كبيرة في تكلفة أي هجوم تشنه روسيا في المنطقة، ونتيجة لذلك، يجب أن يقلل في نهاية المطاف من التوترات بين حلفاء الناتو وموسكو، وفقا لما ذكره ويليام ألبيرك، مدير الاستراتيجية والتكنولوجيا والحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن.

وقال ألبيرك إن روسيا سوف تسعى تماما إلى مهاجمة أي دولة عندما تكون ضعيفة ، وليس عندما تكون قوية حقا.

وأضاف: "عندما تكون (الدول) مستقرة بالفعل مع قوة ردع ذات مصداقية ، ستقول روسيا إن الأمر لا يستحق كل هذا العناء. ومن شأن هذا أن يقلل من التوترات".

وقد يستغرق ذلك بعض الوقت. وحذر مسؤولون روس من عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي إذا انضمت فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي بما في ذلك تهديدات غامضة بشأن وضع أسلحة نووية في دول البلطيق. ومن غير الواضح إلى أي مدى تتمركز هذه الأسلحة بالفعل هناك. ومارس أسطول البلطيق الروسي توجيه ضربات وهمية بواسطة صواريخ إسكندر القادرة على حمل رؤوس نووية في كالينينجراد، حسبما ذكرت وزارة الدفاع في 5 أيار/مايو.

 وبعد أن أعلن الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو ورئيسة الوزراء سانا مارين يوم الخميس أن البلاد يجب أن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي "دون تأخير" قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن هذه الخطوة ستشكل "بالتأكيد" تهديدا لروسيا.

 ولم يوضح ما قد تفعله روسيا إذا انضمت فنلندا إلى الحلف، على الرغم من أن سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيزوف، قال إن ذلك سيشمل "تحسين أو رفع درجة الاستعدادات الدفاعية على طول الحدود الروسية الفنلندية". وقال في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز البريطانية إن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "لم يجعل أي بلد أكثر أمنا من قبل".

ورغم أن عضوية فنلندا والسويد سوف تحقق فوائد لدول البلطيق، فإنها ليس يالضرورة أن تغير وجهة نظر روسيا بشكل كبير، وفقا لكيمبرلي مارتن، أستاذة العلوم السياسية في كلية بارنارد بجامعة كولومبيا. ويتدرب البلدان بالفعل عن كثب مع حلف شمال الأطلسي منذ سنوات، لذا فإن الانضمام الرسمي إلى الحلف لن يكون في بعض النواحي سوى إجراء شكلي.

وقال جوري لويك ، سفير إستونيا لدى الناتو ، عبر البريد الإلكتروني: "ستوفر عضويتهما طبقة إضافية من الأمن والاستقرار في منطقة البلطيق بأكملها"، وأضاف: "يمكن لفنلندا والسويد توفير وصول أفضل للحلفاء إلينا، ويمكنهما أيضا تعزيز ردع حلف شمال الأطلسي في المنطقة، خاصة في المجالات البحرية والجوية".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي