بِحَارُنا

2022-01-07

يوليا غلبينوفيتش

علّمني أبي أنني لو قُدتُ بصبرٍ كافٍ

فإنني سوف أصلُ حيث المكانُ ذو رائحةٍ مختلفة

رائحةُ شُقَقٍ سكنية محاذاةَ البحر، الصدِئ،

وكلِّ شيءٍ جمّدت حركتَه العاصفةُ.

هنا يمكنك حتى أن تنسى الحرب، الأرز، والطحينة،

وأغانيَ غريبة على الراديو.

ذهبتُ إليه أولّ ليلةٍ ولستُ أريد منه الكثيرَ سوى دفئِه.

كان بطنُه مُكَوَّراً بالصمت، تكلّم بخليطٍ من اللغة القديمة والجديدة.

كان في مكانٍ بعيدٍ لا يصله فيه أحد:

مكانٌ هو بيتٌ ومغامرةٌ في نفس الوقت.

أبي لدغته ميدوسا

لقد كان وَلداً ترعرع على طَرفِ غابةٍ تكسوها الثلوجُ،

تغذَّى على الحبوب والبطاطا

ومن حينٍ لحينٍ سمكةِ رينغة ابْتِيعَت من يهوديٍّ على درّاجةٍ يومَ الميلاد

اختاروا أبي ليكون طفلاً بلا أب،

طفلاً أداؤُه جيّدٌ في المدرسة كي يذهب إلى آرتيك

ماذا تعني آرتك لأبي الذي كان صدرُه

يَبِينُ عن تجويفةٍ غريبةٍ تركها ضلعٌ أُزيلَ من مكانه

حتى لا يخرقوا رئتيه الخائفتين.

أمضى ليلةً كأنها الأبدية، محبوساً من ولدِ جيرانٍ شرّيرٍ في قبو

لا أستطيع أن أعرف، لكنّني أتخيّل أن أبي في مرحلة ما عندما كان يسبح في البحر الأسود

كان يعرف أنّ هذا، أنّ هذا الشيء لا يمكنه أن يُعيد نفسه،

وأنّه لن يحدث له مرةً أُخرى، ليس له.

لدى عودته الحتميّة والمشتهاة سَلَفاً،

يواجه أبي ميدوساهات، كشيءٍ يُثبتُ خطأه،

ولَكَم تلسعُ في الليل.

أرى أبي يسبح في بركة سباحة فندقه

لاحقاً يمشون نحو البحر.

بينما يسبح، تسبح أُمي بجانبه،

على كتفها الأيمن تحملُ دائماً ندباتٍ صغيرةٍ

تركها كلبُنا الذي رحل من بعيد.

أسلافه الـ نيوفاوندلاند تَحجَّمت فجأةً

إلى رُعب جرو.

يسبح أبي، وبإمكانه أن يسبح لِساعات

من وقت لآخر يغطس ويظهر مرّة أُخرى

الآن وأنا أتذكّر ذلك الكلب الأسود

أعتقد أنه هو، أيضاً، يشبه خَوفاً صغيراً دائماً هنالك على وجهه المندهش.

في الشمس، تلمع النمشاتُ التي تغطّي جلد أُمّي الخَوخي

مَن الصعب معرفة مَن يحمي مَن

نستيقظ قرب البحر

أستمع بِسرّيّة

هناك بحرٌ عَبْرَ هذه المدينة مكوّنٌ من خبزٍ هشٍّ صُنعَ في الليل

كليتايَ الاثنتان يُثقلهما البطّيخ

وكأنّنا نستيقظ قرب البحر

عبر الشرفة المفتوحة

هذا الجليد من الفحم المشتعل والضوء

يؤذيني بنفس القدر.

ترجمة: مصعب أبو توهة

يوليا غلبينوفيتش شاعرة من ليتوانيا مقيمة في لندن، وتكتب بالإنكليزية والليتوانية







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي