"النساء والأدب": معجم لقرون من الكتابة بالفرنسية

2021-11-07

الروائية الفرنسية جورج ساند، 1804 ـ 1876 (Getty)

ليس المرء بحاجةٍ إلى كثيرِ تفكيرٍ ليخلص إلى أنّ أغلب الأسماء التي تحضر في أذهاننا عندما نفكّر في عصور الأدب، بل وحتى في عصور الفلسفة والعلوم الإنسانية والفنون، هي أسماء كُتّابٍ من الرِّجال.

أمرٌ بتنا نعرف اليوم، بعد عقودٍ من النقد والنضال النسائيّين، أنه لا ينتمي إلى حتمية أو جوهرٍ طبيعي بقدر ما هو نتيجةٌ لثقافة وتربية ــ مشتركتين بين بقاع المعمورة ــ لطالما فضّلتا التعتيم على الاشتغالات الإبداعية النسائية، أو على الأقل عدم الاهتمام بها وإعطائها حقّها.

حضور النساء القليل هذا، أو المُقَلَّل منه، استدعى في العقود الأخيرة نشر العديد من الأعمال، ولا سيّما الأنطولوجيات، التي تسعى إلى الإضاءة على تجارب نسائية منسيّة، وإلى إعادة الحقّ إلى كاتباتٍ (وكذلك مفكّراتٍ وفنّانات) أنتجن أعمالاً أضافت إلى المسيرة الإبداعية والفكرية البشرية، أو كان يمكنها أن تُضيف إليها لو اُعطيت حقّها تماماً.

كتاب "النساء والأدب: تاريخٌ ثقافي"، الذي صدر الجزء الثاني منه أخيراً لدى منشورات "غاليمار" في باريس، ينضوي تحت هذه المساعي، وهو مؤلَّفٌ جماعي أشرفت على تحريره أستاذة اللغة والأدب الفرنسيّين في "جامعة ليل" (شمال)، ويضمّ قراءاتٍ وأبحاثاً ونصوصاً تغطّي اشتغالاتٍ أدبية نسائية باللغة الفرنسية منذ العصر الوسيط حتى قرننا الحالي.

في جزأيه، يتألَّف العمل من أكثر 1600 صفحة، بما يشبه معجماً للحضور النسائي في الأدب الفرانكفوني، وهي لا تحصر فصول المؤلَّف في فضاء اشتغالها بالروايات أو الكتب المنشورة فحسب، إذ تدرس مختلف الإصدارات في الشعر، والمسرح، والفكر، وحتى المراسلات، إضافة إلى المذكّرات والسيَر الذاتية والعديد من المسوّدات غير المنشورة.

غلاف الكتاب

تقدّم أغلب الدراسات صوراً مختلفة تماماً عن الأفكار المسبقة الشائعة حول دور النساء في الكتابة تاريخياً، حيث تُخبرنا باحثةٌ في أدب النهضة مثل إليان فيانّو كيف مثّلت الفترة ما بين نهاية القرن الخامس عشر، والجزء الأول من القرن السادس عشر، مرحلة ازدهار برز فيها اسم العديد من الكاتبات رغم الإرث الاجتماعي والثقافي الصعب الذي كنّ يواجهنه، فيما تسمّي الباحثة جوان دوجان القرن السابع عشر بـ"القرن العظيم للنساء الكاتبات"، واللواتي صارت كتب بعضهنّ تتصدّر واجهات المكتبات.

وإن كان القرن العشرون، ومن بعده، وبدرجة أكبر منه، القرن الحادي والعشرون، قد شهدا بروزاً لأسماء كثير من الكاتبات اللواتي أزلن جزءاً من الظُّلم والتعتيم اللذين تعرّضت لهما نظراؤهنّ في القرون السابقة، فإنّ القرن التاسع عشر يبدو ــ كما نقرأ في مقدّمة الجزء الثاني من الكتاب ــ أقلّ ورديةً مما قد يبدو عليه. فصحيحٌ أنه

القرن الذي شهد ظهور روائياتٍ مؤثّرات مثل جورج ساند (1804 ـ 1876)، إلّا أنه مثّل الفترة التي شهدت أكبر عدد من المنشورات والسخرية ضد الأدب النسائي، كما تشير محرّرة العمل، التي تذكّر بأن "بلاغة التهجُّم" هذه على كلّ ما هو إبداع نسائي، لا تزال مستمرّة، بشكل أو بآخر، حتى يومنا هذا.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي