رواية «قبعة بيتوفهن».. ظلم الحروب ينجب طغاة

2022-04-07

ضحى عبدالرؤوف المل

تدخل الرواية السورية المعاصرة الصراع مع اندلاع الحرب التي شرذمت الشعب، وتركته على أرض الواقع اليومي، بين النظام ومعارضيه في حالة غير مفهومة، تصدم القارئ بما يطرحه الروائيون السوريون الجدد من مواضيع جديدة، مرتبطة بصعوبات الحياة بعد أن دخلت سوريا في حرب طويلة وشديدة الأزمات، وقبل كل شيء الغزيرة بالمشاكل النفسية، التي أصابت الفرد بصدمة منعته من التكيف والتواصل الإنساني في الداخل والخارج، وحتى ضمن الرواية العربية للحرب السورية، التي تتكرر فيها المشاهد نفسها من السجون إلى الاقتتال إلى الظلم والتآكل الإنساني، الذي يحكي عن فظائع الحرب وويلاتها. للتعبير عن التغييرات التي أصابت سوريا تحديدا بعد خلط المشاهد الروائية بين النظام ومعارضيه، والتي تأثرت بالمخاطر التي تفرضها الحرب عامة. لأن دخول أي بلد في حرب مع الثوار الذين اختلطت عليهم الرؤى، تجعل الحقائق مخفية نوعا ما، لأنها تحتاج إلى تقصٍ وإثباتات وإظهارها في أشكال سردية جديدة، تتمحور حول الموضوع، وتعبر عن اضطراب العالم من خلال سرد متقطع، كما فعل الروائي رامي الطويل في روايته «قبعة بيتوفهن» الصادرة عن دار الساقي، وهو الذي حبك قصته في السجون الغامضة، غير مدرك لمن تكون، لكنه استحضر رواية «صحراء التتار» لدينو بوتزاني، وفي جملة تختصر كل المفاهيم الصادرة عن الحروب وهي «من يكون السلاح وسيلته الوحيدة لمواجهة الطغاة، لن يتخلى لاحقا عن سلاح يتيح له أن يكون طاغية». فهل كثرة التعرض للظلم في الحروب تنجب طغاة؟ أم أن فقدان هوية الانتصار في الحرب السورية أنجبت الكثير من الروايات التي كررت نفسها في الكثير منها، ولا سبيل لذكر ذلك هنا، بعيدا عن رواية رامي الطويل، الذي استحضر أيضا «لعبة الحجلة» لخوليو كورتاثار، الذي يقول فيها: لا يمكن محاربة الفاشية بأساليب فاشية» فهل انتقد رامي الطويل المنظمات والجمعيات التي عملت على تكريس رموز لثورة لاجئين كانوا من أوائل الفارين منها؟ أم أن «قبعة بيتهوفن» هي فعلا الأحداث التي تتكرر في الحروب، كما في رواية «الخلود» لميلان كونديرا، التي جاء فيها «نفتقد قبعة بيتهوفن»؟

إذلال لسجناء، انتهاك لحقوق الإنسان، ظلم واستبداد وغموض لهوية من يعتقل من، واستعراض القوة المستفزة والمؤدية للانتحار أو للجنون، ومحاولات للتغلب على الإحساس بالقهر والعودة بالذاكرة إلى حيث رغد العيش، للسيطرة على الإحساس بالبقاء، لكن النتيجة فقدان قيمة الهوية أثناء الحروب، حيث التفكك وتقلص مساحات الحياة. فهل الإنسان مهدد من قوى غامضة؟ وهل الروائيون الذين تأثروا بالاضطراب الكبير يكرسون أنفسهم للكتابة لإعادة خلق المشاهد في فضاءات روائية ولدت في الحروب التي أكلت من الموالاة والمعارضة على السواء؟ أم أن البيئة الروائية هي بيئة الروائي الذي يدشن مرحلة جديدة في الحرب السورية، التي حدثت فجأة وخلخلت التوازن لشعب عاش في استقرار لفترة طويلة من الزمن؟

كاتبة لبنانية









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي