«حدث في باريس (قبل الكورونا)» لنبيل أبو حمد: الجنس يتحدّى الموت في مقبرة… والوباء يسخر من البشر

2021-11-10

من غير المعتاد أن يقدم كاتب تبريرا لروايته في داخلها، لكن هذا ما فعله الروائي الرسام اللبناني الفلسطيني نبيل أبو حمد في روايته القصيرة الجديدة «حدث في باريس (قبل الكورونا)» كما أنه، وعلى عكس ما يقوله عنوانها يبدأ «النوفيلا» بطلبات زوجة البطل بالاحتراس من كورونا، ويشير في بداية الكتاب إلى أن سبب كتابته هو الملل الذي صنعه البقاء في البيت، بسبب الوباء، والخوف من الكآبة، وهو ما يشكل مقدمة لفكرة الخوف من الموت، والعودة إلى قصة حصلت مع الراوي في باريس قبل أن يكون هناك كورونا.
في تبادل بين وقائع الخوف من الوباء في أسابيعه الأولى، وأحداث موت أخ الزوجة في باريس، نتعرف إلى شخصية المتوفى الغريبة، الذي عاش على هامش المجتمع، رافضا الانخراط فيه بأي شكل، ويذكر الراوي أحداثا طريفة من قبيل أنه كان الوحيد الذي عليه أن يستخدم سيارة الدفن، بسبب بدانته وبعد مكان نثر رماد الجثة، وأن الدفن سيجري في مقبرة بيرلاشيز التي تضم مشاهير فرنسيين وأجانب، رغم أن المتوفى كان خارج النظام ويعيش على الإعانة الاجتماعية، ووصول الراوي في المقبرة إلى تجمع شبان وشابات يمرحون ويشربون قرب قبر المغني جيم موريسون، ثم مروره بقبور مشاهير كثيرين كالمغنية الفرنسية الشهيرة إديث بياف، وموليير، فأوسكار وايلد وشوبان وبروست وبلزاك، وصولا إلى منحوتة لـ»أشهر عاشقين» في تاريخ فرنسا اللذين دفنا معاً عام 1817، وإلى مجموعة من الجوارير التي تضم رفات أشخاص لم يستطيعوا حجز قبر في المقبرة المهيبة.
يلاحظ الراوي فتاة جميلة فيحاول لفت نظرها دون جدوى، غير أنها تقوم هي لاحقا بالمبادرة ويتبادل الشخصان، حوارا فلسفيا حول الموت والأديان والآخرة، ليجادلها الكاتب، بعد أن تبين أنها متدينة، باعتباره شخصا غير مؤمن، وتتحرّك دينامية الحوار باتجاه جنسي ينقطع، لكن الفتاة تندفع بعدها للتواصل مع الفنان عبر وسيلة تواصل اجتماعي، ويتم لقاؤهما الفعلي في الفندق الذي ينزل فيه، فيترك زوجته نائمة ويتابع خيط المغامرة الجنسية مع الفتاة.
مع عودة الفنان إلى لندن وإحساسه بالمرض تنقلب مواقفه، كما لو أن الحياة تسخر منه، ويبدأ بتوقع الموت عبر كابوس يجعله يتراجع عن مجمل آرائه العاتية حول الدين والله والتقاليد، لنسمع مواعظ تقليدية على لسان الفيروس عن تحول البشر إلى وحوش وعن أسواق المال والجنس.
يتعافى الفنان وتصله رسالة لاحقا من الفتاة التي كان سببا في خروجها من إطارها الاجتماعي – الديني السابق والتقت بحبيب لها، ويعود بطل الحكاية إلى محل خيري أخذ منه إطار للوحة فتبدو القصة برمّتها، على طرافتها، سخرية من البشر الذين يقوم الوباء بامتحان آرائهم حول الحياة والموت.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي