لوموند: تأجيل الانتخابات يعيق جهود لم الشمل في ليبيا

2021-12-25

مخطط إعادة التوحيد في ليبيا شجعته العواصم الغربية لأنها رأت في ذلك وسيلة لتوطيد سلطة تنفيذية ليبية جديدة قادرة على الابتعاد (أ ف ب)

تحت عنوان: تأجيل الانتخابات يعيق جهود لم الشمل في ليبيا، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن تعليق انتخابات 24 ديسمبر/ كانون الأول بسبب عدم الاتفاق على المرشحين يقوض جهود المصالحة بين إقليمي طرابلس وبرقة، حيث كان من المقرر أن تمثل هذه الانتخاب التجديد في ليبيا، وتكون بمثابة الاقتراع الرسمي للمصالحة بين المعسكرين المتنافسين في الغرب (طرابلس) والشرق (برقة)، والتي جرت ببطء ولكن بثبات منذ تشكيل “حكومة وحدة وطنية” الربيع الماضي. لكن الانتخابات الرئاسية، التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول تقرر تأجيلها بسبب عدم وجود توافق بين الطرفين.

وأوضحت “لوموند” أن الغموض، يحيط أيضا بالانتخابات التشريعية التي ستلي الرئاسيات. لذلك، تم إحباط أول عودة إلى صناديق الاقتراع في ليبيا منذ عام 2014، والتي كان من المفترض أن تخرج طبقة سياسية جديدة تنفصل عن تلك التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى منذ ثورة 2011؟.

من الواضح- تقول “لوموند”- أن الفصائل المرتبطة بعائدات النفط وأشكال مختلفة من التهريب، لم تكن مستعدة لتحمل الطوارئ الانتخابية. ولعبة الأمم المتحدة والعواصم الغربية، التي أصرت على التعجيل بإجراء الاقتراع على الرغم من هشاشة أساسه القانوني والتي أنشأها من جانب واحد فصيل في برلمان طبرق، لم تساعد على حلحلة الأمور.

لكن نسيم تفاؤل طفيف ساد على ليبيا في مارس/ آذار، بعد وساطة الأمم المتحدة، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، رجل أعمال من مصراتة وله أنصار متباينون. حيث تم التوصل إلى جمع ممثلين حول الدبيبة عن الكتلتين السياسيتين العسكريتين- برقة التي يسيطر عليها بحكم الأمر الواقع شخصية المشير خليفة حفتر، طرابلس التي تسيطر عليها مجموعة من الميليشيات التي تدعي بشكل أساسي أنها جزء من “الثورة” المناهضة لثورة القذافي- الذي أدت مواجهته في 2014-2015 ثم في 2019-2020 إلى تعميق تقسيم البلاد.

حالة سيف الإسلام القذافي

مخطط إعادة التوحيد في ليبيا شجعته العواصم الغربية لأنها رأت في ذلك وسيلة لتوطيد سلطة تنفيذية ليبية جديدة قادرة على الابتعاد، في خطوة ثانية عن رعاية دول أجنبية ذات تأثير متزايد في ليبيا، ويتعلق الأمر بالأتراك في طرابلس والروس في برقة وفزان (الجنوب). وكانت “معركة طرابلس” لعام 2019- محاولة المشير حفتر الفاشلة للاستيلاء على العاصمة- مصحوبة بالفعل بتصعيد للتدخل الأجنبي. وقد أدى ذلك إلى إنشاء نوع من التكتل التركي الروسي الذي يتقاسم مناطق النفوذ والتي يرغب الغرب الآن في حلها.

لكن هذا السيناريو الفاضل لعملية انتخابية لتغيير الأوراق الليبية اصطدم بعقبتين أخرجتاه عن مساره. الأولى تتمثل في اعتماد قوانين الانتخابات في أيلول/ سبتمبر في ظل ظروف مثيرة للجدل من قبل برلمان طبرق، الذي كان رئيسه عقيلة صالح المقرب من المشير خليفة حفتر. فهذه القوانين اعتمدت فلسفة رئاسية صريحة، الأمر الذي أثار عداء مؤيدي النظام البرلماني، وعلى رأسهم القوى المقربة من جماعة الإخوان المسلمين بعدها نشأت الخلافات حول القائمة النهائية للمرشحين. اندلع الجدل الأكثر سخونة حول قضية سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم السابق والقائد الأعلى للجماهيرية العظمى “دولة الجماهير” الذي قُتل في انتفاضة 2011.

المفوضية العليا للانتخابات كانت قد رفضت ترشح سيف الإسلام القذافي قبل أن تؤكده محكمة استئناف سبها وسط أجواء من التوتر. يرى أنصار المشير حفتر- وهو مرشح أيضًا- أنه منافس من المرجح أن يعض نفس الناخبين الذين يحنون إلى السلطة القوية. أما أتباع ثورة 2011، المتمركزين بشكل أساسي في منطقة طرابلس، ويعارضون علنًا أي محاولة لاستعادة النظام القديم.

شرخ في طرابلس

أثير جدل آخر حول ترشيح رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، الذي كان من المفترض بموجب قانون الانتخابات، أن يستقيل من رئاسة الحكومة قبل الموعد النهائي المعلن في 24 ديسمبر بثلاثة أشهر. محكمة استئناف طرابلس أيدت ترشيحه، الأمر الذي أثار استياء أنصار المشير خليفة حفتر، إذ ينظر إلى عبد الحميد دبيبة على أنه منافس خطير. أما كل هذه الاختلافات، وجدت اللجنة الانتخابية نفسها غير قادرة على نشر القائمة النهائية للمرشحين، مما جعل تأجيل الاقتراع أمرًا لا مفر منه.

هل يجب أن نخشى انزلاق ليبيا الناهضة مرة أخرى إلى حالة عدم الاستقرار؟

العودة إلى صراع مفتوح بين شرق ليبيا وغربها كما حدث في 2019-2020 يبدو غير مرجح، تقول “لوموند”، لأن خطوط القوة قد تطورت منذ العام الماضي. وحضور شخصيات سياسية من الغرب على غرار فتحي باشاغا وأحمد معتيق- من مصراتة- في مدينة بنغازي إلى جانب المشير حفتر، في اجتماع غير مسبوق، هي رسالة موجهة بشكل واضح ضد السيد عبد الحمد الدبيبة، من أجل عملية إعادة ترتيب في المشهد السياسي.

بعد أن كان الانقسام بين الشرق والغرب، يتركز الآن بشكل أكبر داخل إقليم طرابلس نفسه، حيث تزداد حدة التنافس بين السيد باشاغا، وزير الداخلية السابق، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة. وقد أظهرت العديد من الميليشيات ولاءها لهذا أو ذاك في الأيام الأخيرة. في مثل هذه البيئة المزدحمة، يمكن أن تحدث انزلاقات محلية في أي وقت، تختتم “لوموند”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي