صاندي تايمز: قلة في لبنان تعتقد أن حكومة ميقاتي ستحل مشاكلهم وتوقف الجوع والفقر

2021-09-12

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا بعنوان “قلة تعتقد أن الحكومة اللبنانية الجديدة تستطيع وقف انزلاق البلاد نحو الفقر والجوع” وقالت فيه إن الشعب اللبناني يعاني من الأزمة الاقتصادية رغم تحذير البنك الدولي وصندوق الطفولة العالمي (اليونسيف) من كارثة اقتصادية.

فقبل انهيار البلد وعندما توفر الطعام والماء، كانت سيفاني غودليكيان، 32 عاما وهي أم لثلاثة أطفال، معروفة بطريقة صنعها للملوخية أما اليوم فهي عادة ما تغلي علبة من المعكرونة وتقسمها بينها وأولادها الثلاثة وأحيانا يتناولونها على مدى يومين لو لم يكن هناك ما يكفي للأيام المقبلة. وتقول “نأكل ما هو متوفر وحتى لو شعرنا بالجوع فهذا ما لدينا”، ولهذا فليس لدى غودليكيان أي أمل من تشكيل الحكومة الجديدة يوم الجمعة، وهي الأولى منذ عام ولن تكون قادرة على تغير المحنة التي يمر بها البلد.

وعائلتها هي من بين ملايين العائلات اللبنانية التي تعاني الفقر والجوع وسط أكثر الانهيارات الاجتماعية والاقتصادية المدهشة والتي تمر على التاريخ الحديث. وهي أزمة ناجمة عن الانهيار المالي والاقتراض المفرط من النخبة الحاكمة المعروفة بعقمها وفسادها.

فقبل عامين كان لبنان يعد بلدا متوسط الدخل معروفا بحفلاته وجامعاته الجيدة ونظامه المصرفي الآمن. وفيه جيل بعيد عن ويلات الحرب الأهلية وعاصمة تحولت إلى ملاذ للأعراف الليبرالية والإسراف في منطقة مضطربة. وربع سكانه يعيشون تحت خط الفقر، لكن التحول عن هذا الوضع كان سريعا ومدمرا.

وفي هذا الصيف قالت (يونيسيف) إن 77%  أي 2.5 مليون، من العائلات اللبنانية لا تجد الطعام الكافي ولا يحصلون على المياه الصالح للشرب، ويذهب واحد من كل ثلاثة أطفال إلى النوم على أمعدة خاوية. وخسرت العملة اللبنانية في هذين العامين نسبة 90% من قيمتها أمام الدولار، وهو ما أدى لضياع التوفير، ويضاف إلى هذا أزمة الوقود التي تعني حصول اللبنانيين على ساعات قليلة من الطاقة الكهربائية والمياه في اليوم.

وتشاهد طوابير الوقود وهي تمتد على أميال، وفي كل يوم تنتشر قصص عن مشاجرات وإطلاق نيران البنادق تعبيرا عن الإحباط.  وتم إطفاء الكثير من إشارات المرور في العاصمة، مما حول عملية قطع الشارع إلى مغامرة. وأصبحت مناطق السهر والحفلات التي لا تبعد عن الميناء والمدمرة بشكل واسع بعد الانفجار الكبير العام الماضي، مظلمة ولا يسمع منها إلا صوت الموسيقى الذي يندلع بين الفنية والأخرى من خلال الظلام.

وتكافح المستشفيات لتوفير الطاقة الكهربائية لوحدات العناية الفائقة. ويقضي أقارب المرضى يومهم وهم يتجولون بين الصيدليات للحصول على الدواء المطلوب. وزادت حالات التسمم في الصيف نظرا لعدم عمل الثلاجات في المطاعم. ومثل الغالبية في لبنان تلوم غودليكيان النخبة السياسية التي تسيطر على البلاد والمليارديرات وأمراء الحرب السابقين على ما يجري للبلد وانزلاقه نحو الكارثة.

ومنذ استقالة رئيس الوزراء في 2020 شهدت البلاد حالة من الشلل السياسي وهو ما عرقل الجهود لحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، وهي أزمة ذكر البنك الدولي في أيار/ مايو أنها قد تكو من أسوأ ثلاث أزمات مرت على العالم منذ 150 عاما وبعد أزمة إسبانيا في الثلاثينات من القرن الماضي وتشيلي في العشرينات.

وبعد انسداد في الأفق السياسي امتد على 13 شهرا أعلن عن حكومة جديدة برئاسة الميلياردير نجيب ميقاتي، والذي شغل المنصب مرتين في الماضي. وقال “الوضع صعب وكلنا يعرف هذا” و”لكنه ليس مستحيلا لو وقفنا جميعا كلبنانيين”.

ومع ذلك تشك غودليكيان مثل الكثيرين، في أن يؤدي تشكيل الحكومة التي يقودها أغنى رجل في البلد، إلى تغير في وضع البلاد. وقالت “ليس لدي أمل في تغير الوضع للأحسن، وهي نفس الأحزاب السياسية التي نهبت البلد بعدد قليل من الوجوه الجديدة” و”كل ما آمله ألا يتدهور الوضع للأسوأ”. وأولادها هم ما بين 14 و12 و13 وتبدو نحيفة وخداها غائران وتشعر بالجوع طوال الوقت وتعطي كل ما لديها لأطفالها.

نجيب ميقاتي

وتقول يوكي موكو، ممثلة “يونيسيف” في لبنان إنها شاهدت حالات من فقر التغذية لدى الأطفال في لبنان، بين اللاجئين السوريين والفلسطينيين وكذا العائلات اللبنانية. وبدون مساعدات من الحكومة تعتمد العائلات على وجبات طعام غير منتظمة من الأقارب والجمعيات الخيرية. وقالت غودليكيان التي تعيش في مناطق فقيرة إنها لم تتلق أي دعم من الكنيسة الأرمينية. وقالت “تساعدني عائلتي وأحيانا أحصل على علب أغذية من الجمعيات الخيرية” و”نحصل على الأرز والعدس والمعكرونة والفاصوليا عندما تكون متوفرة. وأحيانا يحضر لي أخي بعض الفواكه والخضراوات لو استطاع البيع في محله، لكنها لا تكفي”.

وفي أثناء المقابلة أطفئ الضوء في الشقة المرتبة حيث لا تحصل العائلة إلا على ساعتين من الكهرباء في اليوم وتضاف إليهما ثلاث ساعات من مولد. ونظرا لعدم وصول الماء بشكل منتظم فقد خففت العائلة من الحمام وغسيل الثياب. وفي الحي الذي تعيش الكل يعاني.

وبعيدا عن شقة غودليكيان، مايا يوسف، 25 التي تعاني من ألم في المعدة ونائمة على السرير بعد ولادتها في المستشفى، حيث ظل ابنها في الحاضنة نظرا لولادته المبكرة وعادت إلى البيت لرعاية ولديها الآخرين. وقالت “الجوع ليس مشكلة لنا ولكنه مشكلة للأطفال”. وأخبرت العائلة أن أجر الشقة سيزيد الضعف نظرا لانهيار قيمة العملة، وقال والدا زوجها اللذان يعيشان في شقة قريبة إنهما سيضطران لتركها.

وبالنسبة لهما وللعائلات التي تعيش على حافة الجوع هناك خوف دائم من المرض، فالمستشفيات مكتظة وتعتمد أحيانا على السوق السوداء لتوفير الطاقة لغرف العناية الفائقة. ولا تتوفر في الصيدليات الأدوية الأساسية مثل المسكنات وحبوب ضغط الدم المرتفع ولا تتوفر أبدا الأدوية لعلاج الانفصام في الشخصية واكتئاب ثنائي القطبية.

وقال صاحب صيدلية في بيروت “لدينا نقص في كل شيء”. ووسط الفوضى غادر من لديه الوسيلة والمال البلد أما العائلات الفقيرة وبدون صلات في الخارج فالخيار هو المخاطرة وركوب قارب نحو قبرص.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي