المسرح العربي المهجري في ميشيغن .. تجارب بحاجة الى متخصصين ودعم مالي

2021-11-06

الكاتب والمسرحي العراقي قاسم ماضي (الأمة برس)

إستبرق عزاوي – ديترويت

على الرغم من الوجود العربي العريق للجالية العربية في ميشيغن الذي يقارب زهاء 100 سنة ونيف ، لم تستطع الجالية العربية ترسيخ مشهد فني مؤثر في حياة الجالية ، بإستثناء عدد من التجارب المسرحية التي تم تقديمها عبر فترات مختلفة من تاريخ وجود تلك الجالية أمريكا - ميشيغن التي تتنوع مشاربها وتوجهاتها الفكرية ، وقد ركزت معظم فئات هذه الجالية على أولويات تتعلق بفرص العمل والالتحاق بالجامعات لغرض مواكبة الواقع الامريكي الذي يغلب عليه الطابع الرأسمالي ، فلم يكن الفن عموما والمسرح والادب بشكل خاص أولوية قصوى لهذه الجالية .

ولكن بعد عقود من العمل أفضت الى إستقرار إقتصادي واجتماعي وتكريس لوجود هذه الجالية بوصفها جزءا ً من المجتمع الامريكي . برزت الحاجة مع مرور الوقت الى تأسيس مشهد ثقافي عربي إغترابي يعبر عن هوية أبناء الجالية العربية بمختلف تلاوينها . وقد شرع أبناء الجالية الى تأسيس المنتديات والأندية الثقافية والفرق المسرحية .

الفرق المسرحية العربية الاغترابية بين الواقع والطموح 

في خضم الحديث عن تاريخ تأسيس الفرق المسرحية لابد من الإشارة الى ما بدأت به الجالية العراقية الكلدانية التي تتمتع بوجود عريق في ديترويت- ميشيغن وكانت السباقة في تأسيس فرق مسرحية إستقطبت الهواة من أبناء الجالية لتقديم عروض مسرحية ، حيث كانت فرقة مسرح الرافدين التي مازالت تمارس نشاطها المسرحي عبر عروض كوميدية ، وفرقة مسرح بغداد وفرقة مسرح اليوم ، ويعد المخرج والمؤلف صلاح كولاتو من أبرز الوجوه التي شاركت في العروض المسرحية التي يمكن وصاها بأنها  عروض جماهيرية كوميدية تحاول تقديم بعض الموضوعات الخاصة بواقع الجالية الكلدانية في ميشيغن وتجدر الاشارة الى أن هذه الفرق حاولت الاستفادة من خبرة الفنان العراقي المغترب قائد النعماني من خلال تكليفه بإخراج بعض العروض المسرحية  .

وفي ذات السياق أسست الجالية اللبنانية التي تعد أقدم جالية عربية في ميشيغن الى جانب الجالية اليمنية أسست فرقة مسرح أجيال التي قدمت عددا من عروضها الكوميدية الشعبية ويعد المخرج ناجي مندلق أبرز المشتغلين فيها .

مؤسسة البيت العربي

شهدت الألفية الثالثة ولادة نواة لمؤسسة ثقافية متكاملة ، وفكانت ولادة البيت العربي الثقافي في ميشيغن الذي كان يترأسه الفنان العراقي د. عبد المطلب السنيد وقد نظمت هذه المؤسسة العديد من الانشطة الثقافية والفنية وقدمت عروضا مسرحية تنوعت في موضوعاتها وركزت في مجملها على التحديات التي تواجه المهاجر العربي في واقع إغترابي جديد يختلف كليا عن واقع بلده الام ، وقد حاول الفنان د. عبد المطلب السنيد تطويع الهواة من أبناء الجالية في عدد من العروض المسرحية لغرض صقل مواهبهم .

مسرح ديني دون مستوى الطموح

ومع إزدياد أعداد الجالية العراقية ولاسيما من العراقيين القادمين من مخيم رفاء السعودي بدأت توجهات تلك الجالية تختلف عن سواها من الجاليات حيث فضلت هذه الجالية إستثمار المناسبات الدينية لتقديم عروض دينية تحاكي تلك المناسبات وقد قدمت عددا من تلك العروض التي قام بإخراجها الفنان ماجد أحمد ولكن ما يؤخذ على هذه العروض أنها ذات بُعد طائفي مؤلدج لا تخدم الخطاب الفني في ظل وجود التعددية في المجتمع العراقي وخاصة بعد العام 2003 عام التغيير في العراق الذي تأمل العراقيون أن دولة المواطنة ستحل محل دولة الحزب الواحد

تجربة فردية مسرحية – المخرج قاسم ماضي نموذجا 

وفي معرض الحديث عن مسيرة المسرح المهجري في أمريكا – ميشيغن لابد من المرور بتجربة الاعلامي والفنان المسرحي قاسم ماضي الذي حاول تقديم عروض مسرحية هادفة غير مؤدلجة عبر تقديم الهم الوطني والانساني وفق رؤى إخراجية معبرة وبأسلوب رمزي ومنهج تجريبي وقد نجح بتقديم عدد من العروض التي لاقت إستحسان الجمهور العربي والعراقي في ديربورن – ميشيغن وكان آخر هذه العروض هو مسرحية (تداعيات وطن ) التي تم تقديمها على خشبة مسرح المتحف العربي الامريكي في ديربورن ، وتمثل الجزء التطبيقي من  مشروع تخرجه لنيل شهادة الماجستير من كلية ( كلية ماري كروف ) في ديترويت.

ويعد هذا الفنان الوحيد الذي إعتمد على إمكاناته الذاتية دون وجود جهة إنتاجية أو جهة داعمة له .

أبرز التحديات التي تواجه الحركة المسرحية المهجرية 

لعل من أبرز التحديات التي تواجه المسرح المهجري هو عدم وجود جهات رسمية أو غير رسمية داعمة من شأنها تأمين تكاليف إنتاج عرض مسرحي متكامل في بلد رأسمالي ، الى جانب إختلاف التوجهات الفكرية لدى كل جالية عربية فالجالية اللبنانية تختلف توجهاتها عن الجالية العراقية والاخيرة تختلف توجهاتها عن الجالية السورية وهكذا بالنسبة لبقية الجالية العربية ولاشك أن هذا الامر قد برز على السطح إبان فترة إندلاع ثورات الربيع العربي فكل جالية تتبنى موقفا يختلف عن الجالية الاخرى وبالتالي يشعر المراقب بأن ثمة حالة إستقطاب فكري طرأت على ذهن المهاجر العربي .

وبما أن المسرح وسيلة من وسائل النهوض المجتمعي والثقافي فلابد من تأمين العناصر الكفيلة بتقديم عروض مسرحية معبرة وذات مضمون عميق بعيدا عن الاسفاف والتهريج . 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي