
عن دار كنعان للدراسات والنشر في دمشق، صدر للزميل عبد اللطيف الوراري ديوان جديد تحت عنوان: «قرطاس: سيرة شعرية». يتألف الديوان من نحو أربعين نصّاً شعريّاً ينتظم في أربعة أقسام: سيول – أسمّيني شاعرا بالجوع – يصقلون ظلال الكلمات – ماذا أعددت لهم، يا وهم.
هو كتاب شعري من حيث بنيته التأليفية، أكثر من كونه تجميعاً لقصائد متفرّقة. تتراكب نصوصه متعدّدة البناء، بين متوسطة وقصيرة وشذرية، على نحو يمنح للسيرة الشعرية، ذاتاً وموضوعاً، سيرورتها الكتابية بما تنطوي عليه من بروق روحية وصلات قرابية وتأملات ميتاشعرية والتقاطات محسوسة وكثيفة تسائل موجودات الذات الكاتبة وحياتها المستعادة من جديد، كما تسائل الشعر وانهماكاته وحضوره في العالم من الداخل بطريق الاستبطان والوعي الذاتي. ويأتي العمل الجديد في سياق انشغال الشاعر المغربي النظري والجمالي بالسيرة الشعرية، أي بحضور السيرة الذاتية في الشعر بوصفه خطاباً مخصوصاً يتسم بالتكثيف والمجاز والتأويل الجديد للعالم، على غرار ما صنع في ديوانيه السابقين: «ذاكرة ليوم آخر» 2013، و»من علوّ هاوية» 2015.
نقرأ من نصّ «يسبقني عمى الخُلْجان»:
لم أشأْ أن أنام
حتّى أراك تدخل وأردّ عليك السلام،
وتجلس معي القرفصاء
أمام شاشةٍ بائتةٍ
وكتُبٍ ترتعد من برد الكلمات
وسقفٍ يتموّج بالطُّيور التي في روحي،
ثُمّ ننهض سويًّا للأحلام
بمكنسة طويلة
ومناشف نسيان مدبّبة؛
لأنَّ أكوام الرّماد التي ألقت بها الألسنة
في آخر النّهار،
وبُقَع الصّرْخة التي وُجِدت تحت الجثث،
والتماثيل الصّلدة بين الوديان
ستحجب النّور
في ذاكرة الإنسان.