أوريان 21: تخلي الغرب عن المتعاونين.. نسخة جديدة سيئة في مطار كابول

2021-08-26

تحوّل تخلي القوى الغربية عن المتعاونين الأفغان إلى مأساة في أغسطس/آب 2021 في مطار كابل، بعد أن تبخرت القوات الأفغانية الموالية للغرب فجأة وأصبحت المعابر الحدودية في يد طالبان، فوجد عشرات الآلاف من العاملين في جيوش الناتو والإدارات المحتلة أنفسهم تحت رحمة الأحداث.

وقال موقع أوريان 21 (orientxxi) الفرنسي إن مشاهد مطار كابل تذكّر بعام 1975، عندما تخلت الولايات المتحدة عن مئات الآلاف من مؤيدي الوجود الأميركي ونظام فيتنام الجنوبية، وتركتهم لمواجهة القمع في فيتنام الجديدة الموالية للاتحاد السوفياتي.

وليس هذا التخلي اليوم مجرد إعادة إصدار لعام 1975، بل هو أيضا -كما كتب المؤرخ سيمون بيير للموقع- مشابه لما حدث للمتعاونين الجزائريين الذين تخلت عنهم فرنسا صيف عام 1962، في الوقت الذي أعيد فيه مئات الآلاف من الفرنسيين إلى وطنهم بشكل عاجل.

وأشار الكاتب إلى أن إدارة مطار كابل -بعد سيطرة طالبان على المدينة- لم تكن مختلفة عن الأمثلة المخزية المذكورة آنفا، إلا أن الفرق هو أن مقاتلي حركة طالبان لا يظهرون أي عداء للجيش الأميركي الذي ما زال يحتل المطار الدولي للبلاد وينظم بهدوء عملية الإجلاء.

تمييز مؤسسي

ويقول الموقع إن واشنطن كلفت جيشها بمهمة منع دخول الأفغان الذين كانوا قبل أيام معدودة يعملون معها، وذلك في نفس الوقت الذي تعمل فيه طالبان من جهتها على منع الناس من الوصول إلى المطار.

وقال الكاتب إن هناك تمييزا مؤسسيا، حيث إن المتعاونين الأفغان الذين خاطروا بحياتهم والمعرضين للخطر أكثر من غيرهم لا يمكن إجلاؤهم، لأنه لم يُسمح -بحسب البروتوكول الرسمي للجيش الأميركي- للطائرات المروحية الأميركية التي كانت تصل إلى المطار ببساطة، بحمل أي شخص ليس من مواطني دول الناتو.

وأشار إلى أن الجيش الأميركي دافع عن المطار بذريعة منع النهب، وأطلق الرصاص لتحذير جموع المتعاونين مع الغرب الذين يحاولون دخول المطار، كما أعلنت حكومة الولايات المتحدة عن إرسال تعزيزات إضافية لتأمين المطار في بلد يديره الآن أعداؤها بالأمس.

وقال الكاتب إن إطلاق النار التحذيري ضد المتعاونين السابقين مع الجيوش الغربية خلّف عدة قتلى، كما قرر طيار إحدى الرحلات المغادرة الإقلاع دون أي اعتبار لآلاف الناس المتشبثين بطائرته فوق المدرج. وقد تسبب ذلك في قتل عدة أشخاص ربما سقطوا من طائرات مختلفة، وعلق بأن هذه الجريمة التي تتجاوز وصف القتل بسبب الإهمال، تم التغاضي عنها بشكل شبه كامل في وسائل الإعلام الغربية.

وأوضح أنه في حين تم توثيق خروج الولايات المتحدة من سايغون عام 1975 بشكل جيد، فإن الشهود الذين صوروا الانتهاكات العسكرية الأميركية في مطار كابل هذا العام، قد تعرضت هواتفهم للمصادرة والتحطيم بوحشية على الأرض، أو أُجبروا على محو اللقطات التي التقطوها.

نفس الظلم والخيانة

ويقارن الكاتب بين أحداث سايغون والخروج الفرنسي من الجزائر وأحداث مطار كابل التي تتكشف مشاهدها الآن من جهة، وبين فيلم فرانك كابرا "الأفق الضائع" (Lost Horizon) الذي تخيل فيه وجود القنصل البريطاني المحلي وسط حشد ضخم من الصينيين الذين يريدون الهروب مع وصول قوات ماو تسي تونغ إلى مدينة وهمية، وهو مكلف بإجلاء الأوروبيين فقط، قبل أن يأتي شرير محلي يحاول ضرب القنصل للاستيلاء على الطائرة.

وبعد المقارنة يتساءل الكاتب باستنكار: "كيف يمكننا -بعد أكثر من 80 عاما- أن نكون ما زلنا في هذه المرحلة من الظلم والخيانة؟ نفرض وجودنا وحضارتنا، ونقدم وعودا بالتقدم الاجتماعي والإثراء الاقتصادي، ثم نذهب بجبن تاركين وراءنا كل من خدموا في هذا المشروع؟".

وخلص الكاتب إلى أنه ربما يتحول المتعاونون مع الغرب بين عشية وضحاها إلى مهاجرين غير نظاميين، ويتم التخلي عنهم بحجة أن هؤلاء محكوم عليهم بالفساد والضعف وعدم الكفاءة، وهكذا يتم إعدام الوكلاء عندما لا تحتاجهم، "فهل سنسمع قريبا في وسائل الإعلام أن هؤلاء المتعاونين كانوا جميعا مجرمي حرب وفاسدين؟ يبدو أن ذلك قد بدأ".

ويقول إن الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذه القضية هو أنه اعتبارا من يوم الاثنين 16 أغسطس/آب، تم تكليف طالبان بتنظيم تدفق الناس نحو طريق المطار، ثم عهد إليهم التحكم بأبواب المطار، لذلك أصبح الأعداء القدامى متعاونين، وصار عناصر طالبان الآن هم المسؤولين عن تحطيم هواتف من تسول له تصوير الوضع في المطار.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي