المصرية إلهام سعدالله تقتحم العقل الباطن بتشكيلات لونية ودرامية

2021-09-27

القاهرة– افتتحت الفنانة المصرية إلهام سعدالله يوم الأحد السادس والعشرين من سبتمبر الجاري أحدث معارضها بعنوان “صندوق الدنيا” وذلك في غاليري ديمي بالزمالك.

وقالتة الفنانة إلهام سعدالله “أقصد بصندوق الدنيا العقل الباطن الذي يعمل على تخزين التجارب والمشاعر والأحاسيس والأفكار وتحويلها إلى طاقة خفية مدهشة وملهمة تقودني إلى حرية التعبير أمام لوحاتي التي لا تأتي أبداً بشكل قصدي”.

 وتضيف “أرى أن هذه الطاقة الملهمة تدفعني إلى التفكير في الأفضل فأشعر بسطح اللوحة وكأنه سيمفونية لونية تتخطى حواجز الزمن الواحد لتجمع الماضي والحاضر وربما خيالات المستقبل في تشكيلات لونية ودرامية تستدعي من المتلقي نسج مفرداتها وعناصرها ورموزها -التي من المؤكد أن عقله الباطن سيلعب دور البطولة في نسجها- لتكوين انطباعه الخاص. في هذه المساحة الملهمة، الثرية بالتفاصيل والأسرار، أتمنى أن نتلاقى”.

تشخيص فكرة الحياة

ويأتي هذا المعرض الذي يستمر حتى التاسع من أكتوبر المقبل بعد معرض الفنانة الأخير في يناير 2021 بعنوان “بحجم المجرة” في غاليري بيكاسو بالزمالك، والذي استمر إلى 10 فبراير.

وضم المعرض عشرين عملا فنيا، أهدتها الفنانة إلى روح ابنتها، حيث قالت “لقد غابت شمسك وأصبح بيني وبينك فراق بحجم المجرة، لكن روحك الجميلة حولت حالة الانكسار إلى بداية حلم جديد، أتحدى به أحزاني وأرسم مشاعري وذكرياتي وخلجات نفسي التي أهديها لك ولأسرتي وأصدقائي”.

تعتبر الفنانة أدواتها التشكيلية وسيلة للتعبير والتعمق في تشخيص فكرة الحياة من منظورها الخاص، لتقدم عملها الفني بشكل مختلف وبصمة مميزة وأسلوب مجرد يحمل الكثير من التعبير الشخصي على غرار ما نجده في معرضها الجديد.

يقول الناقد محسن صالح متحدثا عن الفنانة “حين يقترب الفنان من التاريخ فإنه يقترب منه فى أخذ ورد وفي تفاعل وحوار أساسه الشغف الذى هو الدافع والحافز الحقيقي للفنان مهما كان العمل الفني الذي يبدعه ويخرجه للناس. يشبه في ذلك النحلة التي ترتشف الرحيق وتخرجه لنا شهدًا مصفى. إن أعمال سعدالله من هذ القبيل. إننا أمام لوحات نرى فيها سمات البقاء وصفات السيطرة على وعي وفكر وقلب المشاهد لهذه الأعمال الفنية، نرى في لوحاتها المرأة الأفريقية في سمرتها التي تعكس سمرة النيل وطيبة القلب ورقة الجانب”.

ويضيف “نرى كذلك في التشكيل اللوني بهاء ورونقًا خاصًا، نرى اللون الذهبي وهو اللون الملكي يسيطر على اللوحة وكأني بالفنانة المبدعة تريد منا أن نتفاعل مع تاريخنا الفرعوني الجميل. هذا وﻻننسى في خضم هذه الأعمال الضافية اللوحة المتميزة التي تستدعي أن نقف أمامها لنتمعّن في رونقها”.

ويقر صالح بأن السمة التي تتميز بها الفنانة على تعاقب معارضها هي ذلك التفاعل مع التاريخ ومفردات الحياة، بل نرى التفاعل مع ما يدور داخل عقل المرأة أيضا بعيدا عن القوالب النسوية النمطية؛ مضيفا “إننا هنا أمام ريشة معبرة وفنانة تحلق لتخلق لنا عالمًا جميلا نعيش في أركانه ونحن ﻻ نمل منه أبدًا”.

لم يكن من السهل على النساء إدراك قدراتهن التعبيرية في مجال الفن التشكيلي الذي سيطر عليه الرجال لقرون طويلة من الزمن، وخاصة من عشن في بيئات تنظر إلى المرأة نظرة دونية، وتتشابك فيها الجوانب التشريعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتدفن الموهبة الفنية للمرأة وتحول دون مشاركتها في صناعة تاريخ الفن التشكيلي.

لكن الفنانة إلهام سعدالله نجحت في افتكاك مكانة لها من خلال المزج بين التراث والتجديد والروح النسوية والانفتاح على مدارس فنية متنوعة من باب التجريب، ما خول لها أن تنحت بصمتها الخاصة التي تؤكدها في كل معرض جديد. ويبدو واضحا تأثير الأزمة الصحية وما رافقها من عزلة في أعمال سعدالله، سواء من حيث المواضيع أو من ناحية طريقة تشكيلها أو من خلال الألوان المختارة.

وفي تأملنا لأعمال الفنانة المصرية نتساءل ما الذي يعلّمنا الفن؟ لتكون الإجابة إنه يعلمنا العزلة والانعتاق منها في الآن ذاته، نوع من التناقض الذي لا يمكن الانفلات منه، من حيث أن التناقض ليس عيبا في العالم، بل إنه جزء من عوالم تقدمه وتطوره، إنه حق من حقوق الإنسان كما يخبرنا بودلير، و”إن التناقض الظاهري هو مصدر انفعال المفكر” كما يقول كيركغارد الذي يرى أن “المفكر بلا تناقض أشبه بعاشق بلا شعور”.

ونحن في هذه العزلة الإجبارية، عزلة الكائن الخفي في زمننا المعاصر وألفيتنا الجديدة، نجد أنفسنا إزاء العودة إلى الذات، وهذا ما ترسخه الفنانة في أعماقنا ولو بشكل غير مباشر.

ويذكر أن إلهام سعدالله مهندسة ديكور وفنانة تشكيلية مصرية، تخرجت في كلية الفنون الجميلة – جامعة حلوان، واشتركت في العديد من المعارض الفنية داخل مصر وخارجها.

تعتبر سعدالله أدواتها التشكيلية وسيلة للتعبير والتعمق في تشخيص فكرة الحياة من منظورها الخاص، لتقدم عملها الفني بشكل مختلف وبصمة خاصة وأسلوب مجرد فيه الكثير من التعبير الشخصي.

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي