
ليلى إلهان *
على طاولة المقهى
أضع أوجاع رأسي كمزهرية مشروخة
أضع قصيدة سمينة مليئة بالهموم
أضع وجه حبيبي الخائن
أغرس فيه كل سكاكين ألمي
أكسر كل الأطباق المتسخة بالعرق
أتعطر بكل الروائح العفنة على عنقي
دون تذمر أو خجل..
*
على طاولة المقهى نفسها وكل يوم
أجلس وحيدة
أطلب عصيرًا من الأحلام الضائعة
أرتشفه بقلق كبير وأسى
أطلب قطعة سكون من وطن محروق
وطبق من دموع وحرمان..
*
أطلب قطعة فراغ كبيرة
ألملم بها قذارة العدم..
على الطاولة ذاتها
أتناول حطام المدن كوجبة ثقيلة
أختنق بالتدريج كضحية حب طائش
أتناول ملامحه المضرجة بالدماء
وذكريات سيئة الطالع
أمضغ كل هذا الخراب
كي ينتهي ضجيج الحرب من رأسي
كي تنتهي أحزان الهدم والتدمير..
*
أتناول قلبي الضعيف
كي لا أحس بوخز الضمير
أتناول تاريخًا
من الأسماء المستعارة ولا أشبع
ومشاهد سيئة تضرب كفي بالريح
أتناول قرصًا من الشمس
كمهدئ للبرد
وفسحة أمل من كآبات البشر
ربما كي أعرف ما بي
صرت أرفض نبوءة الحظ الخاسر
أرفض عقوبة الحلم المشوه
وزيف الضحكات الغادرة..
*
المقهى الأنيق بستائره الزهرية
ومقاعده الكثيرة والمتناسقة
لا تجلس السعادة فيه
أو حتى عاشقان يتوسدان الفرح..
تثقب أضواؤه دخان سجائرنا
وعناق طائراتنا الورقية
وأفواهنا العريضة كدلو
ومعاطفنا الباردة ..
*
الفراغ يرتّب أفكاره
أمام صخب الحياة اللعينة
وأمام كارتون النفايات
فأنا لا أجيد الهروب منه
لكني أحتفظ بأسرار جدي بداخله
وصرير غيابك..
*
النادل يقف مستغربًا
يرصد كل انفعالات ذاكرة
مشدودة إلى الخلف
يرصد نوايا غارقة بالرحيل والحكايا
يرصد الوقت الطاعن في السراب
وأنا ما زلت خلف الموت
بأحذية أنيقة وقلبي الصغير.
*شاعرة يمنية