
لندن - واصلت الطبقة السياسية البريطانية حبس أنفاسها الخميس 27يناير2022، بانتظار تقرير حاسم، لا ينفكّ يؤجّل نشره باستمرار، عن الحفلات التي أقيمت في داونينغ ستريت خلال فترات الحجر الصحّي لمكافحة تفشّي كوفيد-19، ما يضع مستقبل بوريس جونسون السياسي على المحكّ.
وتعيش وستمنستر حرب أعصاب حقيقية في انتظار نشر نتائج تحقيق داخلي تجريه المسؤولة في الخدمة المدنية سو غراي بشأن هذه الحفلات التي أقيمت في حديقة داونينغ ستريت بمناسبة انتهاء خدمة موظفين أو أعياد ميلاد أشخاص من دوائر السلطة وأثارت صدمة لدى البريطانيين الذين كانوا مضطرين آنذاك للتخفيف بشكل كبير من لقاءاتهم ببعضهم البعض.
وبعدما كان متوقّعاً صدور التقرير الأربعاء، قد لا يُنشر هذا التقرير قبل الأسبوع المقبل، بحسب تقديرات الصحف البريطانية التي أصبحت أكثر حذراً بشأن توقعاتها مع مرور الأيام.
وقال متحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني الخميس "لم نتلقّه بعد"، فيما أكّد جونسون، على هامش زيارة له إلى ويلز، أنّه "لا يسعى على الإطلاق" لايجاد مخرج.
ووصلت القضية أيضاً إلى الشرطة التي أعلنت أنّها تحقّق في "مناسبات" عديدة لتحديد ما إذا كانت قد تتخلّلتها "انتهاكات محتملة للقواعد المرتبطة بكوفيد-19" يمكن أن تفرض بشأنها غرامات.
- تصويت حجب الثقة -
وفي وقت يشدّد فيه جونسون على أنّ التقرير سيُنشر كاملًا، سيتأخّر تسليم التقرير بسبب المناقشات حول المسألة الدقيقة لتحديد ما يمكن وما لا يمكن نشره لئلّا يضرّ بالتحقيق الذي تقوم به الشرطة.
وقد يكون مضمون التقرير حاسمًا للمستقبل السياسي لزعيم حزب المحافظين البالغ من العمر 57 عامًا والمتّهم بالكذب والذي أظهرت استطلاعات رأي تدهور شعبيته ودعته المعارضة للاستقالة وهو ما سارع إلى رفضه، مؤكّداً أنّه يركّز جهوده على الانتعاش الاقتصادي والأزمة في أوكرانيا.
وحتى داخل الأغلبية المحافظة التي ينتمي إليها جونسون، يتصاعد الغضب. وقد أفلت حتى الآن من تصويت بحجب الثقة والذي يمكن إجراؤه بناءً على طلب 54 (من أصل 359) نائباً من معسكره، لكنّ رئيس الوزراء يبقى في موقف حسّاس للغاية.
وقد يُطلق نشر التقرير سباقًا داخل حزب المحافظين اعتبارًا من الأسبوع المقبل يُصبح على إثره الرئيس الجديد للحزب رئيسًا للحكومة بشكل تلقائي.
- "الحقيقة" بعد "التضحيات الهائلة" -
في غضون ذلك، يحاول مناصرو جونسون داخل الحكومة تهدئة التوترات التي يتسبب بها النواب المعارضون.
ولمّح البعض إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في حال تعيين رئيس جديد للحكومة، في وقت تتمتع فيه المعارضة العمّالية بتقدّم نادر ومريح على حزب المحافظين من حيث نوايا التصويت.
ولا يُستبعد أيضًا أن ينجو جونسون، القوي في عادته في الخروج من المواقف الأكثر تعقيدًا، من تصويت عدم الثقة، فتكون الإطاحة به بعد ذلك غير ممكنة طيلة عام.
وطلب زعيم حزب العمال كير ستارمر أن يُنشر التقرير "كاملًا"، مؤكّدًا الخميس أن البريطانيين يستحقون "الحقيقة" بعد "التضحيات الهائلة" التي قبلوا بها خلال الجائحة.
وبحسب صحيفة ديلي ميل، في وقت تتزايد فيه الاجتماعات بين جونسون ونواب في الكواليس، يُرجّح أن يكون بعض النواب قالوا إنهم سيدعمون جونسون بشرط تراجعه عن رفع الضريبة الاجتماعية في ظلّ تضخّم ينهش القدرة الشرائية للبريطانيين.
وأكّد جونسون الخميس أنّه يريد "مواصلة عمل الحكومة"، وذلك غداة قوله إنّه يسعى للتركيز على الانتعاش الاقتصادي والأزمة في أوكرانيا.
لكن برزت قضية أخرى أثارت تساؤلات إضافية حول مصداقية رئيس الوزراء.
فبعد أن كُشف عن رسائل الكترونية لوزراة الخارجية في إطار اجتماع لجنة برلمانية، اتُّهم جونسون بالكذب بعد أن أكّد أنه لم يتدخّل في الإجلاء المثير للجدل لكلاب وقطط من ملجأ يديره عسكري بريطاني سابق في كابول في آب/أغسطس.