أفغانستان وميانمار وكوريا الشمالية.. أوراق الصين لمواجهة الغرب

2021-09-08

أشار تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى الأزمات التي تعاني منها ثلاث دول على حدود الصين، ستحدد هوية بكين كقوة عالمية بدأت تظهر بقوة على مسرح الأحداث عالميا.

وأوضح المؤرخ البورمي المشهور، ثانت مينت يو، أن مراقبي الصين في الغرب، ولسنوات عديدة، كانوا يبحثون عن أدلة بشأن كيفية ممارسة الصين كقوة صاعدة وتأثيرها على العالم من خلال نفوذها في أفريقيا أو علاقاتها مع الولايات المتحدة، لافتا إلى أن الطريقة التي ستتعامل بها بكين مع الأوضاع في أفغانستان وميانمار وكوريا الشمالية  ستقدم صورة أوضح عن مدى قوتها وتأثيرها.

وأضاف: "لقد رأينا النهج الغربي تجاه الدول الفاشلة والذي يتمثل بضرورة وجود الانتخابات والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لكننا لا نعرف حقًا ما الذي ستفعله الصين، التي كانت مترددة في العقود الأخيرة في تصدير نموذج التنمية الخاص بها".

"نهج حذر"

وحتى الآن، كان نهج الصين حذرًا وتقليديًا فيما يتعلق بأفغانستان، إذ حثت المجتمع الدولي على "توجيه" طالبان بشكل فعال وإيجابي، بينما عرضت مشاريع تنمية اقتصادية على ميانمار بعد أن نجحت في عرقلة صدور قرار عن مجلس الأمن في مارس الماضي يدين الانقلاب الذي وقع في ذلك البلد الآسيوي .

وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، تعهد البلدان في يوليو الماضي بتعزيز أواصر الصداقة التعاون بينهما بالتزامن مع الذكرى الستين لتوقيع معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة بين النظامين الشيوعيين.

وبحسب مراقبين فإن نفوذ بكين في هذه البلدان الثلاثة مختلف جدا في طبيعته، فعلى عكس أفغانستان، التي تشترك معها الصين في حدود صغيرة، فإن المناطق الحدودية مع كوريا الشمالية وميانمار لها تاريخ طويل من التفاعل.

وفي هذا السياق يقول، مينت يو، وهو مؤلف كتاب "التاريخ الخفي لبورما": "في ميانمار، السلطات مقتنعة بأنه لا يوجد قوة كبيرة أخرى (غير الصين) تستطيع أن تساعدهم في الإمساك بزمام الأمور".

وتوافق الباحثة، يون صن، التي تدير برنامج الصين في مركز أبحاث مركز ستيمسون، على ذلك الرأي، مؤكدة على أن الهم الرئيسي للصين هو أمن حدودها ثم  يلي ذلك أزمة لاجئين محتملة، مستشهدة بما حدث في العام 2009 حيث أدت الاشتباكات الدموية في منطقة كوكانغ في ميانمار إلى تدفق ما يصل إلى 30 ألف لاجئ إلى الصين.

وأردفت: "بكين ستراقب هذا الأمر عن كثب في الأشهر المقبلة لاسيما إذا استمرت الأوضاع في التدهور في البلدان الثلاثة".

ففي حالة أفغانستان، لا تزال بكين تناقش إلى أي مدى ينبغي أن تتعاون بفعالية مع حركة طالبان، وفي هذا الشأن يقول، تشو يونغبياو، مدير مركز البحوث الأفغانية بجامعة لانتشو "لا أعتقد على المدى القريب أن بكين ستقيم علاقات دبلوماسية  مع تلك الحركة".

والصين ستواجه عاجلاً أم آجلاً معضلات دبلوماسية مع أفغانستان في الأشهر والسنوات المقبلة، كما يقول رافايلو بانتوتشي، الزميل الأول في مدرسة إس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، الذي أضاف: "شئنا أم أبينا ، فإن ثقل بكين الاقتصادي والسياسي سيوجه البوصلة بشكل طبيعي نحو مصالحها ولكنها لا تزال حذرة في حساباتها ورهاناتها".

"صراع العروش"

وقال إنزي هان من جامعة هونغ كونغ، في تلخيص وجهة نظر بكين بشأن تدخل واشنطن العسكري في الصراعات العالمية إن الصين تريد  أن "ترى الولايات المتحدة تتورط في أفغانستان مرة أخرى، ولكن وحتى في أسوأ السيناريوهات  من غير المرجح أن نشاهد قوات صينية في تلك البلاد".

وفي حالة ميانمار، فإن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد تتحالف مع الأزمات السياسية لجعل ذلك البلد من الدول الفاشلة، وبالتالي تعتقد الصين أنه لا يوجد الكثير مما يمكنها فعله لمنع ذلك، ولكنها ستعمل على إيجاد "طرق لتحويل الأزمة إلى فرصة"، وفقا لكلام إنزي هان.

ويخلص بعض الخبراء إلى أن عقيدة السياسة الخارجية البراغماتية لبكين لن تتغير في أي وقت قريب، وأنها قد تستغل الوضع في ميانمار لتحويلها إلى "جسر خاص" للمحيط الهادئ، وأن استجابتها للأحداث في تلك الدول الثلاث الفاشلة سوف تحدد هويتها الجديدة كلاعب عالمي

ولكن من وجهة نظر بكين، يمكن أن يكون مثل هذا النهج له أيضا أصوله الاستراتيجية، فهي كما تقول صن: " مثل لعبة العروش: الأنظمة تأتي وتذهب، لكن الصين (البلد الجار) باقية هناك إلى الأبد، وإذا أراد الغرب التأثير على هذه البلدان ، فعليهم المرور عبر بكين، فتلك الدول هي أوراق الصين في هذه الديناميكيات المتغيرة مع الغرب".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي