غموض وراء خروج القوات السعودية من عدن: انسحاب أم إعادة انتشار

2021-11-11

ليس  هناك انسحاب بل اعادة انتشار ( التواصل الاجتماعي)عدن ( الجمهورية اليمنية) – استبعدت مصادر سياسية أن تكون المعلومات المتواترة عن سحب التحالفِ العربي بعضَ قواته من شبوة وعدن مؤشرا على قرب التوصل إلى اتفاق سياسي أو إغلاق ملف الحرب في اليمن، مشيرة إلى أن ذلك التحرك العسكري قد يكون على صلة بمراجعة قواعد الاشتباك واستراتيجية الحرب في اليمن التي يخوضها التحالف العربي لمساندة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

وفي رد على الأنباء الواردة حول سحب التحالف العربي قوات ومعدات من مدينة عدن بعد أيام من إخلاء التحالف قواته من معسكر العلم ومطار عتق بمحافظة شبوة، نفى الناطق الرسمي باسم التحالف العربي العميد تركي المالكي صحة التقارير المتداولة عن انسحاب عسكري سعودي من جنوب اليمن، مشيرا إلى أن تلك القوات “تعيد انتشارها بما يتسق مع استراتيجية التحالف لدعم القوات اليمنية”.

وفي السياق ذاته نفت مصادر عسكرية في قوات المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح بمحافظة الحديدة صحة الأنباء المتداولة عن انسحابات قامت بها قوات المقاومة المشتركة من أجزاء في مدينة الحديدة، بعد ساعات من زيارة قام بها المبعوث الأممي لليمن إلى الساحل الغربي في اليمن ولقاء العميد طارق صالح.

غير أن مصادر خاصة بـ”العرب” أكدت مغادرة بعض الوحدات العسكرية التابعة للمقاومة المشتركة مناطق على خطوط التماس مع الحوثيين في سياق تفاهمات أشرفت عليها الأمم المتحدة وبِعْثتها المتواجدة في الحديدة، والتي تأتي في إطار مساع أممية ودولية لمنع انهيار الهدنة في الحديدة التي تمت بموجب اتفاق السويد الموقع بين الحكومة اليمنية والحوثيين أواخر عام 2018.

وأشارت المصادر إلى أن الانسحاب المحدود يأتي كرسالة طمأنة للمجتمع الدولي حول التزام ابن الرئيس السابق باتفاق السويد الذي تراهن عليه الأمم المتحدة كنموذج يمكن تعميمه في مختلف الجبهات المشتعلة في مأرب.

وفي تصريح لـ”العرب” قلل ماجد المذحجي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، من أهمية الأخبار المتداولة في الشارع السياسي والإعلامي اليمني حول الانسحابات التي يقوم بها التحالف العربي، لافتا إلى أن تلك الأنباء لا تحمل في طياتها أي تحول جوهري في مسار الأزمة اليمنية في غياب انفراجة سياسية حقيقة أو تقدم عسكري جذري لجعل الأوضاع تتحرك بشكل متسارع.

ماجد المذحجي: رسائل طمأنة بأن السعودية يمكن أن تنسحب بطريقة إيجابية

وأضاف “الانسحابات يبدو أنها إعادة تموضع وترتيبات عسكرية مع خفض الحضور العسكري وتراجع الاحتياج إلى تلك القوات، كما أنها قد تكون رسائل طمأنة بأن السعودية يمكن أن تنسحب بطريقة إيجابية، لكن الواقع حتى الآن هو أنه لا توجد انسحابات فعلية”.

وعن الأنباء المتعلقة بانسحاب قوات تابعة للمقاومة المشتركة في الحديدة تابع المذحجي “في محافظة الحديدة القوات التي انسحبت هي القوات الجنوبية، ويأتي ذلك في إطار إدراكها للتحديات التي يشكلها الحوثي في مناطق أخرى، وخصوصا في شبوة وفي أبين حيث تبرز هناك تهديدات حوثية ملحة. لكن لا أظن أن الأمر انسحاب كلي، خصوصا وأن هناك تفاهمات تقضي بعدم وجود فراغ في أي أماكن يتم الانسحاب منها”.

وحول ارتباط ذلك الحراك العسكري بالجهود الدولية المتزايدة، وزيارة المبعوثين إلى اليمن الأميركي تيم ليندركينغ والأممي هانز غروندبرغ إلى عدن وتعز والساحل الغربي، وصف المذحجي تلك الزيارات بأنها “جزء من رغبة في منح زخم سياسي داعم للأطراف المناوئة للحوثيين في ظل التصعيد العسكري الحوثي”.

وترافقت الجهود الدبلوماسية التي قادتها واشنطن والأمم المتحدة وامتدت إلى العاصمة العمانية مسقط، التي تلعب دورا متزايدا في بلورة رؤية جديدة لإيقاف الحرب في اليمن قائمة على المبادرة الأممية، مع تصعيد وحراك عسكري لافت تمثل في تجديد قوات التحالف العربي قصفَها الجوي لأهداف عسكرية في صنعاء وصعدة ومأرب، بالتوازي مع تنقلات عسكرية لقوات التحالف في عدن وشبوة.

وربط مراقبون سياسيون للشأن اليمني بين الحراك الدبلوماسي والتصعيد العسكري، مع بروز رغبة المجتمع الدولي في وضع حد للهجوم الحوثي على مأرب والتوصل إلى اتفاق قائم على المبادرة التي تقدم بها المبعوث الأممي السابق لليمن مارتن غريفيث، وإجراء تعديلات على جوهر تلك المبادرة تستوعب خلالها التحولات العسكرية والسياسية في المشهد اليمني وموازين القوى التي تشكلت على الأرض والتي عبرت عنها اللقاءات الغربية التي شملت قيادات الشرعية إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي.

مراجعة قواعد الاشتباك واستراتيجية الحرب في اليمن

ويؤكد مراقبون أن العقدة الحقيقية التي مازالت تعترض التوصل إلى أي تقارب في المشاورات غير المباشرة، التي ترعاها واشنطن والأمم المتحدة وتشارك فيها مسقط بقوة، تتمثل في وضع محافظة مأرب التي يصر الحوثي على إلحقاها بالمناطق الخاضعة لسيطرته قبل الجلوس إلى مائدة الحوار، بينما تتشبث الشرعية اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية بضرورة وقف الهجمات الحوثية على مأرب مقابل الموافقة على فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وتجميد العمليات العسكرية.

وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الصحافي والباحث السياسي اليمني خالد بقلان أن الحديث عن اتفاق خاص بمأرب على غرار ستوكهولم برعاية أممية أمر غير وارد بالنظر إلى النهج الذي يسلكه المبعوث السويدي هانس غروندبرغ والذي يختلف عن المسار الذي اختطه سلفه غريفيث.

وأضاف “من المستبعد أن يلجأ المبعوث الأممي الجديد إلى إعادة تجربة اتفاق الحديدة لأنه يرى أن المدخل الحقيقي للحل السياسي سيكون شاملا ويبدأ بتحييد الاقتصاد وإعادة إنتاج الطاقة، وهذا ما سيعمل عليه في الأيام القليلة القادمة، لكن جهوده سوف تبوء بالفشل لأنه سيصطدم بتعنت الحوثي وأولوياته القائمة على مبدأ تحييد الجبهات قبل تحييد الاقتصاد، لكي يتسنى له التهام الجغرافيا اليمنية تباعًا”.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي