"ليس على طريقة صدام أو القذافي".. سر تمسك كيم جونغ أون بالأسلحة النووية

2021-09-04

كشف تقرير لمجلة "فورين أفيرز" أن لكوريا الشمالية "ما يكفي من المواد الإنشطارية لبناء ست قنابل إضافية على الأقل كل عام"، وهو ما يشكل تهديدا للعالم بأسره وللولايات المتحدة على وجه التحديد.

تقول المجلة، في تقرير نشر الجمعة، إن كوريا الشمالية تمتلك بالفعل صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة، لكن "من المستحيل أن نعرف على وجه اليقين ما إذا كانت قد توصلت إلى وضع رأس حربي نووي فوق تلك الصواريخ، لكن الأدلة المتاحة تشير إلى ذلك".

وتعود أول تجربة نووية لكوريا الشمالية لـ 15 عاما، وهي الآن "نجحت" في جمع ما يصل إلى 60 رأسا نوويا " بحسب التقرير.

الخطوة التالية

المجلة رجحت أن تنتقل كوريا الشمالية إلى الخطوة التالية وهي وضع رؤوس حربية متعددة على صاروخ واحد، مما سيسمح لها بإحباط الدفاعات الصاروخية الأميركية.

وقالت: "ما كان في يوم من الأيام محض افتراض سرعان ما أصبح احتمالًا حقيقيًا".

ولا يزال من غير المرجح أن تشن كوريا الشمالية هجومًا نوويًا على الولايات المتحدة، لعلمها أنها ستواجه انتقاما مدمرا، لكن نظام كوريا الشمالية عندما يتمتع بقدرات نووية متنامية قد يلجأ إلى سلوك متهور، مثل الضربات التقليدية أو المؤامرات الإرهابية أو الهجمات الإلكترونية، يقول التقرير.

وقد تفقد اليابان وكوريا الجنوبي، بدورهما، الثقة في المظلة النووية للولايات المتحدة، وتشعران بضرورة استخدام أسلحتهما النووية، مما يؤدي إلى سباق تسلح نووي مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

علاوة على ذلك، يرى التقرير بأن زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون،  ينظر لبرامجه النووية والصاروخية على أنها توفر درجة معينة من الحماية لسوء سلوكه،  بينما قد يميل نظامه الذي يعاني من ضائقة مالية إلى بيع أسلحة أو مواد أو خبرات نووية إلى دول أخرى وجهات فاعلة غير حكومية.

يُذكر أنه سبق وأن ساعدت كوريا الشمالية في بناء مفاعل نووي في سوريا، وباعت صواريخ لإيران وميانمار ودول أخرى.

طريق الحصول على القنبلة

على الرغم من كونها فقيرة ومعزولة، سعت كوريا الشمالية للحصول على أسلحة نووية بلا هوادة في ظل إدانات دولية متزايدة.

تعود تطلعات الدولة النووية إلى الخمسينيات من القرن الماضي، عندما اكتسب العلماء الكوريون الشماليون لأول مرة الخبرة النووية الأساسية بمساعدة سوفياتية.

وعلى مدار العقود التالية، استمر النظام في تكديس التقنيات النووية الحساسة، وفي الثمانينيات، بنى أول مفاعل نووي في يونغبيون.

في عام 1985، وقعت كوريا الشمالية على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لكنها فعلت ذلك تحت الضغط السوفيتي، وليس عن قناعة حقيقية.

بعد ذلك بوقت قصير، بدأت في الخفاء بإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك لاستخراج البلوتونيوم لاستخدامه في الأسلحة النووية.

سنوات من البحث الإضافي والتخصيب بلغت ذروتها في أول تجربة نووية للبلاد في أكتوبر 2006، ثم وتبع ذلك خمسة اختبارات أخرى.

لماذا تتمسك عائلة كيم بالقنبلة النووية؟

عائلة كيم التي حكمت البلاد دون انقطاع منذ عام 1948، لا تريد أن تمضي في طريق الرئيس العراقي السابق صدام حسين أو الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، طريق الصدام المباشر، حسب ما يرى تقرير فورين أفيرز.

العائلة والقادة في بيونغ يانغ مقتنعون بأنه لن يجرؤ أحد، ولا حتى قوة عظمى مثل الولايات المتحدة، على مهاجمة دولة مسلحة بالسلاح النووي أو حتى تقويضها بشكل خطير.

وفي الداخل، تضفي الأسلحة النووية درجة من الشرعية على النظام والعائلة على وجه الخصوص، "إنها نقطة فخر وطني" يقول التقرير، فهي تبرر الحرمان الذي يعاني منه المواطنون العاديون لدعم الدولة وجيشها.

لذلك، من غير المرجح أن يتخلى النظام والعائلة عن تلك الورقة الرابحة، بغض النظر عن التنازلات السياسية أو الاقتصادية التي يقدمها في المقابل.

 

مؤشرات سلبية

أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن كوريا الشمالية قد تكون أعادت تشغيل مفاعل ينتج البلوتونيوم في مجمع يونغبيون النووي، معربة عن قلقها بهذا الخصوص.

وقالت الوكالة في تقريرها السنوي "منذ مطلع يوليو ثمة مؤشرات لا سيما تصريف مياه تبريد، ما يتماشى مع تشغيل المفاعل".

وأوضح تقرير فورين أفيرز  أن المفاعل في يونغبيون يبدو متوقفا منذ مطلع ديسمبر 2018.

وقد تؤشر إعادة العمل بهذا المفاعل البالغة قدرته 5 ميغاوت إلى أن بيونغ يانغ تواصل برنامج التطوير النووي منتهكة بذلك قرارات مجلس الأمن الدولي.

وكان مصير هذا المجمع النووي إحدى نقاط الخلاف في القمة الثانية بين الزعيم الكوري الشمالي كين جونغ أون والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي آلت إلى الفشل في 2019 في هانوي.

وكانت كوريا الشمالية اقترحت تفكيك جزء من مجمع يونغبيون دون منشآتها النووية الأخرى في مقابل رفع "جزئي" للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، إلا أن واشنطن رفضت العرض وتوقفت إثر ذلك المفاوضات بين البلدين.

شبهات

يخضع النظام الكوري الشمالي لعقوبات دولية عدة بسبب برامجه العسكرية لا سيما النووية المحظورة منها، وقد عرفت هذه البرامج تطورا كبيرا في عهد كيم جونغ أون.

وطرد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية من كوريا الشمالية في العام 2009 ومنذ ذلك الحين تراقب الوكالة نشاطات كوريا الشمالية من الخارج.

وتأتي الشبهات حول إعادة تشغيل المفاعل بعد معلومات حديثة مفادها أن بيونغ يانغ تستخدم أيضا مختبرا يقع قرب المجمع لفصل البلوتونيوم من الوقود المستخدم الذي مصدره المفاعل.

وقالت الوكالة إن المؤشرات إلى تشغيل المفاعل والمختبر "مثيرة جدا للقلق" مضيفة أن هذه النشاطات تشكل "انتهاكا واضحا" لقرارات الأمم المتحدة.

الرئيس الأمريكي جو بايدن

كيف سيستجيب بايدن للأزمة القادمة؟

يرى تقرير  "فورين أفيرز" أنه يجب أن تظل الضربة العسكرية الوقائية محظورة في خيارات واشنطن، فإذا كان هذا الخيار محفوفًا بالمخاطر ومكلفًا للغاية في عام 1994، فهو "وأكثر من ذلك اليوم" وفق تعبير التقرير.

ويُعتقد أن العديد من الرؤوس الحربية النووية والصواريخ التي تملكها كوريا الشمالية مخبأة في منشآت سرية ومدفونة في مخابئ غير قابلة للاختراق؛ يمكن تحريك بعضها بسهولة.

ومن غير المرجح أن تقضي الضربات الجوية على هذه القدرات بضربة واحدة، ما يعني أن كيم يمكنه الانتقام بضربة نووية.

الدبلوماسية

يقول التقرير إن الدبلوماسية هي الخيار الأفضل، لكنها ليست مؤكدة النتائج ولا يرجح بموجبها نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية.

ويرى ذات التقرير بأن بيونغ يانغ، قد توافق على اتفاق تجميد نووي مؤقت يحد من قدرات أسلحتها النووية لفترة معينة، لكن التاريخ يشير إلى أن المفاوضات ستفشل في نهاية المطاف بشأن مسألة التحقق.

التقرير أشار إلى أن عدم رغبة بيونغ يانغ في التخلي عن برامجها النووية هي كونها ورقة مفاوضات.

وبدلاً من تقديم تنازلات وعدم الحصول على شيء في المقابل، ينصح التحليل بايدن أن يتصالح مع حقيقتين أساسيتين.

أولاً، لن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية طالما ظل نظامها الشمولي في السلطة.

ثانيًا، تغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة، على الأقل في المدى القصير، ليس خيارًا.

لذلك أفضل رهان لبايدن هو احتواء التهديد ثم العمل على إضعاف قبضة النظام تدريجياً على السلطة من الأسفل إلى الأعلى.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي