
بوكروف (روسيا) - حكمت قاضية روسية الثلاثاء على أليكسي نافالني بالسجن تسع سنوات في مجمع إصلاحي خاضع لنظام صارم، في تصعيد للحملة ضد المعارض الرئيسي للكرملين، في خضم الحرب في أوكرانيا.
في الأثناء، تعمل الحكومة الروسية على تعزيز ترسانتها القانونية على كل الأصعدة لمنع أي انتقاد للسلطة. فقد أقرّ النواب الروس الثلاثاء قانونا ينصّ على فرض عقوبات قاسية على من ينشر "أخبارا مضللة" بشأن العمليات التي تجري في الخارج، وهو ما يشكل أداة قمع جديدة للتحكم بالمعلومات المتصلة بالهجوم على أوكرانيا.
وتلغي العقوبة بالسجن تسع سنوات بحق نافالني عقوبة العامين ونصف العام التي كان يمضيها وتحل مكانها، وهي تشمل السنة التي أمضاها في السجن حتى الآن.
وأعلنت القاضية مارغاريتا كوتوفا أنه يُضاف إلى هذه العقوبة إفراج مشروط لعام ونصف العام وغرامة مقدارها 1,2 مليون روبل أي حوالى 10 آلاف يورو وفق سعر الصرف الحالي.
وسيمضي نافالني عقوبته في "مجمع إصلاحي خاضع لنظام قاس"، وهو مكان معزول والظروف فيه أكثر صرامة مما هي في المجمعات "العامة" مثل بوكروف حيث هو محتجز حاليا.
وتعهّد المعارض الثلاثاء بمواصلة معركته ضد الكرملين وقال إن الرئيس فلاديمير بوتين "يخشى الحقيقة" وذلك في سلسلة تغريدات نشرت بعد الحكم عليه بالسجن تسع سنوات.
وكتب نافالني "بوتين يخشى الحقيقة، كنت دائما أقول ذلك. تبقى الأولوية بالنسبة لنا هي محاربة الرقابة وكشف الحقيقة لشعب روسيا".
- توقيف محاميين -
ظهر نافالني الثلاثاء خلال الجلسة مرتديا لباس المساجين وبدا وجهه نحيلا، وكان يستمع الى تلاوة الحكم واضعا يديه في جيبه وهو يضحك احيانا ويتناقش مع محاميه في أحيان أخرى.
وبعد صدور الحكم، أوقف محاميا المعارض أولغا ميخائيلوفا وفاديم كوبزيف بتهمة عرقلة حركة المرور أثناء تحدثهما إلى الصحافة خارج السجن حيث حكم على نافالني. لكن بعد أقل من ساعة، أعلن كوبزيف على تويتر أنه تم إطلاق سراحه وزميلته.
حضر حوالى مئة صحافي الجلسة التي نقلت عبر الفيديو من قاعة في السجن.
ولم يأت أحد من مؤيدي المعارض إلا ليونيد بانيونيس الذي جاء للتظاهر أمام المحكمة. وقال "نافالني بطل ... بقي الناس في المنازل، إنهم خائفون".
في القضية التي حوكم بشأنها الثلاثاء، اتُهم نافالني باختلاس ملايين الروبلات من التبرعات التي قدمت لمنظماته السياسية، لأغراض شخصية و"بإهانة المحكمة" في جلسات سابقة.
يعتبر نافالني هذه الاتهامات وهمية ومدبرة من الكرملين لابقائه في السجن أطول فترة ممكنة.
في آب/اغسطس 2020 أمضى المعارض المعروف بتحقيقاته التي تندد بفساد النخب الروسية وينشرها الكترونيا، عدة أشهر في نقاهة في ألمانيا بعد نجاته من عملية تسميم خطرة تعرض لها في آب/اغسطس ويحمّل الرئيس فلاديمير بوتين مسؤوليتها.
أوقف في كانون الثاني/يناير 2021 عند عودته الى البلاد وحكم عليه بالسجن سنتين ونصف السنة في قضية سابقة تتعلق بالاحتيال تعود الى العام 2014. أثار هذا الحكم عاصفة انتقادات في الغرب وتسبب بفرض عقوبات على موسكو.
في حزيران/يونيو 2021، صُنفت أبرز منظمات المعارض بانها "متطرفة" من جانب القضاء، في قرار أدى الى إغلاقها وإطلاق ملاحقات قضائية في حق عدد من ناشطيها. الكثير منهم باتوا حاليا في المنفى لتجنب الملاحقات. وتم توقيف آخرين ويواجهون عقوبات سجن مشددة.
- لا للنزاع في أوكرانيا -
هذا القمع ترافق مع حظر وسائل إعلام ومنظمات غير حكومية تنتقد السلطات، ما أثار موجة تنديد واسعة في الدول الغربية وتسبب بعقوبات على موسكو.
والثلاثاء، رفضت المحكمة العليا في روسيا طلب تعليق حل منظمة "ميموريال" غير الحكومية، مؤكدة بالتالي تفكيك هذه المنظمة التي تشكل رمزا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحارسا لذكرى الملايين من ضحايا جرائم الاتحاد السوفياتي.
من سجنه واصل نافالني نقل رسائل تندد بسلطة الرئيس فلاديمير بوتين. ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، عبر عن معارضته الشديدة له.
وواصل أيضا دعوته الى التظاهر ضد الحرب رغم المخاطر، بعدما شددت السلطات ترسانتها القضائية مع عقوبات سجن قاسية، من أجل إسكات أي انتقاد للجيش الروسي.
رغم ذلك تم توقيف أكثر من 15 ألف شخص في روسيا خلال شهر تقريبا بتهمة التظاهر ضد الهجوم كما افادت المنظمة غير الحكومية المتخصصة "او في دي-انفو".
في موازاة ذلك، عززت السلطة الروسية حملتها مع حجب الوصول الى عشرات وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في روسيا.