الغارديان: العالم يحترق.. وعلى روسيا وأميركا والصين إنقاذه

2021-12-21

في زمن جائحة كوفيد-19 يكون البحث عن الوقاية والتوق إلى التعافي هاجسا محليا في المقام الأول (د ب أ)

أفاد مقال بصحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية بأن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) فاقمت الأزمة التي تئن تحت وطأتها منظومة العمل الإنساني العالمية، في وقت جرت فيه تنحية الأمم المتحدة "غير الفعالة" جانبا.

وكما أن من الصعب على المرء النظر إلى أبعد من باب منزله الخارجي عندما يهدد مرض فتاك عائلته، كذلك تفعل حكومات الدول حينما تواجه حوادث طارئة خارج حدودها الوطنية، وفقا لمقال الرأي الذي كتبه سايمون تيسدال محلل الشؤون الدولية بالصحيفة.

فماذا لو أن العالم يحترق؟ في زمن جائحة كوفيد-19 يكون البحث عن الوقاية والتوق إلى التعافي هاجسا محليا في المقام الأول، "فالأقربون أولى بالمعروف"، وفق تعبير المقال.

وقد تزامن تفشي الجائحة مع أزمة يرزح تحتها العمل الإنساني العالمي بالفعل، عكستها "قسوة" أوجه الضعف الموجودة والمشاكل المهملة منذ وقت طويل.

وضع قاتم!

لكن تيسدال يرى في مقاله أن كوفيد-19 لا يعدو أن تكون جانبا واحدا من المسألة، فالصراعات المشتعلة دون توسط أطراف أخرى لحلها، والحروب الأهلية التي لا نهاية لها، والكوارث المتعلقة بالمناخ، والخروج على القانون، والإفلات من العقاب والدبلوماسية غير الفعالة؛ كلها عوامل تؤدي إلى المجاعة والأمراض والنزوح بدرجة لم يسبق لها مثيل.

وتظهر إحصاءات لجنة الإنقاذ الدولية -وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتنمية الدولية- أن عددا قياسيا يبلغ 274 مليون شخص حول العالم، سيكونون بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2022، بزيادة قدرها 63% على السنتين الماضيتين.

وهناك 80 مليون شخص -بحسب الإحصاءات نفسها- أُجبروا على الفرار من ديارهم، و41 مليونا آخرون على شفا المجاعة.

وتشكل 20 دولة متأثرة بأزمات وصنفتها لجنة الإنقاذ الدولية على أنها الأكثر عرضة لمزيد من التدهور -وفي مقدمتها أفغانستان وإثيوبيا واليمن، وتشمل أيضا ميانمار وسوريا و11 دولة أفريقية أخرى- ما نسبته 89% من مجمل الاحتياجات الإنسانية العالمية، و80% من جميع المهاجرين في العالم.

وكانت لجنة إدارة الطوارئ والكوارث -وهي مجموعة تضم 15 جمعية خيرية بريطانية- قد أطلقت نداءً الأسبوع الماضي لتقديم مساعدات لأفغانستان التي يعاني 8 ملايين من مواطنيها من خطر المجاعة في فصل الشتاء الحالي، من بينهم مليون طفل.

ويشير سايمون تيسدال إلى أن تلك اللجنة تمكنت من جمع 9.5 ملايين جنيه إسترليني (12.5 مليون دولار أميركي) في أول يوم، بيد أن الصورة الكبرى تبدو مخيفة بنظره، وذلك لأن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) تسعى لجمع 9.4 مليارات دولار لتمويل الحالات الطارئة حول العالم عام 2022، لمساعدة 177 مليون طفل متأثرين بأزمات إنسانية، كالتغير المناخي وجائحة كورونا.

وفي المجمل، ستكون هناك حاجة لمبلغ 41 مليار دولار لتقديم مساعدات لنحو 63 دولة، وهو رقم يعتقد كاتب المقال أنه صعب التحقيق.

أزمات متراكمة وفشل ذريع

وتنقل صحيفة الغارديان عن وزير الخارجية البريطاني الأسبق ديفيد ميليباند -الذي يتولى رئاسة لجنة إدارة الطوارئ والكوارث- القول إن الأزمة العالمية الطارئة هذه ليست نتاج تضافر عوامل غير مواتية، بل كانت تختمر لسنوات، مشيرا إلى أنها متجذرة في أزمة سياسية وهي عنده بمثابة "فشل منظومة".

ولذلك الفشل جوانب عدة، فهناك عدد متزايد من الدول تخفق في الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه حماية مواطنيها، بل إن البعض منها -مثل سوريا وميانمار- تعتدي عليهم أو تعاملهم كرهائن.

وتمضي الصحيفة إلى القول إن الدبلوماسية وإحلال السلام في تراجع، والحروب الأهلية تزداد عددا وتستمر لفترات أطول، ويتم تدويلها من خلال قوى بالوكالة مما يتعذر معه حلها.

وتضيف أن للفشل جانبا قانونيا أيضا، فالحقوق والمعاهدات الدولية يتم تجاهلها والتغاضي عنها، والقانون الدولي يعامل بازدراء أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة عام 1945.

وتتمثل تداعيات ذلك الإخفاق في تزايد جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والمذابح، بينما لا يخضع مرتكبوها للمساءلة بما يقارب من الإفلات من العقاب. ويعتقد كاتب المقال أن منظومة المساعدات الدولية تنهار أيضا، وليس ذلك فقط لأن دعم المانحين غير كافٍ.

مقترح فرنسي

ويخلص تيسدال إلى القول إن أحد السبل لضمان تحسين مستوى المساءلة يكمن في ضرورة ممارسة المحاكم الوطنية مزيدا من الولاية القضائية الشاملة، والدليل على ذلك المحاكمة الناجحة في ألمانيا لعضو سابق في تنظيم الدولة الإسلامية.

وثمة دليل آخر هو الاقتراح الذي تقدمت به فرنسا بوجوب تعليق حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وذلك في حال وقوع فظائع جماعية في الدول المتأثرة بأزمات.

ومن وجهة نظر كاتب المقال، فإن من شأن ذلك أن يحول دون عرقلة روسيا -على سبيل المثال- إجراء تحقيق في شن هجمات بأسلحة كيميائية في سوريا، أو منع الصين من حماية جنرالات ميانمار.

وربما تتيح الموافقة على ذلك المقترح -ولو نظريا- إجراء تحقيق شامل في مقتل مدنيين على أيدي القوات الأميركية في العراق وأفغانستان وشمالي سوريا.

وتختم الغارديان مقالها بأن العالم يحترق "وما من شك في ذلك"، وأن على الصين والولايات المتحدة وروسيا أن تنضم إلى "رجال الإطفاء"، إذا قُدِّر للمقترح الفرنسي النجاح.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي