سفر وسياحةتعليمأحداث وتواريخمدن وأماكنحياةابراج
المتأخرون أقل توترا لأنهم قادرون على التعامل مع الواقع وتقلبات الحياة التي تمنعنا أحيانا من الالتزام بالمواعيد

لا تستنزف نفسك.. المتأخرون عن المواعيد أقل توترا وأكثر سعادة

2021-09-21

التوتر يتسبب في أضرار نفسية، ويُفرز الكورتيزول دون داعٍ، وهو هرمون يستنزف الجسم والذهن يحرص كثيرون على الالتزام بالمواعيد والوصول في الوقت المحدد، أو حتى قبله بقليل، ويرون ذلك دليلا على احترام الذات وتقدير الآخرين. وفي المقابل، من يصل متأخرا في كل مرة يعطي الانطباع بأنه لا يحترم مواعيده.

لكن جميع هؤلاء يؤكدون أنهم لا يفعلون ذلك عن قصد. فماذا يقول علم النفس عن هذه الظاهرة؟

في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (LeFigaro) الفرنسية، تقول الكاتبة أورور إيميليه إن دراسة نُشرت عام 2003 في مجلة "الأداء البشري"، بإشراف جيف كونتي -أستاذ علم النفس في "جامعة ولاية سان دييغو" (San Diego State University)- حاولت الإجابة عن هذا السؤال.

وقد خلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الأكثر عشوائية في حياتهم والأكثر تفاؤلا، والأقل إجهادا وإبداعا، لهم تصور مشوه لمرور الوقت أكثر من غيرهم. وخلال الدراسة، كان على المشاركين انتظار لفترة قصيرة، وبعد دقيقة طُلب منهم تقدير الوقت المنقضي. اقترح الأشخاص الأقل صبرا والأكثر انضباطا متوسط ​​58 ثانية، بينما أجاب الأشخاص الحالمون بـ77 ثانية في المتوسط.

ليس لدينا جميعا نفس مفهوم الوقت، حيث إن إدراكنا للوقت المادي يتأثر بالعديد من العوامل النفسية (غيتي)

كيف تتعامل عقولنا مع الوقت؟
يشرح الفيزيائي إتيان كلاين -المتخصص في الوقت ومؤلف كتاب "الفيزياء وفقا لإتيان كلاين"- أن "عقولنا ذات جودة رديئة"، ويرى أن الشيء الوحيد المؤكد هو أنه ليس لدينا جميعا نفس مفهوم الوقت، حيث إن إدراكنا للوقت المادي الذي يتدفق باستمرار يتأثر بالعديد من العوامل النفسية الخاصة بكل شخص، مثل الأنشطة التي يمارسها والتفاعل مع الآخرين والحالة الذهنية والمشاعر.

على هذا النحو "تبدو الدقيقة وكأنها أبدية عندما لا يكون لدينا ما نفعله أو لا يوجد أحد نتحدث إليه؛ لكن لحظات السعادة الخالصة تنقضي في ثانية".

إذن هل يعني ذلك أن الأشخاص الذين يتأخرون عن المواعيد بشكل دائم لديهم مشكلة في التعامل مع الوقت لأنهم سعداء، أم العكس؟ يعتقد كلاين أنه "يجب أن نكون دائما حذرين من هذا النوع من الاستنتاجات، لأنه من الصعب تحديد مختلف الأسباب والتأثيرات"، حيث يمكننا أيضا أن نكون ملتزمين بالمواعيد دون أن نكون أشخاصا سلبيين.

وفي نوع من الاعتراض على إلحاح الآخرين على ضرورة الالتزام بالمواعيد، يطالب المتأخرون بالحق في أخذ وقتهم. وحسب الكاتبة، فإنهم على حق في ذلك، فالكثير من التوتر يتسبب في أضرار نفسية، ويُفرز الكورتيزول دون داعٍ، وهو هرمون يستنزف الجسم والذهن.

فوائد التأخير
وتلاحظ هيلين ليوييه -الفيلسوفة والمحللة النفسية ومؤلفة كتاب "الثناء على التأخير"- أن "المجتمع يميل إلى إضفاء الطابع المرضي على التأخر عن المواعيد. لم يعد لدينا الحق في أن نتأخر، حتى عن مقاعد المدرسة. هناك جداول زمنية وبرنامج.. احذر من أولئك الذين يحتاجون إلى مزيد من الوقت لتعلم الدرس أو للاستيقاظ في الصباح. عليك أن تكون متقدما على كل شيء، يبدو أن الحياة نفسها عبارة عن سلسلة من الالتزامات التي يجب تنفيذها في الوقت المحدد؛ دراسات، وظيفة أولى، زواج، أطفال، مهنة… كل شيء يتم توقيته اجتماعيا".

وترى ليوييه أن المتأخرين قد أدركوا دون قصد فوائد الاسترخاء والمرونة في الأوقات مثلما كان عليه الأجداد. وبالنسبة لهم، فإن التأخير ليس مرادفا للخطر أو عدم الاحترام. وما لم تكن قد نشأت مع أبوين متوترين يرددان باستمرار "أسرع قليلا، سوف نتأخر"، فإنك قد تكون واثقا من أن هذا السباق المحموم مع الزمن يأتي غالبا بنتائج عكسية.

وتضيف الفيلسوفة الفرنسية أن الوصول متأخرا ليس أمرا جيدا، ولكن السماح لنفسك ببعض المرونة في التعامل مع الوقت أمر مطلوب، أو بعبارة أخرى "أن تعيش وفقا لوتيرتك الخاصة، وأن تستمع إلى رغباتك بدلا من الخضوع الأعمى للضوابط الاجتماعية".

وحسب رأيها، فإن هذه الفئة من الناس "ربما يكونون أقل توترا لأنهم قادرون على التعامل مع الواقع وتقلبات الحياة التي تمنعنا أحيانا من الالتزام بالمواعيد. إنهم لا ينهكون أنفسهم في محاولة السيطرة على ما يفلت منهم، مثل موعد القطار. أما بالنسبة للإبداع فلم لا؟ السماح لنفسك بأن تتأخر يعني أن تعود خطوة للوراء وتعرف كيف تراجع أولوياتك وفقا للموقف الذي تمر به، مثل قضاء الوقت في مواساة الطفل حتى لو كان الجرس قد قرع للتو".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي